ثلاث جامعات صدر الأمر الكريم بإنشائها في جدة وحفر الباطن وبيشة، جاءت امتداداً للتطور الملاحظ والمشاهد لقطاع التعليم العالي في مناطق ومحافظات المملكة، حيث بلغ عدد جامعاتنا ثماني وعشرين جامعة بحمد الله. وإذا كانت التنمية التي تحققت في بلدنا تقاس بقوتنا الاقتصادية فإن بناء القدرات البشرية وتنمية العقول من خلال التوسع في إنشاء الجامعات هو أيضاً أحد المؤشرات الأساسية لمستوى التنمية الذي تحقق، حيث أن التعليم هو قاعدة الانطلاق الحقيقية للتنمية وذلك بالنظر إلى دوره في تحقيق التنمية البشرية والارتقاء بقدرات وطاقات أفراد المجتمع الذين هم سواعد العملية التنموية الاقتصادية والاجتماعية على حدٍ سواء. أما فيما يتعلق بالجانب المكاني والعمراني فإن واقع الحال الذي تعيشه المدن الكبرى بالمملكة وماتعانيه من ضغط تنموي وتكدس سكاني يستلزم التوجه نحو التنمية الشاملة والمتوازنة وتشجيع الهجرة السكانية المعاكسة والتركيز بصورة مستمرة على تطوير المحافظات والمدن الأقل حظاً في التنمية، لجعلها مناطق جاذبة للسكان، ومهيأة بكافة أنواع الخدمات التي يستفيد منها السكان، وذلك من خلال توفير الفرص الوظيفية، والحوافز الاستثمارية، وإنشاء المدن الصناعية، والمرافق الصحية، وتوفير المرافق التعليمية العليا والمعاهد التقنية، وهذا سيتحقق بمشيئة الله من خلال استمرار وزارة التعليم العالي في التوسع بإنشاء الجامعات في المحافظات حيث ستترك أثراً تنموياً إيجابياً على الموقع المحدد للجامعة وما يحيط بها من تجمعات سكانية، وسيعمل ذلك على إعادة توطين السكان وتخفيف الهجرة على المدن الكبرى شريطة أن يتم العمل على توفير الفرص الوظيفية أيضاً. وهنا أؤكد على أهمية تحقيق التكامل التنموي والوظيفي بين مخرجات الجامعة والمزايا النسبية التي يمتع بها موقع الجامعة، بحيث يتم توفير التخصصات التي تلبي احتياجات سوق العمل وفقاً للاحتياج التنموي والمكاني، بل ومن المجدي حقاً أن يتلازم إنشاء الجامعات بإنشاء حاضنات للأعمال في كل جامعة لتكون وعاءً يحوي ويترجم الاختراعات والبحوث الجامعية لإنتاجها للأغراض التجارية وبالتالي تأسيس مشروعات صغيرة ومتوسطة تتمكن من النمو مستقبلاً لتتحول إلى مشاريع متطورة توفر فرصا وظيفية وتخدم الاقتصاد الوطني. * متخصص في التخطيط العمراني