قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إن قضية الحفاظ على البيئة ورعايتها دعت إليها الشريعة الإسلامية وقيمنا الإنسانية مشيرا إلى أن الحفاظ على البيئة إنسانا وحيوانا وبناء بحرا وجوا وسماء وشجرا ونباتا وزرعا وماء إحدى شعب الإيمان ودلائل البر والإحسان لافتا النظر إلى أن البيئة التي طرزت ببدائع الموجودات وأحاسن المخلوقات من نعم البارئ تجنى منها المنافع الكثيرة والارتفاقات الخطيرة. وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة التي القاها أمس بالحرم المكي الشريف أن في كثير من الأقطار وبجهل الجاهلين أصبحت البيئة رسما محيلا وأثرا مشوها ضئيلا وبلقعا وبيلا بعد أن كانت مغنى ممتعا جميلا فكم من البيئة تغمرها الرثاثة والقذى وظاهرها الفوضى والإهمال والأذى فالسعي في إفساد المنظومة البيئية داء قمي عضال لا يتلبس به إلا من هو عن سبيل الأمانة والزكاة منحرف وضال، مبينا أن انبعاث دخان المصانع وعوادم المركبات وأكوام النفايات وطفح الصرف الصحي ونحو ذلك من البيئات الطاردة. وقال فضيلته حسبنا الله على جبروت الظلم والطغيان وأسلحة الدمار والغازات السامة والألغام المتفجرة وبراميل النيران التي أبادت دموع النساء والرجال والولدان دون شفقة ومحقت بكل وحشية وبهتان مصادر البيئة والحياة وجعلت منها مورد الأسقام والهلكات ومن منابع الخيرات مغيض البركات ومسرحا للحروب والصراعات وفي مقدمة ذلك الأزمة السورية وتدهور الأوضاع الإنسانية في بلاد الشام في إرهاب فظيع ضد الإسلام والإنسان والبيئة ألا بئست الطغمة الأشرار التي محت من جمال البيئة كل الآثار وهلم جرا من جرائم الثلوث السمعي والبصري واللفظي مما يخجل الفضيلة والمروءة. وأضاف قائلا: إن الوعي التام والتثقيف العام بالذياد عن البيئة وحفظ مقوماتها وعناصرها ومهماتها والوعي البيئي والإصحاح البيئي أمانة شرعية ومسؤولية خلقية وضرورة اجتماعية وقيم حضارية لا تزيد الأمم إلا تحضرا وعلوا ورقيا ونموا. وأفاد فضلة الشيخ الدكتور السديس أن الحفاظ على البيئة العامة يمتد إلى البيئة الاجتماعية والوطنية والسياسية والاقتصادية وحماية الحياة الفطرية والتعبدية والعملية الجاذبة وذروة سنامها البيئة الروحية بالتوحيد والإيمان والقرآن والسنة التي تزكي المجتمعات من الذنوب والآفات وتطهرها من البدع والمعاصي والمنكرات مؤكدا أن الحفاظ على البيئة قرين الأخلاق الحميدة العليا وعنوان التمسك بالسنة السنية لأن المنهج الإسلامي الفريد مصدر انبثاقها ومنبع اشتقاقها وعليه لزم تقويم رؤية العالم والمجتمعات إزاء البيئة وذلك بإخراجها من الحيز المادي المحدود إلى الحيز التعبدي المودود وأن نعزز مفاهيمها الدقيقة لدى فلذات الأكباد والأجيال في المعاهد والجامعات والمدارس والكليات وأن نذكي في طموحاتهم الثقافة البيئية شريعة وعبادة لا ذوقا فحسب وعادة مع تجلية آثار النفع والجمال فيها وكذا في مغباتها ومعانيها كي تنعكس على أرواحهم بالهدى والسعادة. ونبه فضيلته إلى ما يشوب البيئة احيانا من بعض الأوبئة العارضة فعلاجها باتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي النور الذي به يقتدى فيهتدى وذلك باتخاذ الأسباب الشرعية والطبية بالتوكل على الله سبحانه ودعائه وطلبه ورجائه فالذي قدر الداء قدر الدواء والشفاء لا باتباع الشائعات ونشر الأضاليل فذاك من أشنع الموبقات والأمر بحمد الله هين يسير كشروى نقير خصوصا مع الإجراءات الوقائية والكفاءات الطبية وقبل ذلك وبعده العناية الربانية.