شهدت المفاوضات على قانون الانتخاب في لبنان خلطاً جديداً للأوراق، بعد أن أدى اتفاق تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» على مشروع قانون مختلط يدمج بين النظامين النسبي والأكثري، الى نسف مشروع قانون «اللقاء الأرثوذكسي» الذي كان رئيس البرلمان نبيه بري يتهيأ لطرحه على التصويت، فأطلق بري اقتراحاً جديداً أمس لإحياء الأرثوذكسي، يقضي بانتخاب نصف النواب (64) على أساسه أي بانتخابهم من قبل مذاهبهم الطائفية وفي لبنان دائرة واحدة، وانتخاب النصف الآخر على أساس قانون الستين المعمول به حالياً والذي كانت رفضته الأحزاب المسيحية الموزعة على قوى 8 و14 آذار. وإذ تخلى بري بذلك عن اقتراحه الرئيسي الذي كان طرحه قبل أشهر باعتماد القانون المختلط مناصفة بين النظامين النسبي والأكثري، الذي عدله اتفاق «المستقبل» و «القوات» و «الاشتراكي» باقتراح انتخاب 68 نائباً على الأكثري و60 نائباً على النسبي، فإن مواقف ممثلي الكتل النيابية في اللجنة النيابية المصغرة التي يرأس اجتماعاتها بري تفاوتت حيال ما طرحه. وفيما أيده ممثلا «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون رفضه ممثل كتلة «المستقبل»النيابية لأنه يقوم على «الأرثوذكسي». وبينما تسرّب مساء أمس أن بري أبلغ أعضاء اللجنة في اجتماعها الثاني المسائي، أنه لا يتمسك باقتراحه الجديد «وأنا دوري أن أسهل ما يوصلنا الى قانون انتخاب وإذا كان هذا الاقتراح لا يسهل اعتبروه كأنه لم يكن وكل ما أردته هو أن تدرسوه»، فإن رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل كان قال: «ندعم أي حل يساعد على الوصول الى قانون انتخاب عادل ونحن الى جانب الرئيس بري في هذا واقتراحه قد يشكل مدخلاً للحل». وعادت اللجنة النيابية المصغرة الى دراسة الملاحظات التي أبداها ممثلا «التيار الوطني الحر» و «حزب الله»، وممثل حزب «الكتائب» على المشروع المختلط طالبين أجوبة من الأطراف الذين قدموه أي «المستقبل» و «القوات» و «الاشتراكي». وتزامن خلط الأوراق مع استمرار تبادل الاتهامات بين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، خصوصاً أن بعض نواب عون اتهموا جعجع بالخيانة لتخليه عن مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» وأنه فرّط بحقوق المسيحيين فوصف جعجع هؤلاء ب «الكذابين». وقال جعجع إن النظام السوري و «حزب الله» وراء هجوم عون ونوابه على «القوات اللبنانية». كما اتهم عون بأنه يريد العودة الى قانون الستين مؤكداً أن اجتماع القيادات المارونية الأخير في البطريركية كان على إيجاد قانون مختلط. وفي هذا السياق قال وزير الطاقة جبران باسيل، المسؤول السياسي في «التيار الحر» إن انتشار المسيحيين في كل أنحاء الوطن لا يضمن تمثيلهم وفق القوانين الأكثرية والمختلط واتهم «القوات» بأنها أطاحت «الأرثوذكسي» واختارت القانون الذي يربّح 14 آذار لا الذي ينصف المسيحيين، وأكد أن المختلط يخسّر المسيحيين 14 نائباً. ورأى باسيل أن اتفاق الطائف كان نكبة. وكرر بعض الأوساط النيابية القول إن الخشية من استمرار الدوامة النيابية حول قانون الانتخاب هي من أن يكون الهدف إيصال الأمور الى الجلسة النيابية العامة التي ستستأنف غداً السبت لمرحلة من التجاذب بحيث يطرح فريق 8 آذار، لا سيما «حزب الله» والرئيس بري التمديد للبرلمان. وذكر مصدر في قوى 14 آذار أن المخرج من دوامة مشاريع قوانين الانتخاب هو بطرح الأرثوذكسي والمختلط على التصويت لاعتماد ما يحصل على الأكثرية، في إشارة الى ضمان حصول المختلط على الأكثرية وسقوط «الأرثوذكسي». وذكرت مصادر نيابية أنه كثر الحديث في الأيام الماضية عن استحقاق التمديد للبرلمان، خصوصاً أنه إذا لم يحسم البرلمان الموقف من قانون الانتخاب قبل 19 الجاري، إذ ينتهي تعليق مهل الترشح على قانون الانتخاب النافذ حالياً أي قانون الستين، ما يحتم البت بفكرة التمديد للبرلمان، لتمديد مهل الترشح في انتظار الاتفاق على قانون الانتخاب. إلا أن مصدراً في قوى 14 آذار أكد أنها لن توافق على التمديد للمجلس النيابي وتصر على إقرار قانون الانتخاب، وإذا بقي الوضع ضمن هذه الحلقة المفرغة فهناك خطر حصول فراغ في السلطة التشريعية.