يعد مجلس التعاون الخليجي الشعلة التي مازالت تحمل حلم الوحدة ولم الشمل والنواة للوحدة العربية في المشرق والمغرب العربي. وكان إنشاء المجلس في العام 1981م بمثابة الانعتاق من براثن التمزق والتي سادت المنطقة العربية منذ ما يزيد على ستين عاما. وتعتبر تجربة مجلس التعاون الخليجي نقطة الانطلاق الى وحدة اقتصادية وسياسية اوسع كما هي الحال في اتحاد الحديد والصلب الأوروبي عام 1958م والذي قاد مسيرة الوحدة الى الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 دولة. في هذا الاطار يقول استاذ الاقتصاد والمستشار في التطوير والجودة بجامعة الطائف د. خليل عليان مبينا انه من الناحية الاقتصادية تملك دول مجلس التعاون الخليجي امكانات اقتصادية هائلة من نفط وغاز وثروات طبيعية حيث تبلغ مساحة دول مجلس التعاون الخليجي 2411 كم2 وعدد سكانه 47 وسيشارف على الخمسين مليونا في بضع سنوات وناتجه المحلي الاجمالي 1.6 تريليون دولار ويبلغ متوسط دخل الفرد الخليجي 33 الف دولار سنويا وتحتوي دول المجلس الست على 370 مليار م3 من الغاز و469 مليار برميل من النفط والذي يشكل 34% من الاحتياطي العالمي من النفط ويبلغ انتاج دول مجلس التعاون الخليجي ما يزيد على 17.1 مليون برميل يوميا. واشار د.خليل الى انه حققت دول مجلس التعاون الخليجي في العقود الثلاث الماضية عددا من الانجازات الاقتصادية تمثلت في اقرار الاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعان عام 2001م والاتحاد الجمركي عام 2003 وقيام السوق الخليجية المشتركة عام 2008م وانشاء هيئة التقييس الخليجية عام 2008 وتأسيس المجلس النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي عام 2010م تبعه انشاء بنك مركزي مشترك في الرياض والعمل على استكمال الخطوات لاطلاق العملة الخليجية الموحدة التي طال انتظارها وقد سبقها خطوات اقتصادية هامة منها السماح لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي بمزاولة تجارة الجملة والتجزئة وممارسة النشاطات الاقتصادية على الشيوع في دول مجلس التعاون الخليجي ويجري العمل على بحث اصدار تأشيرة موحدة لدول مجلس التعاون الخليجي على غرار اتفاقية شنجن للتأشيرة الموحدة لدول الاتحاد الأوروبي كما قام مجلس التعاون الخليجي باقرار قانون العلامات التجارية الموحدة بين دول مجلس التعاون بالاضافة الى البدء بانشاء شبكة حديدية تربط بين عواصم دول مجلس التعاون الخليجي. وبين انه على الرغم من الانجازات الاقتصادية الكبرى لمجلس التعاون الخليجي إلا أن مجلس التعاون الخليجي ما زال يواجه عددا من التحديات الاقتصادية وعلى رأسها ضعف التنوع في اقتصاديات مجلس التعاون الخليجي لاعتماد معظمها على النفط بما يزيد على 50% من الناتج المحلي الاجمالي والتحول من الاقتصاد التقليدي الى اقتصاد المعرفة والتغلب على مشكلة الاسكان المتفاقمة وضعف مخرجات التعليم وعدم ملاءمتها لاحتياجات اسواق العمل الخليجية وندرة المياه ومشكلة البطالة للشباب الخليجي وتشابه صناعات الدول الخليجية وعدم تكاملها مما يجعلها منافسة لبعضها البعض وعدم وجود رؤى اقتصادية على المستوى الكلي لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي والتي لا تزال تعتمد على خطط التنمية الاقتصادية الخمسية غير المجدية والتي تخلت الدول المتقدمة عنها منذ عشرات السنوات واستبدلتها برؤى اقتصادية مستقبلية وضعف الإنتاجية لعناصر العمل ورأس المال والتكنولوجيا في الاقتصاديات الخليجية بالاضافة لتحدي زيادة استهلاك الطاقة محليا بما يزيد على 8% سنويا بسبب عدم كفاءة استهلاك الطاقة في بلدان مجلس التعاون الخليجي. وقال د.خليل نأمل في السنوات المقبلة أن يتمكن مجلس التعاون الخليجي من إصدار العملة الخليجية الموحدة وتوطين التكنولوجيا والتقنية المتطورة في بلدان المجلس والتغلب على مشكلة ارتفاع تكلفة تحلية المياه عن طريق استخدام الطاقة النووية واللجوء الى الطاقة المتجددة لتقليل استهلاك النفط وايجاد غرفة صناعة وتجارة موحدة لدول المجلس وتحقيق استراتيجيات التحول الى اقتصاد ومجتمع المعرفة بحلول العام 2030م والعمل بتأشيرة موحدة للقادمين لدول مجلس التعاون الخليجي وايجاد رؤى استراتيجية اقتصادية مستقبلية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي وفوق ذلك نأمل تحقق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتحول مجلس التعاون الخليجي الى اتحاد فدرالي او كونفدرالي أسوة بالاتحاد الأوروبي الذي عمل على توحيد 28 دولة اوروبية مختلفة في اللغات والتقاليد وليس ذلك بمستحيل على القادة الخليجيين.