التقاء المفاهيم المشتركة بين شعوب العالم لا يتحقق إلاّ حين يشعر الجميع بالخطر، وأكثر من ذلك تهديد الأرواح والممتلكات، ويبقى الحضور الواعي المسؤول في احتواء التهديدات بالعمل المشترك بصيغة المجموع من دون انفراد، أو ابتزاز، أو حتى مساومة وتبادل اتهامات. مكافحة الإرهاب من أهم التحديات التي تواجه العالم اليوم، وحتماً مستقبلاً، وتتطلب جهداً دولياً للتنسيق، وتبادل المعلومات، ومواجهة عناصره، ومن يغذيها فكراً وممارسة، وهو ما أدركته المملكة منذ وقت مبكر، وخرجت إلى العالم ليس طلباً للنجدة، أو المساعدة، ولكن الشراكة في المواجهة على أساس الفكر أولاً والحل الأمني ثانياً. «الرياض» استضافت يوم أمس الأول وفداً دولياً دبلوماسياً وأمنياً من الأنتربول في مجال مكافحة الإرهاب، والذي زار جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي هي بصدد تنفيذ حلقة علمية عن الإرهاب والتجارب العربية والدولية في مكافحته فكان الحوار التالي: في البداية رحب بهم الزميل رئيس التحرير الأستاذ تركي بن عبدالله السديري الذي قال:نرحب بكم في هذا الموقع الإعلامي المهم في المملكة العربية السعودية، أحييكم وأقدر جداً هذه الفكرة منكم التي تهدف إلى التعرف على الإعلام. ثم انطلق رئيس التحرير في كلمته عن الإعلام مبيناً أنه لم تعد مهمّاته ومسؤولياته كما هي في الماضي إذ تطورت كثيراً عما سبق مستشهداً بما كان يحدث في بدايات الإعلام في المملكة العربية السعودية بعد تأسيسها قبل ستين عاماً تقريباً لم يكن الإعلام هو مسؤولية اجتماعية أو حضارية بقدر ما هو مسؤولية بث معلومات شخصية أكثر مما هي عامة واهتمام ثقافي أكبر من أي جانب آخر. انتقل بعدها الأستاذ تركي إلى الحديث عن اتجاهات الإعلام التي قال إنها تغيّرت على مدى السنوات القليلة الماضية بحيث أصبح يؤدي خدمة ومسؤولية اجتماعية ووطنية مهمة جداً. ولفت الزميل رئيس التحرير إلى أهمية حرية الإعلام وموضوعيته معتبراً أن بقدر تحقق هذه الحرية في داخليته بالإضافة إلى موضوعية التناول بقدر ما هو يؤدي خدمة اجتماعية يستفيد منها الجميع إذا توفرت موضوعية التناول في الممارسة الصحفية. وأبدى الزميل رئيس التحرير سعادته بأننا لا نعيش في نفس الأوضاع التي تعيشها معظم الدول العربية في ظل وجود الخلافات والصراعات والحروب الأهلية والحدودية التي نحن بمنأى عنها وبالتالي فنحن في داخل الاعلام نجهد ونسعى في أن يكون مساعداً في مواصلة التطور والفردية التي أصبحت عليها المملكة تختلف كثيراً عن معظم الدول العربية المجاورة والمتباعدة. وختم الأستاذ تركي السديري كلمته بشكر المولى على نعمه وعونه لهذه البلاد التي كانت ذات مجتمع محدود القدرات ومستويات التعليم في حين أنها الآن تعد الأفضل عربياً من حيث تعدد الجامعات ونوعية الفكر وموضوعيته بعد أن كان ذا اتجاه ديني واحد اصبح اتجاهاً عاماً لثقافة عامة بمفهوميات عامة متعددة وبعد أن كان الابتعاث قبل بضعة اعوام لا يتجاوز سبعة آلاف أصبح الآن لا يقل عن مائة وخمسين ألف مبتعث ومبتعثة، وهذا مجرد نموذج لما هو عليه حال التطور في البلاد. رئيس التحرير: الإعلام تحول إلى «شريك» مع المنظومة الأمنية في مواجهة التحديات بعدها استعرض الزميل نائب رئيس التحرير يوسف الكويليت دور الصحافة والإعلام عموماً في مكافحة الإرهاب واصفاً إياه بالصعب والمعقد نظراً لتعقّد الشعوب والغبن الذي نالته من دول أخرى واتساع المعارف وانتقال العالم من آيدلوجية لأخرى ومن تصنيف شعبي لتصنيف آخر أدى إلى تكوّن موجات شعبية متطاحنة. بعدها تناول الزميل الكويليت الصراع الذي بدأ بين الشيوعية والرأسمالية مشيراً إلى الصراع الذي بدأ بين الاتحاد السوفييتي وبين الدول الغربية ما أفرز في تلك المرحلة أنظمة وصراعات عمّت دول العالم بأكمله. وأشار الزميل الكويليت إلى تأثر العالم