هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    إطلالة على الزمن القديم    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«محفزات الهجرة» إلى المحافظات تتوقف على فرص التعليم والصحة والعمل..!
مدن «مكتظة» وصلت إلى حد «الانفجار السكاني» وما زلنا نتفرج من دون حلول
نشر في الرياض يوم 28 - 01 - 2014

نفذت المملكة في مرحلة مبكرة في عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- برنامجاً لتوطين البادية في عدد من المناطق، في إطار أهدافها التنموية المجتمعية، أشهرها المناطق الزراعية، ومثلها في البلدات التي نشأت شمال المملكة أثناء مد أنابيب نقل البترول من سواحل الخليج العربي حتى البحر الأبيض المتوسط، وكذلك في عدد من الهِجر التي تكونت في مناطق متعددة من المملكة.
وكان من أهم أهداف هذا البرنامج دمج سكان البادية في الحواضر، وحصولهم على التعليم، والرعاية الصحية، واستثمار طاقاتهم كعناصر منتجة وفاعلة في المجتمع وخدمة التنمية؛ لتصبح تلك الخطوة بمثابة التجربة الأولى المنظمة لهجرة سكان البادية إلى البلدات والتجمعات الحضرية الصغيرة، إلاّ أنّ هذه الهجرة ومع مرور الوقت تطورت بشكل فردي لبعض أبناء البادية وسكان الريف لتتجه إلى المدن الرئيسة والحواضر؛ بحثاً عن فرص عمل، وتعليم جامعي، وخدمات صحية متقدمة، لتضغط على برامج وخطط التنمية، وتشكل تكدساً سكانياً تعاني منه المدن الرئيسة حالياً.
وأصبح اليوم من الضروري إعادة هيكلة وجهات الهجرة وتحديدها، في ظل سياسة لتوزيع الخدمات التعليمية الجامعية والصحية والفرص الوظيفية، وجعلها في متناول أبناء المدن الصغيرة والمحافظات والمراكز، من خلال تنظيم هجرة معاكسة إلى المدن المتوسطة والمحافظات يقودها برنامج يستهدف توجيه بعض القطاعات والوحدات العسكرية إلى مناطق أخرى غير الرياض، وجدة، والشرقية، التي تعاني من هذا الضغط السكاني، مع إعطائها الأولوية في برامج الإقراض والمنح وتوجيه بعض المناشط الاقتصادية إليها.
"ندوة الثلاثاء" تناقش هذا الأسبوع محفزات الهجرة العكسية إلى المدن المتوسطة والمحافظات.
نحتاج إلى نقل قطاعات عسكرية وأمنية ومؤسسات حكومية غير خدمية خارج المدن وإعادة التوازن ل «التركيبة السكانية»
إصرار على الهجرة
في البداية ذكر "د.فيصل الخميس" أنّه على الرغم من ارتفاع تكلفة المعيشة والتي تركزت في المدن الكبيرة مثل الرياض، وجدة، والدمام، إلاّ أنّ هناك إصراراً لدى بعض المواطنين على النزوح لتلك المدن والتواجد فيها، مرجعاً ذلك لسببين رئيسين، هما: التعليم والصحة، خصوصاً التعليم الجامعي، حيث إنّ التعليم العام موجود في الهِجر، كاشفاً أنّ ذلك يوضح ما تم خلال الخمس سنوات الماضية بتنفيذ عدد من السياسات في التعليم والصحة، تستهدف نشر التعليم الجامعي والمرافق الصحية؛ مما ساعد على عودة بعض المواطنين من المدن الكبيرة إلى مدنهم وقراهم، كما ساعد على بقاء الآخرين في أماكنهم؛ بسبب توفر فروع الجامعات والكليات في المحافظات والمراكز، إلى جانب انتشار المرافق الصحية من مستوصفات ومستشفيات ومدن صحية في جميع المدن والمحافظات.
