لقد صور الشعراء ردود الفعل عليهم جراء متغيرات الحياة أو ما يلامسهم من سلوكيات الآخرين في قوالب عدة ومن تلك «الحزن» هذا الألم الصامت الذي يتأثر به الشاعر بشكل كبير كيف لا وهو صاحب الاحساس المرهف وصاحب الروح الشفافة. وللحزن إرث يكاد لا ينقطع عن الورثة من أهله وممن أوقع فيهم رماحه فهو يورث الألم والحسرة والجروح التي تقطر دماً خاثراً ولا يقف الإرث عند حد معين بل هو متسع ومغدق على من حوله وكأن لسان الحال يقول من حضر فليقتسم ذلك أن من شاهد ذلك الحزن يتأثر أيضاً وينتابه نفس الشعور شفقة على من به ذلك المصاب الجلل: ليا من عيني جفنها عن منامه شام تجافا الجنوب من السهر عن مضاجعها وقلبي يجي للهم منجاع واستجمام هموم يقابلها والأخرى يوادعها ولحظات الأنين الخفي وحالة جدب الدموع التي توقفت عن سيلها ما هي إلا ستار قوي في وجه العوازل رغم شدة الحزن وعندما يتواصل ذلك الأنين وتتكالب الموجعات في حالة ترادف زمني وكأنها جرعات تتزايد من أجل الموت لذلك المتألم. يقول الشاعر عبدالله بن محمد بن حزيم: يا وجودي قاعد والسد باحي لا انضى أمراً والصلاح معطلينه ول يا قلب دنا منه النجاحي وإن نهيته يوقظ النايم ونينه وعندما تجتمع الوحدة وهذا الموكب من الأحزان تتزايد مسببات الألم. يقول الشاعر محمد السديري: وحيد أصارع عبرة تضهد الحشا وأكابد هموم من عنا الكود صايله ويقول أيضاً يصف حالة الهم وما يترتب عليها: ينام من هو ما يعرف الهمومي وعيني اللي نامو حريب لها النوم الله يلوم اللي لحالي يولومي لا ساهر سهري ولا هوب مهموم وتتنوع حالة الحزن وما يصاحبها من هموم حسب الموقف فالبعض منها حالته مؤقتة والبعض الآخر مستديم ريثما تحل حالة الترحل والترحال عن هذه الدنيا يقول الشيخ سعدون العواجي: يا ونة ونيتها تسع ونات مع تسع مع تسعين مع عشر ألوفي مع كثرهن بٍأقصى الحشا مستكنات عداد خلق الله كثير الوصوفي ونة طريح طاح والخيل عجلات كسرة حدا الساقين غاد سعوفي ونسيان هذه الحالة وما يصاحبها من أحزان أمر قد تستحيل إزالته فعندما يشاهد المتأثر حالة المستريح يبادله التهنئة على حاله السعيدة وكأنه يحسده عليها. الحزن إرث المتألم يقول مجدي الهبداني: هنيكم يا هل القلوب المريحه يا لد الهين اللي على بركة الله هنيكم بقلوبكم مستريحه ويا ليت قلبي كل ما حداه ينساه ويتزامن مع حالة الحزن تغير سلوكي فهو مؤثر على جميع مراكز الاحساس ومن ذلك قلة النوم والهوجاس وقلة التذكر والبعد عن الزاد يقول نقيان العميري: البارحه يا عبيد عييت أناما قلب الخطا كثر علي الهواجس غديت مثل اللي طواه الهياما يا حال يللي مثل طي القراطيس ويقول صقر الصلال يهنئ من نومه كثير وقلبه مستريح من العناء: يا هني من هو تهنى بنومه يا غريب لا مسهر مثلي ولا جاه من خله عذاب وعن ضمور الحال وتأثر القلب بذلك الحزن: يقول الشاعر عبدالعزيز العييدي: تل قلبي من أقصى ضامر الروح تله نشت الحال من عقبه طواها الهيامي وكثيراً ما خرجت تلك الأحزان والآهات في صور شعرية جميلة تصور الحال وتنقل المعاناة الحقيقية في أقرب ملامح لها: يبس عودي وحت كل الورق منك ومن هم قلبي جواه من زود دمعي حتى نومي سرق ويزيد جر القلب ليا منه طراه وصورة أخرى لحمد الفرج: أضحك وأنالي غابت الشمس ونيت قلت آه من شيء بقلبي كواني البارحة في مرقدي ما تهنيت حرام يا نوم الملا ما هناني وعندما يتحدث ذلك الحزين فإن مفرداته لن تخلو من لقطة الجروح وما يترتب عليها ولكن الجرح هنا غير مرئي وغير ملموس يقول محمد العثيم: خذها على لساني وهات الربابه وأرفعها صوت كل هم يجليه بي هاجس لامن تناسيت جابه وزادها أنه في خيالي وأداريه خلاني في هم طويل وكآبه وضيعت له وقت طويل وأنا أرجيه حزن الربابه صوتها من صوابه صوت حزين وانا دايم مخاويه إرفعها في صوت رخيم جوابه واصبغها من لون الليالي بباقيه ورجعني في دربي بحلم الصبابه يمكن تشافيني ويمكن آلاقيه