أكد سماحة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، أن انتماء الإنسان إلى الدولة المسلمة يقتضي منه السمع والطاعة لولي أمر المسلمين فيها، والحذر من الخروج على هذه الدولة بشبهات أو مغريات أو غير ذلك من الانتماءات الأخرى الفكرية والمذهبية، والتمسك بهذه الدولة ومناصرتها، وأن تكون مع جماعة المسلمين فيها، وعدم التفرقة وتبني الأفكار الوافدة التي ضيعت كثيرا من شباب المسلمين. يجب مواجهة من يدعون إلى الخروج على ولي الأمر أو زج الشباب بأماكن الصراع وبين سماحته في المحاضرة التي نظمتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في كلية أصول الدين في قاعة الشيخ محمد بن إبراهيم بمبنى المؤتمرات بالجامعة أمس، والتي كانت بعنوان (وجوب لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر والتحذير من الانتماء للفرق والأحزاب والجماعات) أنه لا يصلح اجتماع ليس له رأس وليس له قائد. وقال الشيخ الفوزان، إن الله عز وجل أمر بالسمع والطاعة لولي الأمر، قال صلى الله عليه وسلم: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد تسمعون وتطيعون"، لذلك يطاع لولي الأمر المسلم ولا يخرج عليه سواء كان براً أو فاجراً ما لم يرَ كفراً بواحاً، وطاعة الإمام ضرورة دينية ودنيوية، فلابد من الصبر حتى ولو جار أو ظلم، ولا يعني ذلك إقرارا للظلم أو الجور، لكن دفع لما هو أشد، ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - عبارة جميله يقول: (ما عرف أن منهجنا الكتاب والسنة.. ولا تعنينا مسميات الجامية والوهابية قوماً خرجوا على واليهم إلا كان حالهم بعد الخروج شرا من حالهم قبل الخروج عليه) فهذه سنة كونية، ولا شك أن اتخاذ الإمامة والسمع والطاعة ضرورة، فلا اجتماع إلا بأمن، ولا أمن إلا بإمام يقيم العدل والحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأخذ على يد الظالم وينصر المظلوم، فهذه لا تكون إلا بيد ولي الأمر فلا بد من السمع والطاعة. الشيخ د. صالح الفوزان وإلى يمينه د. سليمان أبا الخيل وأشار سماحته أن ولي أمر المسلمين له الصلاحيات في إقامة الجهاد في سبيل الله والغزو معه وتحت رايته، وقال: التفرق والاختلاف شر على المسلمين كما تشاهدون الآن من الثورات التي حصلت ماذا كانت نتائجها، وما آثارها التي تشاهدونها اليوم إلا أكبر شاهد على ضرورة لزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر، والبقاء معه لان الله يدفع به ما يضمن للمسلمين أمنهم واستقرارهم، لهذا لا بد من الحذر من كيد الجماعات التكفيرية. وشدد الشيخ الفوزان على أن المنافقين وجدوا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا ما قالوا في المسلمين حتى في الرسول، وذكر ذلك في القرآن الكريم، والتحذير من اتباعهم الذين يأتون من بعد، فكل من سار على منهجهم فهو منهم فلا نستمع إليه ولا نلتقت إلى قوله، ونحن على منهج سليم وليس عندنا شك مقتنعون بما عندنا ما دام أنه على كتاب الله وسنة رسوله، وهذه الدعوة المباركة مهما قالوا فيها. وأكد سماحته على أن الدولة هذه قائمة على الحق، والواقع يشهد لها (فأي دولة الآن في الإسلام مثل هذه الدولة)، وهي منذ قامت على يد الإمامين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود، قامت على قاعدة سلمية ومتوفر فيها الأمن والاستقرار والعمل الصالح، والمغرضون يسمونها ما يسمونها ولا نلتفت لشبهات المشبهين وتغريدات الضالين الذين ينعقون في المسلمين، لا تلتفتوا إلى هذه الأمور بل انظروا إلى الواقع يدلكم