مدينة الرياض وصلت إلى حد لا يطاق من تمدد النطاق العمراني الأفقي على حساب تقديم الخدمات
استحداث وظائف
وأضاف أن الوظيفة ذات المرتبة العالية نسبياً لم تشكّل عائقاً للهجرة المعاكسة؛ لأنّ فترة التكوين في المدن الصغيرة والمحافظات تخلق معها وظائف في مؤسسات القطاع العام، حيث إنّ الجامعات المستحدثة استوعبت أعضاء هيئة التدريس، وموظفين في مناصب إدارية ومساندة؛ لذا ساهمت في خلق فرص وظيفية حتى في المحافظات التي توجهت إليها تلك الجامعات بكلياتها، وكذلك بعض الوزارات التي بدأت تتجه إلى اللامركزية، من خلال استخدام التقنية، والتوسع في إيجاد فروع لها في كثير من المناطق، معتبراً أنّ هذا يعطي مؤشراً أنّ هناك محفزات لعودة الذين نزحوا إلى المدن الرئيسة إلى قراهم وأريافهم.
ننتظر زيادة برامج ومبالغ إقراض مشروعات القطاع الخاص في المحافظات والحد منها في المدن
الأثر المعرفي
وأوضح "د.فيصل الخميس" أنّ التنمية تنمو مع العقل بشكل طبيعي، ومن هنا فإنّ المجتمع الواعي والمتعلم يخلق لنفسه فرص العمل في نطاق البيئة التي يسكن فيها، من خلال الأفكار وتحويلها إلى فرص عمل ومشروعات استثمارية، مؤكّداً على أنّ هناك نمواً كبيراً في القطاع الخاص، مستشهداً بعدد مشتركي غرفة القصيم بفروعها في جميع محافظات المنطقة، إذ لم يتجاوز (9000) مشترك حتى عام 2006م، بينما في عام 2013م بلغ عدد مشتركي الغرفة في المركز الرئيس ببريدة قرابة (30.000) مشترك، معتبراً أنّ هذه القفزة وهذا النمو جاء نتيجة نضوج الفكر والوعي لدى المجتمع الذي يقود التنمية الشاملة، عبر خطط متواصلة رسمتها الدولة، من خلال الميزانيات، وما فيها من صرف على البنية التحتية التي تخلق فرصاً استثمارية وفرصاً وظيفية بشكل أكثر؛ مما ساعد على عودة من هاجر إلى المدن الرئيسة الكبيرة بحثاً عن الخدمات التعليمية والصحية إلى بيئاتهم السكنية الأصلية.
د.الخميس: الهجرة لم تعد من أجل العمل وإنما البحث عن خدمات أفضل
محفزات الهجرة
وتداخل "عبدالرحمن البليهي"؛ موضحاً أنّ الهجرة هي عملية انتقال وتحول أو تغير "فيزيقي" لفرد أو جماعة من منطقة اعتادوا الإقامة فيها إلى أخرى، إما بإرادتهم أو بدوافع قسرية، وقد تكون هذه الهجرة بشكل دائم أو بشكل مؤقت، وتختلف من الريف إلى الحضر ومن الحضر إلى الريف وكذلك من الحضر إلى الحضر، مبيّناً أنّ الهجرة في بعضها لها نتائج سلبية واضحة للعيان، منها: ارتفاع في معدلات الجرائم، والتفكك الأسري، لافتاً إلى أنّ هناك دراسة تشير إلى أنّ بعض مناطق المملكة لديها محفزات جذب أكثر من غيرها، كالرياض، ومكة، والمنطقة الشرقية، كما أنّ هناك مناطق أقل جذباً، كالباحة، وجيزان، وحائل، كاشفاً أنّه ثبت من خلال الدراسات أنّ أهم أسباب الهجرة البشرية هو السبب الاقتصادي، والبحث عن الوظائف وفرص العمل، ويأتي بعدها التعليم -خصوصاً الجامعي-، ثم الحصول على خدمات صحية جيدة.
