أمرت النيابة العامة أمس بفتح تحقيقات معمقة حول وفاة طالب وإصابة آخرين يوم الجمعة على إثر مواجهات دموية بين طلبة إسلاميين ويساريين راديكاليين بجامعة فاس (وسط المغرب). وأفاد بلاغ للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بفاس أن النيابة العامة تجري بحثا بواسطة الشرطة القضائية حول هذه الأحداث التي خلفت وفاة طالب وإصابة عشرات آخرين. وأشار البلاغ إلى أن الأبحاث لا تزال جارية في موضوع القضية، وسيتم حصر الآثار القانونية اللازمة على ضوء نتائجها. وكانت مواجهات دموية قد استمرت في جامعة فاس يومي الخميس والجمعة، بعد هجوم شنه فصيل "النهج الديمقراطي القاعدي" (ينتمي إلى اليسار الراديكالي) بالأسلحة البيضاء على طلبة فصيل "التجديد الطلابي" الذين كانوا يعقدون ندوة وطنية تحت عنوان "الإسلاميون واليسار والديمقراطية". وأصيب على إثر هذا الهجوم، التي استعملت فيه السيوف والسواطير والسكاكين، مجموعة من الطلبة بإصابات خطيرة، نقلوا على إثرها إلى المستشفى، حيث أعلن بعدها (الجمعة) عن وفاة الطالب الحسناوي متأثرا بجروح بليغة أصيب بها خلال هذا الهجوم. ودعت منظمة التجديد الطلابي الدولة إلى إعلان "النهج الديمقراطي القاعدي" منظمة إرهابية، وما يستوجبه ذلك من إجراءات قانونية وأمنية في حق قاتلي عضوها عبد الرحيم الحسناوي، وحمّلت الجهات الرسمية مسؤولية الفاجعة "لعدم تحملها مسؤوليتها كاملة في حفظ الأمن في الوسط الجامعي، واستمرار أسلوب المهادنة في التعامل مع مظاهر التسلح داخل الحرم الجامعي". وحضر أمس، وزراء من العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة مراسيم دفن الطالب الحسناوي، من بينهم الأمين العام نفسه ورئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، ولحسن الداودي وزير التعليم والبحث العلمي، وسمية بن خلدون الوزيرة المنتدبة في نفس الوزارة، وعبد الله باها وزير الدولة، وبرلمانيون آخرون عن الحزب. وأجمعت كل التيارات السياسية على إدانة هذا التصرف الإجرامي، وسارع فصيل "الطلبة الديمقراطين التقدميين" إلى إدانة مقتل الطالب الحسناوي، مستنكرا القيام بالعنف أيا كانت أسبابه ودواعيه. ودعا المحامي والبرلماني عن العدالة والتنمية، عبد الصمد الإدريسي، الدولة إلى تحمل مسؤوليتها، مطالبا النيابة العامة بالكشف عن "الجناة الحقيقيين" الذين يقفون وراء هذه الأحداث. وأدانت، من جهتها حنان رحاب، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، مقتل الطالب الحسناوي الذي ينتمي إلى منظمة التجديد الطلابي المقربة من العدالة والتنمية. وأضافت أن عودة العنف إلى الجامعة المغربية أمر مرفوض وسلوك مدان وغير مبرر ولا يخدم الديمقراطية والاختلاف والتنوع في البلاد، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "أي صمت حول ما حدث في جامعة فاس، يعني عودة العنف للجامعة، بعد أن قطعنا معه مدة طويلة، كما نقدم تعازينا لمنظمة التجديد الطلابي". واستنكرت سارة سوجار، العضو بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، مقتل الطالب الحسناوي، ونددت بعودة العنف إلى ردهات الجامعات وأن تتحول من فضاء للدراسة والعلم إلى حلبة للصراعات الدموية.