شكلت حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلاقة أولى للمسلمين من أرجاء المعمورة ليؤدوا فريضة الحج مكملين بذلك الركن الخامس من أركان الدين الإسلامي. وفي قصة الحج بالماضي ذكريات حملت صعوبات كثيرة على حجاج بيت الله الحرام والعاملين في خدماتهم. أما اليوم فقد تحول الحج واستعداداته من مجرد تجهيز مخيمات إلى نقل كامل لمشعري عرفات من أرض جرداء إلى مدينة متكاملة الخدمات مرتبطة بشبكة كهربائية وأخرى هاتفية. لكن كيف تتحول عرفات إلى مدينة متكاملة الخدمات، وفي ذلك أعمال تسبقها استعدادات أولية وأخرى نهائية. وعن أبرز الاستعدادات يروي ل «الرياض» عدد من العاملين بخدمات الحجاج مثل تجهيز وإعداد مخيمات الحجاج بالمشاعر المقدسة. في البداية يقول عبدالله عمر علاء الدين رئيس مؤسسة مطوفي تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا ان الاستعدادات الأولية لتجهيز الحج والذي يعتمد عادة على أعداد الحجاج القادمين لموسم الحج ومن ثم تبدأ المؤسسة في عملية تمهيد المواقع وتخطيطها لتوزيعها على مجموعات الخدمات الميدانية وفقاً لاعداد الحجاج وتعتمد عملية التجهيز على تخطيط المواقع بحيث تحدد المخيمات بعرفات والطرق ومخارج الطوارئ ومواقع دورات المياه والمصليات وهذا الجهد يغفله الكثير من البعيدين عن خدمات الحجاج ويتم تنفيذه وفقاً لبرنامج زمني يتم تحديده من قبل مهندسين متخصصين تستعين بهم المؤسسة لتخطيط المواقع أولاً ومن ثم تحديد الاحتياجات من الخيام والفرش وترامس المياه ووسائل السلامة اللازمة. وأضاف علاء الدين بأن جميع هذه الأمور تكون في زمن قياسي جداً والا يتجاوز فترة الأسبوع لإعداد المخيم الذي يستخدم ليوم واحد فقط في عرفات وهذا العمل الذي يعد عملاً جميلاً في معانيه وشرفاً كبيراً يحظى به جميع من شرفهم الله بخدمة ضيوفه الكرام من حجاج بيت الله الحرام إلا انه في نفس الوقت يعتبر مرهقاً ولكن الارهاق يغيب بشرف الخدمة الذي تحظى به المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة وحرصها على توفير كل سبل الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن ليؤدوا نسكهم ويعودوا إلى أوطانهم سالمين غانمين. وما ان ينتصف شهر ذي العقدة حتى تتحول عرفات إلى خلية نحل تجمع بين عاملين بشركات ومؤسسات مقاولات الطرق لمتابعة عمليات الصيانة وإعادة تخطيطها وفق خطة السير المعتمدة لموسم الحج اما الآخرون من العاملين بمؤسسات الطوافة الذين يمسكون بخطط تنفيذ وإنشاء مخيمات الحجاج فإنهم يحملون بأيديهم أوتادا من حديد ومفارش أرضية وخيام قماشية تأخذ لون البياض لتجمع بين بياض الاحرام وجمال المنظر معبرة عن صفاء القلب في يوم الوقفة الكبرى على صعيد عرفات الطاهرة. وهذه الخيام والاستعدادات التي يتم توفيرها من قبل فرق عمل متعددة تعمل على مدار الساعة قبل وقوف الحجاج بعرفة لتكون جاهزة متكاملة تقيهم من أشعة الشمس وبرودة الطقس وتفرغهم لأداء فريضتهم دون أن تكون هناك أي عوائق أو احتياجات لمتطلباتهم. وعادة ما تكون أدوات وتجهيزات المخيمات مخزنة داخل مستودعات خاصة على مدار العام دون أن يكون لها أي عمل يؤدي سوى انتظار قدوم الحجيج لتخرج من مستودعاتها متجهة لأعمال الصيانة قبل نقلها إلى مشعر عرفات. ورغم الجهد الجسدي الغائب عن الكثيرين فإن العاملين بمخيمات الحجاج يرون ما يؤدونه من خدمات ليس بدرجة الإرهاق البدني إيماناً منهم بأن ما يقدمونه ما هو إلا واجب ديني وشرف وطني. وهو ما أشار إليه فهد العويضي صاحب إحدى المؤسسات الوطنية المتخصصة في إنشاء وتركيب المخيمات بقوله إن العمل في خدمة الحجاج سواء كان على الطرق المؤدية إلى مكةالمكرمة أو داخل مكة أو في المشاعر المقدسة شرف لا يضاهيه شرف آخر ومع أن العمل يعتمد على الجهد البدني الكثير فإننا لا ننظر إلى العائد المادي والذي لا يسد احتياج العمالة العاملة في تجهيز المخيمات ولكن الجميع هنا ينظر إلى الأجر والمثوبة من الله. وعرفات التي لا يتعدى مكوث الحاج فيها ساعات معدودات فإن ما يعد ويجهز لخدمة الحجيج فيها وان كان يستمر على مدار العام من مشاريع تنفذ فإن عملية تجهيز المخيمات تأخذ نحو شهر لتؤكد للجميع ان شرف خدمة الحاج لا يرتبط بفترة زمنية لخدمة تؤدى في ساعات ثم تتوارى لكنها ساعات تتواصل أياماً لينعم الحاج بأداء فريضته بعد أن هيئت له كافة سبل الراحة من قبل ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة.