وضع خالد البلطان حداً لمسيرته الرسمية في نادي الشباب رئيساً، وإن أكد استمراره عضو شرف داعم، لكن شتان بين أن تكون صاحب الحل والربط، وأن تكون حلقة ضمن سلسلة من حلقات، وقد كان قراره صادماً وإن لم يكن مفاجئاً بعد أن كثرت التسريبات حوله منذ بداية الموسم. اختياري لمفردة الصدمة في توصيف قرار البلطان ليس اعتباطا انما أجدها أكثر تعبيراً عن مقتضى الحال، إذ كشف التعاطي في مواقع التواصل الاجتماعي فور إعلانه الترجل عن صهوة "الليث" عن حالتين أبرزتا حجم الصدمة وارتداداتها وما خلفته بجانبيها السلبي والإيجابي. الصدمة جاءت سلبية على أنصار الشباب تحديداً، وعلى المتحالفين مع الشباب، وعلى من يدركون قيمة الأشخاص المقتدرين في مسيرة الأندية السعودية التي تتلبس ثوباً فضفاضاً يسمونه زوراً "الاحتراف"؛ إذ يدركون الأثر الذي يمكن أن يتركه هكذا قرار على الساحة خصوصاً وكل الشواهد تؤكد أن البلطان ومنذ دخوله الوسط الرياضي قد شكل حالة خاصة داعما وقياديا ناجحا، ونوادر في وسطنا من جمعوا بين الحالتين. الصدمة في شقها الإيجابي بدا أثرها واضحاً على المناوئين للبلطان، إذ تداعوا لاعتبار القرار حدثاً يستوجب الاحتفاء به، بمفردات معيبة، وعبارات مسيئة، والحقيقة أنهم لم يكونوا حينها يستدعون الرجل في شخصه، بقدر ما كانوا يستدعون الذكريات الحزينة، والمواقف المؤلمة التي خلفها بعد مسيرة حافلة بالانتصارات لمريديه، ومثقلة بالخيبات لهم. وبعيداً عن تلكما الحالتين اللتين تعبران عن طبيعة التعاطي في مشهدنا الرياضي وما بلغه من مناكفة تتجاوز المناقدة إلى الخصومة بل والفجور فيها، فإن قرار رحيل البلطان يمثل حدثاً يعد أحد أبرز أحداث الموسم بما مثله الرجل من قيمة مضافة للوسط الرياضي، وبما يحمله القرار من دلالات عميقة، وتداعيات ستبقى آثارها لمواسم مقبلة ليس على نادي الشباب بل على الساحة الرياضية، خصوصاً وقد مثل البلطان فيها حالة لافتة، بما أحدثه من حراك في المشهد الرياضي عموماً وعلى غير صعيد شاء المناوئون له أم أبوا. بعض ممن يناكفون البلطان وينصبون العداء له يحاولون الالتفاف في معركتهم معه باختزال حضوره الرياضي في السنوات الثماني الماضية، التي ترأس فيها الشباب في مشهد أو اثنين، اذ يستحضرون فيها ما يرونه تجاوزات ارتكبها الرجل، ويتناسون أن تلك المسيرة كانت حافلة بالحضور المنجز لناديه، والتعاطي المثري للساحة بما يتجاوز أسماء احتفوا بها سابقاً وقد رحلت من دون أثر، وأسماء أخرى يحتفون بها الآن، وهي التي لو رحلت اليوم لطوتها الذاكرة في الغد. الوعي بقيمة الكلمة النقدية، وإدراك معنى العمل الإعلامي الرصين يستدعي الإنصاف مع من نختلف، والعدالة مع من نتخاصم، خصوصاً أن باحة الرياضة عموماً وميدان كرة القدم على وجه الخصوص من الرحابة بحيث يستوعبان أقوى الخصومات، وأشرس المواجهات؛ كما عبر عن ذلك الشاعر محمود درويش حين وصف كرة القدم بأنها أشرف الحروب، والبلطان برحيله بعد هذا المشوار الحافل سينصفه التاريخ الرياضي شئتم ذلك أم أبيتم!