إن الثقافة في القرن الواحد والعشرين - ثقافة حية - وفي جوهرها الاستحواذي عنصر تقني ينبع من كينونة العامل أو المجتهد الذي يبحث عن مهارة تقنية، تؤهله إلى التطبيق مباشرة متجاوزا مراحل الإعداد المعهودة كالماضي، فمسألة هذا القرن لها القدرة على إعادة القديم ثم تكوينه من جديد، حيث يبدأ من الطابع الغالب فيه، ليكون معيارا اصطلاحيا يحدد القيمة التفاعلية. إننا عندما نستحضر تاريخ الأمم نجد أن لكل أمة ثقافة وحضارة تنفرد بهما عن الأخريات فإذا قلنا إن " إدورادو بورتيلا " تناول في كتابه " القيم إلى أين.." الثقافة في القرن الحادي والعشرين، وقال : (عندما تتحوّل الهوية الثقافية إلى هوية مطلقة تزدهر العنصرية، ثم أتبع ذلك الطرح بعدة مفاهيم، أهمها مفهوم الهوية الثقافية، منوهاً أن هذه الهوية اليوم محاطة بوعود الثقافة الكونية وهو يستعد لرسم ملامح جديدة للعالمية التي كونت تفكيرنا، وأحياناً شوهته). ومن جهة أخرى نجد أن هذه المسألة قادرة على تحديث نفسها بنفسها رغم الوضع الملتبس، فالإشادة أحياناً تخفي استراتيجيات هذه المسائل رغم مساندة الإعلام لها بشكل كبير، لصالح الثقافة بوجه عام، وتكمن السلطة فيها للعولمة، بينما الناس في الظاهر تخفي الهيمنة وتسلط الأضواء على التجانس الكوني، بيد أن المجتمع أمام ثقافة متنوعة يحدد العالم هويتها وفقاً لمعايير عرقية ودينية، أو حسبما تتشكل الحضارة التي بها، وفي أحيان كثيرة نجد أن المثقف يركن إلى تاريخ قديم فيمكث بحضرته طويلاً، فما علينا إذن، إلا تتبع فحوى هذا التنوع... فالثقافة العربية في القرن الواحد والعشرين، مدخل لعدة مدارس فكرية مختلفة لعدد كبير من كبار المفكرين في المغرب العربي وغيرهم، و أعمال ثرية تتحدث عن " الحصيلة الفكرية " في أقسامها وفصولها، و" الحصيلة الأدبية والفنية " وفصولها المختلفة والمتعددة التي جُمعت منذ ظهورها إلى تاريخ هذا القرن من الفنون العربية والتاريخية، ولكن الفائدة المرجوة مغيبة عن أرض الواقع ، نحن نقرأ والتطبيق غير ظاهر. بينما السؤال التقليدي الذي يمكن طرحه هنا، أين أسماء المثقفين السعوديين أو الخليجيين من هذه الموسوعات العربية والبحوث العلمية والأدبية باستثناء بعض الروائيين فقط، أين هم من هذه الأنشطة الإقليمية ؟ والتي تعتبر جسرا للعالمية، وما هو دور النوادي الأدبية، التي انشغلت في خلافات داخلية على المناصب والمهام وتركت جوانب التطوير الثقافي إلى أجل غير مسمى، فينبغي على الإنسان أن يظهر في كون المعرفة بلا أجر أو ثمن، ويترك السبق للقيمة الكبيرة التي ينتجها. لولا أن الكثير لاحظ في الآونة الأخيرة ما للصحافة من دور ريادي لإثراء هذا الجانب، وخرّجت من مدرستها عدة مؤلفين ومثقفين، تصدرت أسماؤهم دور النشر والمراكز التي جعلت من أهدافها الرئيسية، دعم الشباب وأولتهم رعايتها كمثقفين وصناع ومنتجين، وقوة قادرة على تحقيق مصلحة عامة للوطن والمجتمع، ومركز الأمير سلمان للشباب، خير من مثل هذا الدعم بلا عوائد ربحية أو مادية . فمن الممكن أن يستنتج القارئ واقع الأمر، من خلال نشاطات الزمن الدورية التي تسترعي الانتباه، وتسجل انجازات الثقافة المحلية اليوم وخصائصها واعتمادها على النوادي الأدبية، التي لا يكاد يتجاوز نشاطها الأسماء والشروط المحددة، وغطاء إعلامي مقرر سلفا ، والانتماء إلى الموروث دون بصمة حقيقية تثري الساحة الأدبية كمفهوم سيادي لهذا الموروث، إن الطرح عبر الصفحات لا يمثل مجرد نشاط يقوم به الفرد، لإثراء المعلومة أو للوصول إلى مغزى بذاته دون غيره، وإنما من أجل الوصول إلى ذلك الجوهر الذي يكشف عن مكمن التعقل، ويصل بالجميع إلى دائرة الضوء التي حجبتها بعض السحب..