قدم الأستاذ محمد المسباح مختارات من الأعمال الغنائية التي تعد أرشيف الكويت الغنائي في القرن العشرين في سهرة سجلت لصالح "صوت الخليج"، وإعادة تسجيل هذه الأعمال تعد حدثاً بقدر ما أنها تعبر عن مسيرة تمكن من ترسيخها المسباح بكل جدارة. هنا قراءة لها في حلقة رابعة. هناك سمرات أقل كلفة وعدداً تجري بين الأصدقاء، ربما بشكل أسبوعي وأكثر، وقد تقام بسرية تامة على العكس من السمرات الكبرى، ولا حتى دور البحارة نفسها المقتصرة عليهم، ومثيلها الديوانيات سواء لأبناء البيوت الموسرة أو للأثرياء من التجار. ويعد المروّس (آلة المرواس: طبل صغير مخصوص لفن الصوت) فاضل مقامس، وهو بيت تجاري كويتي، أحد أفضل من يقدمون شهادة عن تلك الدور المخصصة لأداء الفنون لكونه امتلك أكثر من بيت وهو من الموسرين والهاوين بالإضافة إلى مزاولته للضرب الإيقاعي على آلة المرواس إذ تملك أكثر من بيت في أحياء يقل سكانها ويضطر لتغيير الدار كلما اكتظ الحي، فتنقل من براحة بن حسين إلى الصوابر حتى فنيطيس بين الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين (الغريب، 1999، 44-45). ويعرف لكبار الفنانين في الخليج دور خاصة، لمزاولة هذه الفنون كما يمكن أن تكون مكاناً للتعليم والتدريب غير المباشرين للهواة والمحترفين، مثل ديوانية دخينة لعبدالله الفرج، ودار البصرة بن فارس ودار خالد البكر بين القرن التاسع عشر والعشرين (الواصل، 2006، 128). ولعل رقصة الزفن التي تلزم مشاركة زوج من الراقصين (شابان غالباً) لموحية بالكثير ليس بخطوات الرقص بقيادة الإيقاع بل حتى في التحكم بالجسد وهز أطراف عن سواها وحركات الالتفاف غير المكتمل والقفز والإقبال جرياً على العازف الذي يختم تقاسيمه مطيلاً في نهاية أداء فن الصوت تبعاً لرغبة هذين الراقصين. إن فن الصوت يعبر عن كونه قالباً قولياً وأدائياً وحركياً يتضمن جنس القول – المكون الأدبي - الكلامي أجناساً من النصوص (الفصيح والنبطي والحميني)، والأدائي الذي يتضمن المكون النغمي بما فيه الصوتي البشري والآلي (الاستماع والتحريرة والموال والصوت والختم والتوشيحة)، والإيقاع (العربي والشامي والخيالي) والحركي (الزفن - الرقص، الشربكة والبيذاني - التصفيق..).