د.المشيقح: العودة إلى «مسقط الرأس» رغبة لم تتحول بعد إلى قرار
تحسين أوضاع
وعلّق "د.محمد السيف" على ما ذكره "عبدالرحمن البليهي"؛ مبيّناً أنّ أهداف الهجرة في السابق كانت لتحقيق الاحتياجات الأساسية، خصوصاً الحصول على وظيفة من أجل بناء الأسرة وتشييد السكن، أما الآن فقد تغيرت الأهداف كثيراً؛ حيث أصبحت من أجل تحسين الوضع، إذ من الممكن أن يجد الشخص وظيفة لكنها قد لا تناسبه، وكذلك من الممكن أن يجد سكناً لكن أيضاً قد لا يكون مناسباً، وبالتالي هي عملية تحسين وضع، مضيفاً: "للأسف أنّ النظم والتنظيمات المتعلقة بالاحتياجين الأساسيين -الوظيفة والسكن- ما زالت ثابتة، ولم تساير المتغيرات التي طرأت على احتياجات الفرد والمجتمع وكذا التطور والانفتاح الذي حدث داخل المجتمع".
د.السيف: شروط صندوق التنمية العقاري من أسباب الهجرة السلبية
وأضاف أنّه حينما ننظر إلى قضية السكن فإننا نجد دائماً أنّ هاجس صندوق التنمية العقاري هو المسيطر بالرغم من وجود وزارة للإسكان حيث لا يوجد جديد لتطويره من أجل تمكين الشاب من أن يمتلك سكناً بعد إنهاء المرحلة الجامعية مباشرة، بعيداً عن هذا الأسلوب الذي نعيشه مع الصندوق منذ ما يقارب (40) عاماً والذي لا يزال ثابت، مؤكّداً على أنّ فكرة الصندوق العقاري كانت جيدة ومفيدة لزمن محدد قد مضى، لكن الفكرة ينبغي أن تتغير، ولا يجب أن ننظر إلى أن من يريد سكن أن عليه أن يقدم طلباً، فهذه الفكرة يجب أن تنتهي؛ لأنّ كل فرد في المجتمع يحتاج إلى سكن مثل حاجتنا إلى بناء المستشفيات والمدارس على حسب الاحتياج، وبالتالي لابد أن نفكر في بناء مشروعات إسكان للأجيال القادمة، بصرف النظر عن أن يكون الشخص قدّم أو لم يقدّم؛ لأنّ السكن يعدّ احتياج أساسي.
د.الشبعان: الأحياء العشوائية في المدن شاهدة على سوء التخطيط
وظيفة حكومية
وعن كون الوظيفة التي تضطر الشخص إلى الهجرة للبحث عنها؛ أوضح "د.محمد السيف" أنّ الوظيفة لا تزال ثابتة وما زالت الحكومية هي التي تقود السوق الوظيفي وسوق المهن، أيضاً سوق العمل في القطاع الخاص لم يتطور ولم يصبح جذاباً حتى الآن؛ بسبب غياب الحوافز نتيجة عدم وجود نظام للترقيات وعدم توفر الأمن الوظيفي وكذلك الأمن الصحي مع ضرورة توفر بدلات مثل بدل السكن وبدل النقل وغير ذلك من الأشياء التي تحفز المواطن لأن يتجه إلى سوق العمل في القطاع الخاص، مثل ما يتجه إلى مؤسسات القطاع العام، ومن هنا فإن المواطن لدينا يبحث عن الوظيفة الحكومية في أي مكان بعيداً عن مقر إقامته الأصلي لعدم فاعلية وجاذبية العمل الخاص القريب من منزله أو داخل محيط بيئته السكنية؛ بسبب أنه غير جاذب ومهمل من ناحية الأنظمة وبالتالي لا يحقق احتياجات المواطن.
البليهي: إنشاء الجامعات والكليات ساعد على الهجرة إلى الريف.. ولكن!
وأضاف أنّ ما ينطبق على ديوان الخدمة المدنية من حيث الأنظمة يجب أن ينطبق على سوق العمل الخاص من حيث الحوافز، والإجازات، والترقيات، والأمان الوظيفي، وكذلك التقاعد، وأشياء أخرى كثيرة يمكن أن تجعل منه جذاباً، مشيراً إلى أنّ ما يقارب (70%) من السوق الاقتصادي معطل وغير جذاب، ومن هنا فإن النسبة المتبقية من الفرص التي يتيحها القطاع العام هي غير كافية لهذه الأعداد المتزايدة من الخريجين ومن طالبي العمل.
