عبدالرحيم حكمي يُعتَبر الإسراف سلوك اجتماعي مذموم، يعيشه مجتمعنا كل يوم، وسأختصر بعض أنواع الإسراف التي ينحصر بعضها في بلدنا. 1. إسراف المأكولات: فما أن تدخل المطعم حتى تلاحظ كمية الأرز الموجودة في الصحون بعد أن ينتهي الأشخاص من الوجبة، ستجد أنّ نصف الصحن ممتلئ بالأرز، وقد سألت عمّال المطعم فقالوا: جميعه يرمى ولا يتم حفظه لأنه لن يؤكل بعد الآن. رأيت قبل أيام، ثلاثة أرباع الصحن ممتلئ بالأرز في مطعم وهو في طريقه إلى النفايات. 2. الإسراف في استخدام المياه: فمعدل استهلاك المياه للفرد الواحد يوميا في كثير من دول العالم هو من مائة إلى 150 لترا، أما نحن فازدادت نسبة استهلاك المياه لدينا حتى أصبحت من مائتين إلى 300 لتر للفرد يوميا، بل قد تتجاوز حاجز ال 300 لتر للفرد في بعض مدننا. هناك هدر آخر وهو استهلاك آلاف اللترات من المياه لغسيل سيارة واحدة، فكم لترا يُهدَر لغسيل جميع السيارات في البلد؟! 3. الإسراف في استخدام الأدوية: كاستخدام الفيفادول والأموكسيل والفلتارين عند شعور الشخص بأدنى ألم، وهي أدوية تضر الكبد والكلى وقد يصاب الشخص بأمراض خطيرة بسبب تناوله لهذه الأدوية باستمرار. 4. الصيد الجائر: يصيد البعض كائنات برية كالأرانب والحبارى والضباب أكثر مما يحتاجون حتى أصبحت عندهم ملهاة، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «من قتل عصفورا عبثا عَجّ إلى الله يوم القيامة يقول يا ربّ إنّ فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني منفعة» أخرجه النسائي وابن حبان والإمام أحمد والبغوي. فلا يجوز العبث بالموارد الحيوية في الأرض. نحن نعيش أزمة في تدهور التنوع الأحيائي حتى أصبحت خسارة العالم من هذا التدهور ثلاثة تريليونات دولار تقريبا، وأصبحت كثير من الكائنات الحية في انقراض واختفاء مستمر، فهل هذه عقوبة بسبب إسرافنا المتواصل؟! 5. المبالغة في شراء أغلى المنتجات: أو ما يعرف بالماركات، فنجد كثيرين يتسابقون لشرائها، كما أننا نسرف بوضوح في شراء أحدث المنتجات حتى وإن لم تكن لنا حاجة بها لكنه التباهي! 6. لبس الفستان مرة واحدة: وهو إسراف واضح عند النساء وقد وقفنا جميعا عاجزين عن حل هذه المشكلة وكأنها معادلة رياضية أو فيزيائية صعبة الحل لا يفك شيفرتها إلا أكبر العباقرة، وهذا دليل على ضعفنا الذي لا يمكن تصوره. 7. حرق ملايين اللترات من البنزين يوميا: متوسط سعة خزان الوقود هو سبعون لترا، فلو قمت بحساب عدد اللترات التي تحرقها السيارات في بلدنا فقط كل أسبوع فستجدها أكثر من (600 مليون لتر من البنزين أسبوعيا). ينبعث عشرة كيلوجرامات تقريبا من الغازات نتيجة الحرق عندما تقطع السيارة مائة كيلومتر. نتيجة لهذا الهدر، لم تعد البيئة قادرة على التعامل مع ما يتم حرقه في الطرقات، فقد كان معدل هذه الغازات الدفيئة 275 جزءا في المليون عبر ملايين السنين لأن الأرض قادرة على توازن هذه الغازات (التي تبعثها الطبيعة) دون التدخل البشري، بعدها لوحظ ارتفاع هذا الغاز (الذي سببه البشر) إلى 310 قبل 55 عاما، وازداد إلى 335 قبل ثلاثين عاما، وارتفع إلى 379 قبل خمس سنوات، أما هذا العام (2012)، فقد وصل إلى 396، ونلاحظ ارتفاعه المتواصل عبر السنين، وقد وصل العلماء إلى إجماع حول خطر ارتفاع هذه الغازات بعد أن كان هناك علماء يشككون في هذه القضية البيئة، واتفقوا على أنّ أخطر رقم هو 450 وقد تصل إلى هذا الرقم بعد ثلاثين عاما، ويعتقد العلماء بعد دراسة لهم الشهر الماضي أن يذوب الجليد بعد عشر سنوات، فقد ذاب 900 كيلومتر مكعب هذا الشهر، وبقي 7000 كيلومتر مكعب بعد أن كانت 13000 كيلومتر مكعب. قد نكون نحن الوحيدون الذين لا نستخدم وسيلة نقل إلا السيارات الخاصة بينما نشاهد كثيرا حول العالم يستخدمون الدراجات والنقل العام وهو حل جيد لتخفيف الزحام، والأهم تخفيف هذه الغازات. 8. ترك إضاءات المنزل الخارجية نهارا: وكأن الناس لا يدركون هذا الخطر، فهناك آلاف الأطنان من النفط تحرق بعيدا عنا بسبب تشغيلها نهارا، وقد اعترفت شركة الكهرباء بأنّ هذا الهدر هو أكثر ما يؤثر على البيئة، وقد ذكرْت هذا في النوع السابع من الإسراف. 9. القروض لأمور غير مهمة: من المفترض ألا يقترض الشخص إلا في ظروف صعبة جدا وهذا نادر، لكننا مع الأسف نشاهد كثيرا إن لم يكن أغلبنا يقترض من أجل أن يقضي إجازته في أرقى الدول أو يشتري سيارة فاخرة! 10. الإسراف في السّهر والنوم: وهذا نوع من إضاعة الوقت، فتضيع الصلوات بسبب النوم المتواصل نهارا. أما السهر، فيعاني منه كثير حتى أصبح من ينام في العاشرة مساء يعتبر مخالفا للفطرة التي عليها الناس وليست الفطرة التي ينصحنا الشارع الحكيم بها، وقد أصبحنا نسرف في «السواليف» وتضيع ساعات طويلة يوميا في القيل والقال والإشاعات والغيبة والكلام الذي لا يستنفع به المسلم. أخيرا، أحب أن أذكّر بهذه الآيات: قال تعالى: «يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ « (الأعراف:31). وقال تعالى: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ « (النحل:112). وقال تعالى: «وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا « (الإسراء:29).