يمثّل الزواج المنعطف الأهم في حياة الرجل، ويرى البعض أنَّه من المهم جداً أن يتخذ المُقربون منه موقفاً إيجابياً يشعره بجدوى وجودهم والاستناد عليهم في المواقف التي يكون فيها بحاجة ماسة لهم، ويبدو الأمر بديهياً حين تكون المسألة متعلقة بالزواج الأول، لكن ماذا لو كانت التجربة هنا تتعلَّق بالزواج من ثانية؟، وهل يوافق أحدهم أن يرافقك لخطبتك الثانية، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف بشأن تلك التجربة؟، وهل تبدو فكرة مرافقة الصديق لصديقه أثناء خطبته للزوجة الثانية مدعاة للتحريض؟، ولماذا يتردد الأهل في مشاركة ابنهم فرحته في زواجه الثاني؟، وهل الأمر هنا يتعلَّق بتضامنهم وتعاطفهم مع الزوجة الأولى، أم إنَّها محاولة لتفادي الاصطدام معها أو خوفاً من شعورها بظلمهم لها وتحيّزهم لابنهم؟. تناقض وإحراج! وقال "فيصل المبارك" –موظف-:"أتمنى أن يُنظر للموضوع من ناحية إيجابية، فالزواج من أخرى ليس حراماً ولا عيباً ولا يعني ذلك استهجان أو استحسان الفكرة عموماً، فكل ما في الأمر هو أنَّ أحدهم رافق صديقه حينما رغب أن يخطب زوجةً أخرى"، مضيفاً أنَّ ذلك حدث معه بالفعل، مشيراً إلى أنَّ الأمر كان من باب مشاركته فرحته ليس إلاَّ، موضحاً أنَّ ذلك لا يعني تدخلّه في ما قد يحدث بينه وبين أفراد عائلته من تأييد أو إنكار للأمر، لافتاً إلى أنَّ البعض يُبدون تناقضاً عجيباً في أمر مثل هذا قال الشرع فيه كلمته تأييداً لا إنكاراً ورفضاً. وبيَّن "عبد الكريم مساعد" أنَّه واجه صعوبة بالغة في مرافقة صديقه في خطبته لزوجته الثانية، خاصةً أنَّ والده وأشقاءه امتنعوا عن مرافقته، في ظل رفضهم للأمر جملةً وتفصيلاً، مضيفاً:"حذَّرني والدي أيضاً من مرافقة صديقي حينما علم بالأمر، بل إنَّه اعتبر أنَّ الأمر يُعد تدخلاً بينهم وتشتيتاً لشمل الأسرتين"، لافتاً إلى أنَّ الحال استقر بهم إلى أن يتقدموا لأهل الفتاة سراً، إذ لم يتم إعلان مراسم الزواج إلاَّ بعد مرور فترة من الوقت. الزواج من ثانية حق مشروع ولكن بشروط وأشارت "نورة ضيف الله" إلى أنَّها سعت يوماً لتزويج أخيها من امرأة أخرى بعد أن ضيَّقت عليه زوجته الأولى عيشته –حسب رأيها-، مضيفةً أنَّ الأمر لم يتوقف عند مسألة مرافقته فحسب، بل تعداه إلى اختيار زوجته الثانية، إلى جانب تكفّلها بمراسم الزواج، وكذلك إعانته على تدبير أمور حياته الجديدة، لافتةً إلى أنَّ ذلك جاء لكونها الشقيقة الكبرى التي يحبها ويثق برأيها، مبيِّنةً أنَّ شفقتها عليه هي من قادتها للبحث له عن امرأة أُخرى، خاصةً أنَّه قادر على فتح أكثر من بيت في ظل ملاءته المالية ومركزه الوظيفي الجيّد. ولفت "فالح العليان" إلى أنَّ مرافقة الصديق لصديقه أثناء ذهابه لخطبة امرأة ثانية قد يُفهم منه التأييد والمبادرة، مضيفاً أنَّه قد يُساء الظن به وأنَّه هو من أشار عليه بالزواج من أُخرى، موضحاً أنَّه قد يُفهم منه أيضاً أنَّه بمثابة تمهيد لرغبته هو بالزواج من أُخرى أُسوة بصديقه ذاك، مشيراً إلى أنَّ الأمر لا يخلو من الحرج في كل الأحوال؛ لأنَّه يبدو في ظاهره بمثابة دلالة على إقرار الفكرة واستحسانها، حتى إن كان الفرد لم يفكر في الأمر أصلاً. د. خالد الصغير لحظات حرجة وأوضح "د.