لم أجد عنواناً أقصر يلائم الموضوع ويعطيه حقه من الإشارة رغم تأكيد بعض الأجيال السابقة ممن مارسوا المسؤولية الحياتية والعملية في فترة ما قبل الطفرة الاقتصادية والازدهار المالي الذي واكب أساليب الحياة في المملكة خاصة ودول الخليج، بأنهم يدركون مبادئ الإدارة المالية بالفطرة والتجربة بدون مفاهيم علمية أو مسميات أكاديمية. ومناسبة الحديث قد تكون انتقاد المجتمع الدائم في هذه الفترة من كل عام والشكوى من ارتفاع أسعار مستلزمات الشهر الفضيل، وانتهاز التجار الموسم لرفع أو احتكار الأسعار. وعليه فإن التساؤل إن كان الوقت مناسباً لطرح أهمية الوعي المالي قرب شهر رمضان من عدمه على اعتبار أن الناس لا يمكنهم أن يمارسوا السيطرة الشرائية أو المنتقاة في موسم شهر رمضان والوقت قد لا يكون مناسباً. بينما رؤية أخرى قد تجد في المناسبة تحفيزاً ملهماً يقوم بفرملة سباق المجتمع للنمط الاستهلاكي المعروف عنه كي يتوقف على الأقل لمواجهة إفرازات تلك الظاهرة المهدرة. فهل نحن مجتمع استهلاكي غامر حقاً يشتري أكثر مما يحتاج، وتعد فيه البيوت أكثر مما ستتناوله من أطعمة وترمي بالفائض منه في صناديق النفايات؟ وهل، رغم التأنيب الاجتماعي والديني ما زلنا نشكو ظاهرة الإسراف ولا نحاول إصلاحها؟ ثمة أسئلة كثيرة هنا قد يكون أغلبها موجهاً لربة البيت التي تشرف بشكل مباشر على هذه الجزيئية رغم أن أفراد الأسرة من أبناء وأزواج قد يعانون من اختلاف الأمزجة فيما يميلون له من أطعمة، فتلجأ المرأة الى محاولة إرضاء كل الأطراف بإعداد كل الأصناف المطلوبة! هذا تبرير واقعي رغم عدم منطقيته ولكنه يحدث. المسألة الثانية هي طبيعة إحساس الصائم وما يجعله يشتهي كل الأشياء رغم معرفته بأن هذا مستحيل بالطبع. أما هاجس التنظيم الغذائي وما يصاحبه من سيطرة موازنة فإنه جانب دوماً يغيب، وحينما نسأل أنفسنا عن الأسباب نجد أننا لم نخطط له من قبل ولا نعرف كيف سنصرف من أسبوع لآخر أو حتى ماذا سنعد من طعام- إذا استثنينا اعتياد شراء الطعام الجاهز- ولم نسأل عاملات بيوتنا عما يحبه أبناؤنا أو يفضلونه من طعام. حالات خاصة أو فلنقل قائمة محددة لا تشمل كل الخيارات لأنهم أي الصغار والمراهقين والشباب اعتادوا التنوع الغذائي المفتوح وأغلبه معروف التوجهات. والصراحة بأن فكرة هذه الزاوية جاءت بعد قراءتي خبراً صغيراً في جريدة "الرياض" منذ أيام عن إقامة عدة دورات تأهيلية من قبل جمعية المودة الخيرية للإصلاح الاجتماعي بمحافظة جدة للذكاء المالي في إدارة ميزانية الأسرة بدعم مجموعة دلة البركة..ليس من أجل التوعية المالية بحد ذاتها فقط ولكن لعلاقة ذلك وارتباطه بالعديد من المشكلات الأسرية المتكررة والتي قال عنها رئيس مجلس إدارة الجمعية، من أكثر أسباب الطلاق لأنها تعود إلى نقص الجانب المالي وسوء التدبير الاقتصادي، منوهاً بأن الإسلام طالب بالتوسط في كل أمور الحياة.. المأكل والمشرب والمركب دون إسراف أو تبذير أو بخل أو تقتير.