العربي والاسلامي عموماً بهذه الطروحات باعتبارهما جزء من هذه المنظومة العالمية مبيناً أنه ونتيجة الخيبات للنظم العربية الكثيرة بدأ يحل محلها ما هو مقدّس الآن تحت غلاف سياسي بعد ان انتقلنا من طروحات القومية والاشتراكية والوحدة العربي الى تيارات الاسلام السياسي الجديد الذي اصبح يسود المنطقة ويعم نوعاً من طروحات خطيرة جداً ثم واصل استعراضه عن المنطقة العربية وما يجري فيها من انشقاقات طويلة من تنظيمات روحية أولى بدأت تنظم طروحات مغرية لكنها عندما اصطدمت بالجانب السياسي وبجانب تلبية احتياجات الشعوب بدأت تأخذ منحى أيديولوجيا آخر سقط فيه من سقط، وبدأ الآن من خلال شظايا، وتنبثق نظم جديدة لإرهاب جديد. واعتبر الكويليت أنه حين لا يوجد ما تفاخر به هذه الدول من إنتاج صناعي وإبداعي وابتكارات واختراعات تلجأ إلى موروثها الروحي وأي موروث يحدث هذا الصدام. ويعتقد الزميل نائب رئيس التحرير أن دور الإعلام الآن انتقل من دور المحرض إلى المكافح وهو ما يستدعي محاولة نقل الرأي العام من حالة التردد والتردي إلى حالة الوعي الجديد لمنظومة هذا العمل الخطير الذي اصبح يهدد المجتمعات. من جهته أكد الزميل الدكتور أحمد الجميعة مدير تحرير التحقيقات أن العلاقة بين المؤسسة الأمنية والإعلامية في مواجهة الإرهاب كانت علاقة مميزة ومنسجمة مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية من بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر اتخذت رسالة إعلامية موجهة للخارج أكثر من الداخل لتصحيح الفكرة التي لها علاقة بالاسلام أولاً ثم المملكة العربية السعودية ثانياً تجاه مكافحة الإرهاب ومع الجهد الدبلوماسي والأمني تحديداً، ويرى الدكتور الجميعة أن المملكة لم تسلم من ادعاءات غربية تجاه لصق تهمة الارهاب فيها كوطن او كمنظمة سياسية، ثم مضى مستعرضاً ما تعرضت له المملكة من ارهاب في عام 2003 و2005 نظمت المملكة مؤتمراً دولياً للإرهاب ونجحت في دعم المنظمات الدولية لمكافحة الارهاب وكان جهدها السياسي والأمني واضحاً في التنسيق والمتابعة. ونوه الزميل الجميعة بإدراك المملكة على المستوى الداخلي أن مواجهة فكر الإرهاب أهم من مواجهته على الأرض وبذلك نجحت المهمة أكثر من نجاحها على أي صعيد آخر كما نجحت المملكة في العقد الماضي بإقناع المجتمع الدولي أنها شريك استراتيجي مهم في مكافحة الارهاب. ولفت الزميل الجميعة إلى أن دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمركز مكافحة الارهاب بمبلغ مئة مليون دولار كانت خير شاهد ودليل. واختتم الزميل الجميعة كلمته بالتأكيد على أن المملكة في مواجهتها للإرهاب ركزت على جانب الفكر والمناصحة وعززت ذلك بالحوار الوطني والاصطفاف الوطني والتأكيد على الوحدة الوطنية والبحث أيضاً عن حلول تنموية لخدمة الصالح العام في المملكة حيث كان هناك تصحيح فكر وبناء وطن ونجحت المهمة. الإرهاب ليس له علاقة بالدين.. ولكن من شوَّه صورة الإسلام؟ بعدها بدأت المداخلات التي استهلها السيد أوكان «تركي» من منظمة الأنتربول الذي يرى أن هناك في كثير مما يثار حول الارهاب في معظم الدول يتم ربطه بالإسلام مستخدمين في ذلك ألفاظاً لا علاقة لها بالإرهاب ككلمة «جهادي»التي يعرف الجميع معناها مشدداً على أن سياستهم في الأنتربول أنهم لا يربطون أبداً بين الديانة والإرهاب متسائلاً:كيف تستطيع وسائل الإعلام أن تقنع بعضها البعض أنها لا يجب أن تستخدم مثل هذه الألفاظ والمصطلحات ليجيبه الزميل هاني وفا من القسم السياسي قائلاً:الخطأ ليس مقصوراً على الإعلام العربي معتبراً إن الإعلام الغربي بعد أحداث سبتمبر قد ساهم بشكل كبير في إلصاق الإرهاب بالإسلام مشيراً إلى أنه قبل هذا التاريخ لم يكن للإسلام أي علاقة بالإرهاب بل على العكس فالإعلام الغربي خصوصاً في الولاياتالمتحدةالأمريكية