تنمية المحافظات مسؤولية مشتركة بين الحكومة والأهالي من خلال مشروعات القطاع الخاص
وعاء حكومي
وعلق "د.فيصل الخميس" على ما ذكره "د.محمد السيف"؛ موضحاً أنّ أي بلد في العالم حينما يكون الوعاء الحكومي هو الوعاء الأساسي الجاذب للوظيفة فإن هذا يدل على أن هذا البلد لم يصل إلى مرحلة النضج الاقتصادي والنضج التنموي، أما إذا وجد أن القطاع الخاص هو من يستقطب وهو الجهة الموظفة والتي يطمح إليها كل شخص لديه مهارة معينة؛ فهذا يدل على أنّ هذا البلد قد وصل إلى نضج تام من الناحية الاقتصادية والتنموية.
نقل عسكري
وتداخل "د.عبدالعزيز المشيقح"؛ معتبراً أنّ نقل بعض الوحدات أو القطاعات العسكرية المتمركزة في المدن الرئيسة يشكل أهمية كبيرة في تخفيف الضغط على المدن، وذلك حينما يتم نقل "لواء" في إحدى القطاعات العسكرية بكافة أفراده وطواقمه، أو نقل قطاع عسكري كامل إلى مناطق أخرى؛ مما يؤدي إلى انتقال أسرهم معهم، وتخفيف الضغط على الخدمات، وخلق تركيبة سكانية جديدة لبعض المدن الداخلية، مبيّناً أنّ الهجرة إلى المدن الكبيرة كانت سابقاً مستهدفة تتمثل في نقل المواطن من المناطق الريف والهجر إلى العواصم؛ من أجل أن نتباهى بكثرة سكان مدننا كأن تكون الرياض العاصمة تضاهي القاهرة مثلاً والكثير من العواصم العربية الأخرى التي كانت تتباهى بكثرة السكان، مدللاً بأنّ عدد سكان العاصمة الرياض كان في عام 1393ه نحو (650.000) نسمة، أما الآن فقد بلغ عددهم حدود (6.000.000) نسمة، أي بزيادة (500%)، ولذا كان هناك محفزات مقصودة لجذب المواطنين من المحافظات والمراكز القريبة ومن المناطق الأخرى.
المشاركون في الندوة أكّدوا أهمية تحفيز المواطن للهجرة إلى المحافظات من خلال التعليم والصحة والعمل
وأضاف أنّ المجتمع أصبح لديه وعي يحفزه إلى العودة إلى أماكن إقامته السابقة، ومن ذلك الجوانب الصحية والرغبة في عدم العيش في صخب المدن الكبرى، حيث بدأ الناس يجدون في المدن الصغيرة أكثر هدوءًا، وأكثر أماناً، حيث أنّ العواصم تشكل خطراً أمنياً، فقد أصبحت الجريمة تنتشر في تلك الأماكن بشكل كبير، مستشهداً بنسبة الجريمة في الرياض عام 1418ه، حيث كانت تقل عن (20.000) قضية، فيما بلغت من ذلك العام إلى عام 1427ه (88.000) قضية خلال (10) سنوات، وأمام هذا الكم الكبير من قضايا الجريمة أصبح الإنسان لديه وعي يدفعه إلى الخشية على أبنائه، إضافة إلى أنّه يجد أنّ بيئات المدن الداخلية فيها من الهدوء والراحة ما يفوق تلك المدن الصاخبة.
