"صناعة الفكرة التلفزيونية ومهارات معدّ البرامج" عنوان جاذب ومحرض خصوصاً لمن يعمل في الحقل الإعلامي والتلفزيوني بشكل خاص، فإعداد البرامج هي من الوظائف المهمة في الشبكات التلفزيونية بل إنها الأساس الذي تبنى عليه بقية العناصر في التلفزيون كالتقديم والإخراج والتصوير والمونتاج والتي تتظافر مع بعضها البعض وتحوّل النص المدوّن على الورق إلى واقع مرئي. ولعل هذا ما جعل الورشة التي نظمها النادي الأدبي بالرياض مؤخراً تحتشد بعدد لا بأس به من العاملين في البرامج التلفزيونية على اختلاف مضامينها وتصنيفاتها وهو ما يحسب للنادي الأدبي أن تبنى مثل هذه الورشة المهمة والمتخصصة والتي لا غنى عنها لمن يعمل في التلفاز الذي يشهد تنافساً محموماً مع القنوات العربية الأخرى ذات الإمكانات الضخمة والتي وظفتها في تقديم عمل احترافي لافت. ولكن هل كانت الورشة بمستوى الطموح هذا ما يستحق الوقوف عنده ولو بشكل سريع؟ فمقدم الورشة ومعدها ابراهيم الشوامين -رغم اجتهاده وحماسه الكبيرين- في تقديم ورقة عمل تلبي التطلعات لم يوفق في عرضه ربما لأنها المرة الأولى التي يقدم فيها ورشة عمل رغم اتكائه – حسب ما أظهر حديثه في الورشة - على عدد من البرامج التي قدمها للتلفزيون وفي مواقع اليوتيوب. فالورشة في يومها الأول ومن خلال استهلاله لها لم يظهر مما طرح بذل الجهد الكافي للإعداد فشرائح العرض –على قلتها- كانت شرائح ذات إصدار قديم فضلاً عن الصياغة الضعيفة للفقرات والأفكار التي لم تكن واضحة ومؤدية للمعنى بشكل جيد خلاف التكرار والعمومية في الجمل التي يسردها وهو ما يؤكد ضعف الإعداد للمادة وضعف التأهيل والتزود الكافي من الثقافة التلفزيونية خصوصاً في تخصص إبداعي هو خليط من الموهبة والمعرفة والثقافة العميقة أو التي يفترض أن تكون كذلك. ومما يؤخذ على معد الورشة دخوله مباشرة في التطبيق العملي الذي كان يفترض أن يسبقه الجانب النظري الذي كان فقيراً جداً فلم يورد خلال الورشة تعريف معد البرامج أو سماته والاشتراطات التي يجب توافرها فيه فضلاً عن الإشارة للمعايير الأخلاقية كالصدق والموضوعية والتشريعات الإعلامية وغيرها، فمقدم الورشة "الشوامين" كان حديثه خلوا من أي تعريف علمي مقنع بل كان مجرد حديث بسيط جداً لا تستشف منه طرحا علميا يضيف ويثري ليضيع الوقت المخصص للورشة في يومها الأول في الأسئلة من الحضور واستشهاداته الكثيرة بالبرامج التي أعدها دون أن يظفر حاضر الدورة بمادة علمية تضيف له ما يثريه في عمله الإعلامي الذي هو مزيج من الموهبة والثقافة والمعرفة العلمية المتخصصة. الورشة في يومها الثاني كانت أكثر ثراءً وقدمت بعض الشرائح المتنوعة وإن لم تسلم من ذات الركاكة في صياغة مضامينها وعدم جاذبيتها. بقي أن نشير إلى أن النادي الأدبي بالرياض يقدر له مبادرته لكن الأمانة تقتضي الإشارة إلى أن دوراتها المقامة عادة ليست بذات المستوى المأمول ما يعني وجوب معالجة النواقص والاستماع للملاحظات فالتكييف لم يكن يعمل في الورشة أما الدورة فلم تكن بذات المستوى المأمول من حيث جاذبية الطرح وثراء المعلومة وعدم تمكن المدرب وعدم وجود حقيبة عمل في الدورة وانتهاءً بتسليم شهادات إنهاء الدورة للبعض وعدم تسليمها للآخر. كما أن الطرافة لم تسلم منها هذه الدورة إذ تفاجأ البعض ببيع العطور على طاولة التسجيل للمشاركين في الدورة قيل إنها تخص أحد الأسر المنتجة، ورغم اتفاقنا جميعاً على دعم مثل هذه المشاريع إلا أن مكانها ليس النادي الأدبي بل إنها لا تتسق مع الرسالة الثقافية المفترضة فمكان مثل هذه المبادرات ليس النادي. في النهاية تبقى هي مجرد ملاحظات تتحرى تجويد العمل وتقديم ما يليق بنا وبوطننا جميعاً من حيث إثراء الثقافة بالمفيد والجديد شريطة الإعداد الجيد وتقديم ما يعكس تطورنا معرفياً وإنسانياً وثقافياً.