قبل سنوات كتبنا الكثير عن قنوات فضائية تتيح الفرصة للمشعوذين والسحرة للظهور من خلالها ببرامج متعددة، وبالاعتماد بصفة كبيرة على الاتصال المدفوع الغالي الثمن والذي يذهب ضحيته الكثير من الأبرياء وضعاف النفوس للأسف، ومع مرور الزمن توقعت أن تتلاشى هذه الظاهرة العجيبة والغريبة على سماء الفضاء العربي!. مؤخراً وبالصدفة اندهشت بصراحة بتكاثر قنوات فضائية أخطر من التي كانت بالسابق، مدهش الأمر بالفعل وبتعدد متنوع، والمصيبة الكبرى أن التدليس للمشاهد يأتي من خلال وضع خلفية للقرآن الكريم، فالمشاهد البسيط ينخدع أنها بالفعل قنوات فضائية إسلامية وليست للشعوذة والدجل والسحر أيضاً. (جلب الحبيب)، (رجوع المطلقة)، (زواج العانس) إضافات جديدة وببهارات أكثر لشيوخ المشايخ كما يعلنون عن أنفسهم، بالإضافة لاحترافيتهم بفك السحر بأنواعه كما يعلنون: المعلق والمدفون والمرشوش، قمة الاستغفال في إعلاناتهم، فالمدفون يوحي لك انه دعاية لمطعم وليس لمعالج روحاني كبير كما يدعون..!! لماذا عادت وبقوة هذه الخزعبلات وبطرق ملتوية وتحت شعار الدين وتعاليمه؟. الإشكالية هنا ليست فقط على مسؤولي الأقمار الصناعية العربية الذين أتاحوا لهؤلاء المشعوذين لاستغلال نقاط ضعف الكثيرين وإيمانهم بهذه الأمور، خصوصا أنهم يتلاعبون على الوتر الحساس لأغلبية أبناء المجتمعات العربية، فجلب الحبيب ورجوع المطلقة وزواج العانس يربطها الكثيرون وحتى العقلاء منهم بالسحر والعين، فعندما يتم الطلاق لأسباب طبيعية أحياناً، يتم تصوير الأمر وكأن هناك بالأمر سحراً، طبعاً لا ندري هل هو مدفون او مرشوش أو مظبي، وكذلك الحال مع العنوسة وهجران الحبيب. أنا شخصياً أتوقع أن الإشكالية الكبرى هي في الوعي، فلولا نجاح دسائس هؤلاء المشعوذين والقائمين على هذه القنوات لما تكاثرت وبالصورة التي نشاهدها، حتى إنه للأسف وأقولها بمرارة تجد الإقبال والتواصل معهم بشكل كبير خصوصاً من سيدات سعوديات حسب معلوماتي، وللمعلومية متعلمات ولكن الجهل يكون بالقيم وليس بالشهادات..!! أذكر قبل أعوام حضر للرياض شخص يدعي علاج أمراض السرطان وكان ذكياً جداً في استغلاله للأخبار الصحفية آنذاك وبشكل غير مسبوق، حتى إنني التقيت به، وحكى لي عن قدراته العجيبة بهذا الشأن، وكما تعلمون أحياناً المريض وخصوصاً بالأمراض الخطيرة يتعلقون بالقشة، ومن الطريف ولأنه سابق عصره بالاستغلال الإعلامي للترويج عن نفسه، أعطاني صوراً له لنشرها وهو يدعي وخلفه بيت الله الحرام بمكة المكرمة، كأسلوب ذكي للترويج عن نفسه بصورة ذكية، والحمدلله أنه لم يتم له ما أراد!! ولكن ماذا فعل بعد ذلك؟ تطور وافتتح له قناة فضائية خاصة به وروج لنفسه بشكل كبير استغل فيه المرضى المضطرين وأهاليهم المساكين، وحتى الآن يواصل مشواره وبدهاء، ولا ينافسه إلا كبار شيوخ الشيوخ كما يدعون وغيرهم، بصورة محزنة لواقع إعلامي فضائي لا يجرم مثل هذه الحالات من الدجل والنصب في ظل غياب توافق إعلامي عربي على مستوى عال لمحاربة تجار السحر وفتح النصيب وحل المشاكل الزوجية وأيضاً علاج العقم، فهل يتعظ المشاهدون أم تستمر مثل هذه الخزعبلات؟!.