معايشة ومعاصرة
وعلّق "د.أحمد الشبعان" على ما ذكره "د.عبدالعزيز المشيقح"؛ معتبراً أنّ انتقال أهل الريف والبادية إلى المدن جاء نتيجة الرغبة في معايشة ومعاصرة الجانب الحضاري الذي يمثل واقع المدن والحواضر؛ نتيجة ضغط من الأسرة التي تريد أن تكون قريبة من ابنائها الذين التحقوا أو يريدون الالتحاق بالجامعة أو يريدون الالتحاق بالعمل، كما أن الأوضاع الاجتماعية والعادات والتقاليد لا تحبذ أن تعيش البنت لوحدها في معزل عن أسرتها، وبالتالي تضطر الأسرة إلى الانتقال إلى المدينة، إلى جانب الضغوط التي يجدها رب الأسرة من أبنائه وبناته للعيش في البيئة الحضارية للاستمتاع بما فيها من خدمات، ومقومات، ومظاهر اجتماعية واقتصادية، تتمثل في الخدمات الصحية، والتعليمية، والأسواق، والترفيه، ووسائل النقل المتطورة.
وأضاف أنّ من الأسباب هجر البادية للحرفة القديمة، حيث كان الأهالي ترعى الأغنام وحلت العمالة الوافدة مكانهم، وبالتالي كان ذلك دافعاً للرغبة في الانتقال من البادية إلى المدن، مشيراً إلى أنّ قضية هجر سكان الريف لحرفتهم التقليدية المتمثلة في الزراعة وبعض الأعمال الحرفية الأخرى التي تولاها نيابة عنهم العمالة الوافدة دفعت أيضاً سكان الريف إلى الهجرة للمدن.
هجرة بدون تخطيط
وقال "د.أحمد الشبعان" أنّ الهجرة المتنوعة إلى المدن أدت إلى الضغط على الخدمات بكافة أشكالها، بالإضافة إلى الجانب الأمني حينما تزداد الهجرة إلى المدن من دون تخطيط، مشيراً إلى أنّه لا يوجد لدينا خطط لاستيعاب الهجرات، وهذا في حد ذاته يمثل خللاً ينبغي على وزارة الاقتصاد التخطيط مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثلة بأمانات المدن أن تعي هذه الإشكالية، مستدركاً: "بما أنّ بعض الذين يهجرون الريف أو البادية يكون الجانب الاقتصادي لديهم منخفض، فإنهم في هذه الحالة يبحثون عن مواقع لسكنهم في أطراف المدن، ومن هنا تنشأ الأحياء العشوائية التي يصعب معها توفير الخدمات بالشكل اللائق، كما تؤدي في الوقت نفسه إلى تشويه واجهات المدن، وهي من عوائق تخطيط المدن".
وأضاف أنّ الضغط في النمو السكاني الذي تعانيه المدن نتيجة الهجرة من البادية والريف أدى إلى اتساع رقعة المدن وتمددها؛ مما جعلها تلتهم القرى والمراكز القريبة منها، مستشهداً بمدينة "بريدة" التي توسعت في كافة الاتجاهات، خصوصاً في الجهة الغربية، حيث التهمت أجزاء كبيرة من الأرياف المعروفة ب"الخبوب"، وقضت على بعض البيئة الزراعية التي كانت تمثل أماكن سياحية ومتنفس للمدينة.
بناء رأسي
وتداخل "د.عبدالعزيز المشيقح" معلقاً على ما ذكره "د.أحمد الشبعان"؛ متسائلاً: إلى متى مدينة الرياض تتخطى حاجز المئة كيلو متر؟، مطالباً بإيقاف البناء الأفقي وتطبيق البناء الرأسي، مشيراً إلى أنّ هذا الامتداد يحفز على استقطاب الأسر، كما يؤدي إلى مضاعفة تكلفة الخدمات، مشدداً على ضرورة توجيه التنمية إلى أماكن أخرى، مع تقديم الحوافز للعائدين إلى مدنهم ومحافظاتهم التي أتوا منها، وجعل تلك المناطق جاذبة، من خلال تنويع التنمية وتسهيل فرص العيش فيها.
