بدأ السّباق الرئاسي يتخذ منحى الضغوط الداخلية على الكتل النيابية الرئيسية وفي مقدّمتها "كتلة المستقبل" النيابية التي تضمّ مع حلفائها زهاء ال59 نائبا. علما بأن الدورة الأولى من الانتخابات تحتاج الى نصاب الثلثين أي ما يوازي ال86 نائبا، في حين لا يمكن عقد الجلسة الثانية بأقل من 65 نائبا. ولعلّ "المستقبل" سيكون الجهة الأكثر إحراجا بسبب كثرة المرشحين الموارنة المنضوين تحت لواء قوى 14 آذار من سمير جعجع الى أمين الجميل وبطرس حرب، أما قوى 8 آذار و"حزب الله" فلها مرشح أوحد هو رئيس "تيار التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون. لا شكّ بأن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع هو أحد الصقور في قوى 14 آذار بخطابه المندفع والذي لا يحتمل التأويل تجاه قضايا أساسية في لبنان وخصوصا سلاح "حزب الله" ورفض مشاركته في الحرب السورية، وسمير جعجع هو الوحيد الذي رفض المساومة على هذين الموضوعين وأبى الدخول الى "اللجنة الحكومية" انسجاما مع موقفه الرافض لحكومة وفاق وطني لأنها برأيه لا جدوى منها" ما دام "حزب الله" في سوريا. من هذا المنطلق فإن قوى 14 آذار ومنها "تيار المستقبل" تنظر الى جعجع على أنه "شخصية يصعب ترويضها"، لذا فهي غير مندفعة لدعمه على أساس "أنه مستقلّ بشكل غير مقبول". من هنا تتذرع هذه القوى بأمور شتى كي لا تتبنى ترشح سمير جعجع أبرزها حجة ترشح شخصيات منضوية في قوى 14 آذار أبرزها رئيس حزب الكتائب أمين الجميل. والأخير الذي لوّح وحزبه برفض المشاركة في الحكومة الحالية عاد وقبل الجلوس مع "حزب الله"، وكان الجميل فتح خطوط التواصل بشكل واضح وصريح مع السفارة الإيرانية في بيروت وكأنه يمدّ خطوط التواصل مع القوى الإقليمية التي يمكن أن تكون لها كلمة مسموعة في الاستحقاق الرئاسي المقبل. يتريث "تيار المستقبل" في اتخاذ قرار علني بدعم مرشح دون آخر، وخصوصا بعد أن أحرجه ترشح جعجع العلني لكنّ أوساطا رفيعة في التيار الأزرق تؤكد ل"الرياض" بأن "تيار المستقبل ينطلق من ثابتة رئيسية فندها الرئيس سعد الحريري تقول بأنه لن يقف في وجه المسيحيين وأي خيار يتخذونه". أما الثابتة الثانية فهي" رفض "تيار المستقبل" للفراغ الرئاسي لسبب جوهري هو أنه لا يمكن إجراء الانتخابات النيابية في الخريف المقبل من دون رئيس جمهورية، وبالتالي فإن انتخاب رئيس جديد هو حتميّ". يذهب بعض خصوم "القوات اللبنانية" ورئيسها سمير جعجع الى البناء على العلاقة المستجدّة بين العماد ميشال عون وبين الرئيس سعد الحريري وخصوصا بعد لقاءات عدة بينهما في خارج لبنان قبل تشكيل الحكومة الحالية برئاسة تمّام سلام. تشير أوساط "تيار المستقبل" ل"الرياض" بأن "العلاقة مع العماد عون محدودة بالحكومة فحسب" وتشرح هذه الأوساط: "بعد اتفاقنا على تشكيل الحكومة وعلى مبدأ المداورة مع "حزب الله" واعتقادنا بأن عون سيمشي بهذا الاتفاق كما حليفه، فوجئنا بأن "حزب الله" الذي طلب مهلة لإقناع عون ذهب ولم يعد. وبالتالي لم يشأ "تيار المستقبل" ولا لحظة واحدة أن يصوّر بأنه يقف في مواجهة المسيحيين وخصوصا إذا تشكلت الحكومة وقام وزراء عون بالانسحاب، وبالتالي كان التقارب الموضعي مع عون في الشأن الحكومي فحسب ولا شأن لذلك بالاستحقاق الرئاسي المقبل". تصف أوساط "تيار المستقبل" حكومة الرئيس سلام بأنها "حكومة ربط نزاع" في انتظار الحلول النهائية التي ستظهر في سوريا، "من الآن وحتى ذلك الحين فإن العلاقة مع "حزب الله" مقطوعة ولا تواصل بيننا البتة".