ركز على هذه الصورة النمطية. ويعتقد هاني وفا أن المؤتمر الذي عقد في المملكة عن الارهاب ودعوة المملكة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تأتي لتصحيح هذه الصورة النمطية لافتاً إلى أن الإعلام المحلي يفرق بين الجهاد والإرهاب إلا الغرب لا زال يحتفظ بهذه الصورة النمطية وإلصاق الإرهاب بالجهاد معتبراً أن بعض المنظمات الارهابية التي تلصق نفسها بالإسلام ساهمت في تكريس هذه الصورة مشدداً على ان تصحيح الصورة لا يقع عبؤه على الإعلام فقط وإنما المجتمع بأكمله. الكويليت: العالم العربي لا يزال يعاني من شعاراته ودفع ثمن تطرفه فكراً وسلوكاً وفي مداخلة من جنوب أفريقيا يرى السيد جورج أن مهمة وسائل الإعلام أساساً هي نقل الأحداث، وهو يشكل ما نسبته 80% تقريباً مما يعرض في وسائل الإعلام، مشيراً إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه أجهزة الإعلام والصحافة بشكل دقيق هو تغيير الفكر النمطي والذي يحاول أن يربط الديانات بالإرهاب في هذا المجال، فمعظم التنظيمات الإرهابية سواءً كانت طالبان أو بوكو حرام أو غيرها تنادي دائماً برغبتها في تأسيس دولة إسلامية، ويقولون إن كل شخص في المجتمع عليه أن يعتنق الإسلام ويغير ديانته، ويقيم شرائع الإسلام وتجلس النساء في المنازل ولا تذهب إلى التعليم، فدور الصحافة ووسائل الإعلام في رأيه تصحيح هذا السلوك الانحرافي في فهم الشريعة الإسلامية ومحاربته، وبيان السلوك الإسلامي الصحيح. وفي مداخله للزميل سالم الغامدي مدير التحرير للشؤون السياسية ذكر أن دور الإعلام هو نقل الخبر بصرف النظر عن التوجهات وتلك هي الحقيقة، ولكن مع الأسف إذا وجدنا إعلاماً حقيقياً وصادقاً ونظيفاًٍ وبعيداً عن إيديولوجيا نجد في المقابل إعلام مؤدلج يتبع سياسات معينة وخط معين، فعندما يتحدث الإعلام الفلسطيني أو الإعلام العربي عن الجهاد وقتال المحتل الإسرائيلي نجد أن الإعلام الإسرائيلي أو الإعلام الغربي والمتعاطفين مع القضايا الإسرائيلية يصف المجاهدين أو الفلسطينيين الذين يدافعون عن أرضهم بالإرهابيين، وما ينطبق على فلسطين ينطبق على غيرها من أحداث العالم العربي، فعندما يصفون المنظمات الإسلامية التي تشطح في أفكارها وتسيء للإسلام بأنها إسلامية، بينما العالم الإسلامي نفسه يحارب هذه المنظمات الإرهابية التي تتخفى تحت حجاب أو غطاء الإسلام. عضو في الإنتربول: سياستنا لا تربط أبداً بين الدين والإرهاب وفيما يتعلق ببوكو حرام وطالبان، أضاف الغامدي بأن تلك المنظمات متطرفة وحتى دولها وشعوبها تحاربها وتتبرأ منها، فعندما تقتل طالبان امرأة وترجمها بالحجارة لمجرد أنها خالفت عائلتها أو خرجت عن طوع هذا الكابو الإسلامي الطالباني فقط، أو عندما تبيع بوكو حرام البنات كسبايا إلى من يريد أن يشتري، فهذا ليس من الإسلام، فالإسلام الحقيقي الذي نعرفه من القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم يختلف عن هذا تماماً، والنقطة الأخيرة في إلزامية الإسلام وأنه يجب على الجميع أن يسلم فهذا غير صحيح، لأنه حتى في القرآن الكريم لا يجبر الناس على الإسلام، وإذا كانت هناك منظمات أو جماعات تحاول إجبار الآخرين على اعتناق الإسلام فهذا غير صحيح. رئيس التحرير وكلمة حول الإعلام د. الجميعة يطلع أحد الزائرين على إحدى النشرات الزملاء هاني وفا وسالم الغامدي وسليمان العصيمي خلال اللقاء جانب من الوفد يتابع النقاش جولة أعضاء الوفد في أقسام الجريدة الوفد الدولي خلال لقائه بأسرة التحرير الزميل تركي السديري والزميل يوسف الكويليت الزملاء عبدالله الحسني وأيمن الحماد ود. أحمد الجميعة أحد الزائرين ومداخلة حول الإرهاب ويطّلعون على عدد من صحيفة «الرياض» الوفد يطّلع على معرض الصور بالصحيفة مسؤول تركي ومداخلة حول الإعلام أعضاء الوفد الزائر في لقطة جماعية