سكن الفقراء
وعاد "د.أحمد الشبعان" ليتداخل؛ موضحاً أنّ هناك توجهاً لدى وزارة الاقتصاد والتخطيط لإيجاد مراكز للنمو، مثل: مركز "ضرية" في القصيم، ومركز "صامطة" في جازان، و"عين بن فهيد" في القصيم، وغيرها، بحيث تتوجه إليها كافة الخدمات الضرورية، كالتعليم بكافة مراحله، والتعليم الجامعي، والخدمات الصحية؛ لتخفيف الضغط على المدن الرئيسة والمتوسطة، مشدداً على ضرورة إيجاد مشروعات إسكان تختلف عن الإسكان الخيري التي طبقت مؤخراً في بلدتي "مدرج" و"مسكة" بالقصيم، حيث أنّها تحمل وصمة سكن للفقراء والمساكين، حتى إنّ بعض سكان تلك المساكن هجروها وانطلقوا للبادية؛ لأنّهم يشعرون أنها عبارة عن كبسولات صغيرة غير محفزة للسكن.
وأضاف أنّه يجب أن يوحد صندوق التنمية العقاري مقدار القرض الممنوح لسكان الأرياف مع قيمة الممنوح لسكان المدن بحيث يكون (500.000) ريال، بدل (300.000) ريال، مطالباً بأن تفتح الغرف التجارية فروعاً لها في مراكز الاستقطاب؛ لكي تخفف من عناء التنقل إلى المدن، وتساهم في إيجاد بيئة خدمية اقتصادية متكاملة.
وسائل تحفيز
وأكّد "د.فيصل الخميس" على أنّ الهجرة التقليدية من المناطق الصغيرة إلى المناطق الكبيرة من أجل البحث عن وظيفة أو من أجل توفير لقمة العيش لم تعد موجودة -نوعاً ما- حالياً، إنما الهجرة في الوقت الحاضر هي من أجل اشباع رغبات معينة ليست أساسية وغير ضرورية، بل هي فوق الرغبات العادية، مضيفاً أنّ من وسائل التحفيز على قرار هجرة الإياب هو توجيه قطاعات تفعيل التنمية الاقتصادية، مثل: صناديق الإقراض والبنوك بأن تقدم برامج إقراض ومِنح لبعض المشروعات في المناطق الصغيرة؛ كي تساهم في تعزيز الرغبة لدى أبناء تلك المدن والقرى في استثمار الفرص التي يساندها وفرة التعليم الجامعي، والمصحات، والراحة في السكن، والهدوء، وانخفاض تكلفة المعيشة، والتواصل مع أقاربهم وذويهم.
قرى صغيرة
وعن علاقة الأنظمة بالتنمية الريفية والاستقطاب؛ قال "د.محمد السيف" أنّ الأنظمة كانت وما زالت تعمل على تنمية أكثر من (10.000) قرية "قزمية" موجودة في المملكة، وهي المعروفة في علم الاجتماع السكاني بأنّها: قرية لا يتجاوز عدد سكانها (250) شخصاً، وهي فكرة منقولة من المجتمعات القريبة، لافتاً إلى أنّ هذه الفكرة تركز على أن يظل أهل القرية في قريتهم لتحقيق بعض الأهداف التي كانت مهمة في الثمانينات الهجرية؛ توطين البادية، وعلى الرغم من أنّ هذه الأفكار تحولت، إلاّ أنّ فكر التنمية الاجتماعية الريفية لدى المخططين مازال موجوداً؛ مما يتطلب توفير كافة الخدمات في هذه النطاقات السكانية المتناهية في الصغر من مدارس لا يصل عدد طلاب فصولها لأقل من أصابع اليد، ومراكز صحية، وخدمات كهرباء، وهاتف، ومياه، وطرق، مثل كافة المدن.
وأضاف أنّ (70%) من القرى "القزمية" غير قابل للنمو؛ لعدم توفر المقومات الرئيسة الطبيعية، مثل: المياه، كتلك القرى الواقعة في منطقة الدرع العربي، حيث تنقل إليها المياه بواسطة الصهاريج أو عبر الأنابيب من أماكن نائية عنها، وبالتالي لا داعي للتواجد فيها إذا كان بهدف العيش فقط!، معتبراً أنّ ذلك هدر مادي وبشري كبير؛ مما يتطلب وقفه من خلال تطوير مراكز الاستقطاب الحضرية، وإعطائها الأولوية في منح الأراضي والقروض العقارية؛ لكي تكون بؤر استقطاب وجذب.