خالد الصغير" –مستشار نفسي واجتماعي- إنَّ الواحد منَّا يتهرَّب من هذه اللحظات الحرجة، بل إنَّه يُعلن أمام زوجته براءته من الأمر براءة الذئب من دم يوسف، وربَّما قد يجد أحدنا نفسه يوماً ما سالكاً هذا الدرب في حياته، فهروبه وعدم حضوره ليس اعتراضاً على الخطبة والزواج الثاني لصديقه، وإنَّما هو من أجل ألاَّ تُوجه الأنظار والانتباه إليه. وقال إنَّ الفرد هنا يريد من وراء ذلك أن يُظهر لمن يهمه الأمر حسن نيته تجاههم؛ ليتقن فن المراوغة حتى يحكم قبضته على فريسته ليكون قراره لنفسه صائباً في وقته، مبيِّناً أنَّ حضوره لهذه المناسبة يُسلط أضواء المراقبة عليه أكثر من ذي قبل من عدة جهات، كما أنَّه يجعل تحرّكاته تكون محسوبة ومدروسة، مشيراً إلى أنَّه قد يجد من يسابقه على اتصالاته لمعرفة من المتصل. وأضاف أنَّ الهاربين اليوم هم الساقطون غداً، مشيراً إلى أنَّ تحفّظ الأهل على هذا الزواج يكون في كثير من الأحيان من أجل إنجاحه، وخوفاً من غضب وبطش الزوجة الأولى، وبالتالي إعلان الفشل، فالنار المشتعلة يصل مداها لمسافات بعيدة. تبادل للمصالح وأشار "د.الصغير" إلأى أنَّ ذلك هو ما يجعلنا نجد أنَّ التعامل مع الزواج بالزوجة الثانية ليس كتعامل الأول، فالثاني تُمارس طقوسه في الخفاء، كما أنَّه تبادل للمصالح تحت جنح الظلام، ومضيفاً أنَّه يكون هنا وكأنه جريمة يعاقب عليها القانون وليس حقاً من الحقوق، فما بين إظهار الأول وإخفاء الثاني هناك تساؤلات تُطرح وفضاءات واسعة رحبة خالية من الوضوح؛ مما يجعل التردد لدى البعض في المشاركة قليل أو معدوم. وقال إنَّ البعض يتزوج الزوجة الثانية من أجل تأديب الزوجة الأولى، لتكون الثانية بعد فترة وجيزة في مهب الريح، وهذه هي وجهة نظر موجودة لدى العديد من الرجال، وقد يكون أحد المقربين لدى الزوج مؤيداً لهذا الزواج ليُعين قريبه على تأديب زوجته نتيجة ما سمع عنها من افتعال أو إحداث كثير من المشكلات دون التثبت في الأمر وسماع وجهة نظر الطرف المقابل، وأضاف قائلاً :"إنَّ الرجل الذي يغلب على تعاملاته وقراراته الانسحاب وعدم الظهور بما يعتقده ويعمل به ويجزم عليه، أرى أنَّه ربَّما يكون هذا الانسحاب له عادة في أغلب تعاملاته". وأضاف أنَّ ذلك يعني أنَّ من اعتاد على الظلام، فإنَّه يكره الظهور في الشمس، فمن وقعت زوجة ثانية لمثل هذا الرجل فلتطلب منه أن يعلن هذا الزواج ولا يخفيه وأن يصارح زوجته الأولى ويُبين وجهة نظره لها من البداية، إلى جانب توضيح أوجه القصور عندها، وعدم تركها هائمة دون معرفة الأسباب التي دعته للزواج من الثانية لتنعم بعدها الزوجة الجديدة بالسعادة في زواجها دون أيّ منغصات تلحقها.