على هذا الشيء إما حق وإما باطل. وحول الحديث في المجالس وانتقاد الدولة وولاة الأمر، أكد الشيخ الفوزان أن هذا من عمل الخوارج، والخروج ليس فقط في بالشوارع بل يكون بالاعتقاد بمنهج الخوارج والاعتقاد أو العمل، فالخروج له أنواع والذي يتلفظ بدعوة الخوارج فهو خارجي، فمن خرج عن المنهج السليم فهو من أهل الضلال. وحول انتقاد كبار العلماء وأنهم يجاملون ولاة الأمر وهم من يسمون بالجامية، أوضح سماحته أن هذا ليس منهجا أو حزبا بل هو قول الله (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ولم يقل بذلك جامي أو غيره، وهم من أوجدوا المسميات كالجامية والوهابية، ونحن في هذه البلاد والحمد لله على المنهج الصحيح. جانب من الحضور وبين الشيخ صالح الفوزان أن الجماعة هي أهل السنة والجماعة، ولا نلتفت إلى من يطلقون على أنفسهم (الإخوان) ومن كان منهجه معتدلا ومتوسطا ومطابقا للكتاب والسنة فلهم التقدير والود، أما غير ذلك فهم ليسوا منا. وشدد الشيخ الفوزان على أنه يجب على الناس من معلمين وخطباء مساجد وعلماء توضيح خطورة من يسمون أنفسهم (بالدعاة) والذين يدعون إلى الخروج على ولي الأمر، أو زج الشباب بأماكن الصراع، مؤكدا على ضرورة كشفهم والرد عليهم. وقال الشيخ الفوزان ردا على من ينتقد العلماء في المملكة بأنهم لا يفهمون فقه الواقع، بأن هذا كلام ضلال والعلماء لم يسموا بذلك إلا لمعرفتهم تماما بالواقع أكثر من غيرهم. وشدد عضو هيئة كبار العلماء على وجوب اتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما سار عليه من بعده السلف الصالح، وقال: يجب علينا عدم الخروج عن جماعة المسلمين وعن طاعة ولي الأمر، هذا هو ضمان النجاة في الدنيا والآخرة، وبه يحصل الأمن والاستقرار وبدونه تحصل الفوضى والدمار ويحصل سفك الدماء وخراب الديار، ويضيع الأمن ويتشجع المجرمون على أهل الحق، فالواجب علينا أن نحذر من الفتن ونحذر منها، وأن نمنع أولادنا من الذهاب إليها، وإن سموها بأسماء براقة، ونحن نعلم أنها ليست من المصلحة وليست من الجهاد في سبيل الله، وما يحصل من الدمار والخراب هو نتاج الاستماع للأفكار المنحرفة التي تدعو الناس باسم الجهاد وباسم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهي تريد واقع ذلك أو تجهل العواقب، لا نقول كلهم على هذا، بل بعضهم عن حسن نية. ونوه سماحته أننا في هذه البلاد ندرس العقيدة ويجب أن نسير عليها وأن ندرسها وأن ننشرها وأن نحرص على تطبيقها في بلادنا وفي أولادنا، فالمصلحة لنا، ليست للولاة فالخوف والأمن والاستقرار هي لنا نحن، فهم يسهرون ونحن ننام وهم يخافون ونحن نأمن، فيجب علينا أن نتذكر هذا، فنحن في نعمة ولله الحمد. من جانبه، قدم مدير الجامعة الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل شكره لسماحة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان على ما قال وأجاد وأفاد به، ونوه معاليه على وجوب لزوم جماعة المسلمين وإمامهم والسمع والطاعة لولاة الأمر في غير معصية الله، محذراً من الجماعات والأحزاب والاتجاهات خصوصاً بعد الأوامر السامية والقرارات من وزارة الداخلية والتي من خلالها أعاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز- حفظه الله – أساس هذه الدولة وبناءها وكيانها المنطلق من نصوص الوحيين عندما منع أبناء هذه البلاد من الخوض في المسائل والوقوع في المزالق والذهاب إلى أماكن الصراعات التي يسميها دعاة الباطل جهاداً. وفي نهاية اللقاء الذي حضره جمع غفير تم السحب على جوائز للحاضرين.