الثقافة القبلية
فيما علّق "د.أحمد الشبعان" على ما ذكره "د.محمدالسيف"؛ مشدداً على أهمية معرفة السبب في نشوء واستمرار بقاء بعض القرى الصغيرة، وأن نؤمن بالثقافة القبلية السائدة في المملكة، حيث أنّ هناك قرى تعتبر موطناً تقليدياً لبعض القبائل، وبالتالي يعمل سكانها على محاولة تنميتها، من خلال المطالبة بتوفير خدمات التعليم والصحة، على الرغم من عدم وجود الكثافة السكانية المحفزة، مضيفاً: "لا بد أن نؤكّد على ضرورة تطبيق مبدأ وجود مراكز النمو الحضرى بالقرب من تلك القرى المتفرقة؛ لتركز جميع الخدمات فيها، ووقف الهدر، وإيجاد مراكز استقطاب تتوفر فيها جميع الخدمات، وتهيئة البيئة السكنية والتنموية المناسبة".
وتمنى من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تنظم برامج ودورات تدريبية لأهل القرى والبادية لإعدادهم للتنمية المحلية لمناطقهم السكنية والتفاعل معها، إلى جانب افتتاح فروع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في الأماكن التنموية؛ لإعداد وتخريج كوادر مؤهلة تؤمن بالعمل المهني، وتنبذ العيب في مثل هذه الأمور، وكذلك تفعل مؤسسات المجتمع المدني في تلك المناطق لتحقيق مجتمع تنموي متكامل، مؤكّداً على ضرورة التركيز على بناء الإنسان وعقله، بقدر الاهتمام بالقرارات والأنظمة التي يكون هدفها في هذا المجال الإنسان وبيئته ومحيطه السكني الجاذب له.
أهمية السكن
وعاد "د.محمد السيف" ليتداخل معلقاً على ما ذكره "د.أحمد الشبعان"؛ مبيّناً أنه لتعزيز هجرة الإياب من المدن الرئيسة المزدحمة؛ ينبغي أن يكون هناك تنظيم لموضوع الإسكان كي يكون الحصول على السكن في مناطق الإياب سهلاً وميسراً، مؤكّداً على أنّ أي شخص يريد أن يعود إلى موطنه الأصلي ولم يكن لديه سكن أو أن يكون بإمكانه الحصول عليه بيسر وسهولة فلن يكون بمقدوره اتخاذ قرار العودة بسهولة، حيث أنّ هناك غلاء ومغالاة في أسعار الأراضي ومبالغات ليس لها مبرر، مبيّناً أنّ من يعودون إلى مواطنهم الأصلية ينقسمون إلى ثلاث فئات، الأولى: العودة نتيجة الفشل وعدم تحقيق الأهداف، وهذه فئة قليلة، والفئة الثانية: هم من حققوا بعض المكاسب المادية ورغبوا العودة إلى مواطنهم للمحافظة على تلك المكاسب وسط بيئة أقل تكلفة لا تستنزف تلك الحصيلة، أما الفئة الثالثة: فهي الأكثر وهم المتقاعدون الذين أنهوا حياتهم العملية الرسمية في المدن الرئيسة، ورغبوا في ممارسة ما لديهم من مهارات، ويريدون من خلالها أن يقودوا مجتمعهم للحصول على مكانة متميزة، ومواصلة العطاء في أماكن إقامتهم الأصلية، لكن مشكلتهم أنّ النظام لا يستوعبهم!.
وأضاف أنّ النظام لدينا لا يستوعب المتقاعدين السعوديين بينما يستوعب المتقاعدين الأجانب، موضحاً أنّ الجامعات في المدن الصغيرة من الممكن أن تتعاقد مع متقاعد أجنبي بحقوق ومزايا كاملة، لكنها لا يمكن أن تتعاقد مع متقاعد سعودي من جامعة الملك الإمام أو الملك سعود أو غيرها من الجامعات السعودية بربع المرتب، معتبراً أنّ هذا من الأمور التي يجب أن يعاد النظر فيها؛ للإفادة من تلك القدرات المؤهلة بالتجارب والخبرات، وتحفيزها للمشاركة في التنمية بموطنها الأصلي.
