الشروع في تنفيذ خطط مشروعات النقل العام بالقطارات والحافلات في بعض مدن المملكة الكبرى، يبدو أن آثاره الإيجابية لن تتوقف فقط عند حدود معالجة الازدحامات المرورية، وخفض معدلات استهلاك الوقود، والتقليل من تلوث الهواء الناتج من عوادم السيارات، بل ستتعداه إلى مجالات أخرى لم يكن ليطالها التغيير لو لم تتحول خطط النقل العام إلى مشروعات خاضعة للتنفيذ. من تلك المجالات التي بدأ ينشأ فيها الحراك هو قطاع سيارات الأجرة العامة، الذي أخذت مستويات الاستثمار فيه تنخفض بشكل متواصل، يعكس ذلك عدد لوحات سيارات الأجرة التي تصدر في كل عام، التي تتراجع بصورة تدريجية، وبمعدل انخفاض يقدر متوسطه بحوالي 12% سنوياًً الأمر الذي دفع لجنة النقل بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض إلى محاولة تدارك هذا التراجع خشية فقدان حصتها الاستثمارية في قطاع النقل بوجه عام، وذلك بوضع مقترحات لتطوير نشاط النقل بسيارات الأجرة العامة، التي يشار أنها تشكل في الوقت الحاضر نحو 51% من إجمالي وسائل النقل العاملة في المملكة. مقترحات التطوير التي تطرحها لجنة النقل بالغرفة، تهدف كما نسب لرئيس اللجنة، إلى تحسين مستوى خدمات سيارات الأجرة العامة، وتسهيل عملية الحصول عليها من قبل كافة المستخدمين، حيث تشتمل تلك المقترحات على بعض أوجه التطوير، التي من أبرزها الرفع من مستوى الخدمة للباحثين عنها، الذين يمثلون كما تقول اللجنة نسبة 76% من المجتمع، وذلك على مدار اليوم من خلال توفير محطات خاصة بسيارات الأجرة، تساعد على التقليل من معدلات دوران السيارات بحثاً عن طالبي الخدمة، وبالتالي سرعة حصولهم عليها، وسهولة توفيرها في أماكن محددة، عبر محطات مجهزة (كبائن مغلقة) تلائم الظروف المناخية، وبقسمين للرجال والنساء، تمكن طالبي الخدمة من انتظار سيارات الأجرة دون أي عناء، وكذلك تأسيس مركز تحكم لتتبع حركة سيارات الأجرة العامة، بهدف تنظيم وتحديد موقع تحرك المركبة، وذلك باستخدام نظام تحديد المواقع (GPS)، وتوفير المعلومات الأمنية والمرورية عن حركة السيارات على الطرق، وتخصيص مقر لإنشاء هذا المركز، هذا بالإضافة إلى تحديث الشكل الخارجي والداخلي لسيارات الأجرة وتطوير محتواها، وإنشاء مركز تدريب لسائقي سيارات الأجرة على أخلاقيات المهنة، وتحسين مهارات العاملين في هذا القطاع. إن الجميع ليكاد يتفق بأن قضية تطوير سيارات الأجرة العامة لدينا لا تكمن في مقترحات التطوير، وإنما في آلية تنفيذ تلك المقترحات، التي لا أظن أن التوصية باندماج شركات سيارات الأجرة العامة فيما بينها، هي كافية لتحقيق ذلك، كما توحي مقترحات التطوير التي تطرحها لجنة النقل بالغرفة، لذا قد تكون الآلية المناسبة هي إعادة هيكلة هذا القطاع بإنشاء شركة مساهمة كبرى شبه حكومية، تمتلك صناديق الاستثمار العائدة للدولة حصة أساسية فيها، تندمج فيها كافة شركات الأجرة العامة القائمة، لتستطيع هذه الشركة المساهمة الاستفادة من الدعم الحكومي في مجال نشاطها، وفي ذات الوقت تتحمل تكاليف إنشاء البنية التحتية الرأسمالية لهذا القطاع المهم، والقدرة على نشر خدماتها في كافة مدن المملكة.