من يستطيع أن يتحكم بأولويات الوطن أمام فضاء واسع لممارسة هواية الكلام في قضايا غير مؤثرة في مسيرة التنمية؟ أولويات وطنية تناقش قضايا حيوية مثل بدائل الطاقة وتنويع مصادر الدخل والمياه والاسكان وتطوير الخدمات الصحية وتطوير التعليم والأزمات المالية العالمية والاحتباس الحراري والخطر النووي وغيرها ثم يأتي من يخرجنا عن الطريق ويشغل الناس بالفتاوى التي ليست من اختصاصه ولا تتوفر فيه الشروط التي تؤهله للافتاء، كما أن بعض هذه الفتاوى يتطرق الى أمور صغيرة وخلافية بين العلماء ولابد حسب التنظيم الجديد أن تصدر من الجهة الرسمية المخولة صلاحية الافتاء وهي هيئة كبار العلماء. ان تكليف الهيئة بهذه المهمة يرجع الى كونها مسؤولية عظيمة ولها شروط صعبة. أحد الكتب التي تطرقت الى هذه الشروط كتاب شرح نظم الورقات في أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين (يرحمه الله) وفيه باب في المفتي والمستفتي والتقليد أقرأ لكم منه ما يلي: (يشترط في المفتي أن يكون مجتهدا وما أكثر المفتين الذين ليسوا بمجتهدين، إما مقلدون وإما صغار لا يعرفون الا حديثا أو حديثين فيتصدون للفتوى ويحسبون أن سوق الفتوى كسوق التجارة كل يغير فيه ويربح ولم يعلموا أن سوق الفتوى من أخطر ما يكون حتى جاء في الحديث: أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار.. وقد كان السلف رحمهم الله يتدافعون.. كلّ يقول اذهب الى فلان والآخر يقول اذهب الى فلان). كما يتضمن هذا الكتاب شروط المفتي وهي أن يكون عالما بالكتاب والسنة وأن يكون عالما بالمذاهب ومواضع الخلاف وأن يكون ملما بعلم النحو وأصول الفقه وعلم الأدب واللغة العربية والبلاغة والتمكن من الاستدلال. ونقرأ ايضا في هذا الكتاب أن المجتهد من يستطيع أن يعرف الحق بدليله ثم ان الاجتهاد يتجزأ فقد يكون الانسان مجتهدا في باب من أبواب العلم ويكون مقلدا في غيره لكن الاجتهاد المطلق صعب. ما سبق يذكرنا بواقع نعايشه في السنوات الأخيرة حيث هناك من يفتي ولا يتوفر فيه شروط الافتاء ومع ذلك نجد بعض الناس يحاصرونهم بالأسئلة بمناسبة وبدون مناسبة في ظاهرة متنامية وجدت سوقا رائجة. كبرت المشكلة فأوجدت الدولة حلا وأصدرت تنظيما لهذا الموضوع وما نحتاج اليه الان هو المتابعة ومحاسبة المخالفين.