توجيه التنمية بمشروعات الدولة قبل المواطن..!
اعتبر "د.عبدالعزيز المشيقح" أنّ تجربة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في "ثول" تعدّ أكبر شاهد على تأثير التنمية على الأرض، حيث يلاحظ أنّ إنشاء الجامعة العالمية أدى إلى تطوير المنطقة بشكل رائع جداً قد لا يصدقه عقل.
وقال إنّ توجيه التنمية إلى أي مكان سوف يسهم بشكل كبير في تغيير الأوضاع البدائية إلى صورة حضارية جاذبة ومحفزة، مضيفاً: "الشريط الموجود من شمال غرب المملكة والممتد إلى مدينة ينبع يمكن أن يكون مناسباً لتنمية سياحية تشابه تلك الموجودة في الجهة المقابلة على البحر الأحمر، حيث المنتجعات الساحلية" لافتاً إلى أنّ تنمية مناطق هذا الشريط الساحلي في المملكة من الممكن أن تكون مناطق حضارية جاذبة، وأن تضخ فيها الأموال بدلاً من ضخها في مدن أخرى تعاني الضغط والاختناقات، داعياً إلى توجيه التنمية إلى مثل تلك المناطق، حيث تستوعب أعداداً ليست بسيطة من السكان.
وأضاف أنّ من يستعرض خرائط مناطق المملكة يلاحظ أن هناك تداخلاً في بعض المناطق، مستشهداً بالحدود الإدارية الشمالية لمنطقة المدينة المنورة التي تصل إلى مدينة تبوك حاضرة المنطقة، فيما تصل الحدود الإدارية الجنوبية لمنطقة تبوك إلى المدينة المنورة، لافتاً إلى أنّ المواطن في الأطراف الجنوبية من منطقة تبوك القريب من المدينة المنورة حينما يريد أن يراجع إحدى الجهات الحكومية فإنّه يضطر إلى السفر مسافات طويلة للوصول إلى العاصمة الإدارية لمنطقة تبوك، بينما كان بإمكانه إنهاءها من المدينة المنورة القريبة منه، مؤكّداً على أنّ هذه الإشكالية موجودة في بعض مناطق المملكة، داعياً إلى تعديل الخرائط الإقليمية للمناطق؛ مما يسهل في عملية التنمية.
توصيات ومقترحات
- اتباع سياسات تمويلية واستثمارية مشجعة للمناطق الريفية.
- تشجيع القطاع الخاص وتحفيزه على توظيف السعوديين خاصةً في المناطق الريفية.
- تشجيع إنشاء الجامعات والكليات الحكومية والأهلية في المناطق الريفية.
- الاهتمام بالمرافق والخدمات البلدية على مختلف أنواعها في مناطق الريف لتكون أكثر جذباً وتحفيزاً للبقاء.
- الاهتمام بتحسين الخدمات الصحية في الأرياف.
- تحسين الخدمات الزراعية والتسويقية والإرشادية.
- ضرورة إيجاد نظام للترقيات يكفل وجود مراتب عليا في المحافظات والأرياف تحد من الهجرة.
- تحسين الطرق والمواصلات بين الأرياف والمدن الكبرى والمتوسطة.
- تحسين البيئة الاجتماعية داخل القرى والمراكز.
المشاركون في الندوة
د.فيصل بن عبدالكريم الخميس-أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بالقصيم
د.عبدالعزيز بن حمود المشيقح-الباحث في شؤون التنمية والتغيّر الاجتماعي
د. محمد بن إبراهيم السيف-أستاذ التغيّر والتنمية الاجتماعية بجامعة القصيم
د.أحمد بن محمد الشبعان-وكيل عمادة شؤون الطلاب بجامعة القصيم والباحث بشؤون الريف والسياحة
عبدالرحمن البليهي-عضو المجلس البلدي بأمانة منطقة القصيم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.