انتبهوا أيها السادة فلا زلنا نعيش في صحراء العرب القاحلة القاتلة التي قطرة الماء فيها أغلى من الذهب، والتي تزداد تصحراً عاماً بعد عام، والتي قال فيها الشاعر الخبير بها: مهالك لم يصحب بها الذئب نفسه ولا حملت فيها الغراب قوادمه وهي لا تزال كذلك حتى الآن، بل زادت تصحراً وجفافاً واستنزافاً للمياه الشحيحة.. النفط لن يدوم.. والجيل الجديد يظن أن وفرة الماء والكهرباء والبنزين وبهذا السعر الرمزي أمر عادي ومستمر وله صفة الدوام! كلا.. فالنفط مادة ناضبة.. والبدائل تهدره.. والموارد تكلف الدولة أضعاف ما تقدمه للمستهلك.. لازلنا نشرب من البحر.. ونستورد الغذاء بشكل شبه كامل.. ومع ذلك نسرف إسرافاً بيناً والله لا يحب المسرفين، وقد توالد هذا الإسراف وفرّخ فراخ شؤم، وكأنه بهيمة شاذة تلقِّح نفسها أو ورم سرطاني سريع الانتشار، لقد فرّخ الإسراف الترف والكسل وعدم الجد في العمل والاعتماد على الوافدين في معظم الأعمال، حتى داخل البيوت المليئة بالبنات والشباب اللذين همهم تصفح جوالاتهم الذكية وقنوات التلفزيون والتسكع في الشوارع والأسواق، حيث المزيد من الاستهلاك والتبذير وشراء ما لا يحتاجون.. نحن نطبخ ضعف ما نأكل ونطلب من المطاعم ونرمي النصف في المزابل، نحن نسرف في استهلاك الماء والكهرباء والبنزين فوق الحاجة الفعلية أضعافاً مضاعفة، الفاقد من مواردنا أكثر من المستفاد منه.. الإسراف غول يغتال المستقبل والعقول ويفرغ الإنسان من الداخل.. إن الله لا يحب المسرفين.