عندما أُقفلت (بضم الالف) جميع ابواب الرزق الحلال امام الشباب (بما فيهم خريجو هندسة البترول في جامعة الملك سعود) وجد بعض الكدّادين في نعناع المدينة باباً مفتوحاً للرزق الحلال، فبدأوا يكدّون – في البداية– على نطاق ضيّق (ثم تبعهم الكدّادون الآخرون) في نقل النعناع المديني من المدينةالمنورة ليبيعوه على ناصية تقاطع شارع عبدالله العنقري بشارع الملك عبد العزيز في الطريق الصاعد الى ممر المشاة المحيط كالدائرة بأسوار كلية (اصبحت الآن جامعة) الامير سلطان. لم يلبث الأمر طويلا حتى لاقى نعناع المدينة رواجاً في الرياض فانتشرت على نواصي العديد من الشوارع الرئيسية سيارات الكدادين عليها يافطات مكتوبة بالبنط الكبير: نعناع المدينة شفاء والشافي الله يا نعناع، وتحتها بالبنط الصغير"ان الايمان ليأرز الى المدينة كما تأرز الحيّة الى جحرها". من نوادر الروايات التي تروى عن عشق المداينة لحبق المدينة رواية موظف الجمارك الامريكي في مطار جون كنيدي بمدينة نيويورك عندما رأى أحد طلاب المدينة المبتعثين في فترة السبعينيات يحمل بين يديه بعناية كيساً من الخيش المبلل بالماء تطل منه وريقات نبتة الحبق الخضراء فسأله بارتياب is this gold وكلمة gold بالعامية الامريكية هي احد ألقاب الماروانة (مخدرات ورقية تشبه بالتمام والكمال ورقة الحبق) فرد الطالب بانجليزية مكسرة مفتخرا نعم ذهب، ففوجئ الطالب بأخذه الى غرفة منعزلة ولم يخل سبيله الا بعد ان تم التأكد أنها ليست ذهب أمريكا(الماروانة) وإنما مجرد ذهب المدينة (الحبق). لقد كانت صدمة للمزارعين والكدّادين الذين يسترزقون من نعناع المدينة قبل ان تكون صدمة لعشّاق الكيف والتبرك بالنعناع المديني ان يفاجأوا – بدون مقدمات ولا تمهيد– بأن نعناع المدينة هو الوحيد من جميع أنواع النعناع يسبب السرطان، ويتسبب في إسقاط حمل المرأة الحامل. الباحث الذي توصّل الى هذه النتيجة (التي لا نعرف حتى الآن مدى المبالغة فيها أو حتى صحّتها) اختار بحسن نية ان يعلن عنها في وسيلة إعلام جماهيرية – قبل ان يناقشها علمياً مع زملائه المختصين – ليحذر الناس من الخطر الذي يهدد صحتهم مما يدل على تأكده تأكداً تاماً من خطر النعناع. لكن كانت الردود قاسية من بعض زملائه في نفس مركز الأبحاث وهما الدكتور العليان، والدكتور الخضيري الذي قال: "انه بمراجعة السجلات الوطنية للسرطان فقد ثبت ان نسبة الاصابة بسرطان الجهاز الهضمي بين سكان المدينة وهم الأكثر استهلاكا للحبق هي اقل نسبة في مدن المملكة". كذلك جاء الرد سريعاً من البروفيسور جابر القحطاني (وهو اشهر من نار على علم) بالنفي القاطع ان يكون لنعناع المدينة أي ضرر على الصحة. الذي أثار الموضوع مجدداً هو يوتيوب ال MBC (رغم انه يبدو قديما بعض الشيء) الذي تناقلته مؤخراً وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة وكأن المقصود نعناع المدينة بالذات. لقد استند الباحث على وجود مادة البولوجون في الحبق فانطلق من باب مايضر كثيره فقليله يضر وتسرع في تصريحاته من غير ان يجري اي تجربة عملية واحدة – كما هو مفروض – ولو على فار واحد. في موضوع الأحد القادم – ان شاء الله – سأرد الهدية بأحسن منها للاستاذ الفاضل أبو عبدالله (المعلق رقم 12 على موضوع الأحد الماضي).