قبل أيام أعلنت رابطة دوري المحترفين عن وصول عدد الجماهير الحاضرة لمباريات دوري (عبداللطيف جميل) حتى الجولة ال24 الموسم الحالي إلى أكثر من 800 ألف مشجع، وهو رقم حطم الرقم القياسي السابق المسجل في موسم 2011 والذي بلغ أكثر من 796 ألف مشجع، مع بقاء جولتين قبل نهاية الدوري، وبدا الخبر مهماً على الرغم أنه لم يحظ بالمتابعة والتحليل الإعلاميين، إذ أعطى إشارة على أن الجماهير السعودية تقبل بشكل كبير على مباريات كرة القدم على الرغم من التذبذب الكبير في مستويات فرق الدوري، وهو مايؤكده وجود ثمانية فرق لم تضمن بعد تأمين مواقعها في الدوري، قبل جولتين من خط النهاية. المشجع السعودي يريد معاملة لائقة وخدمات متكاملة تدفعه لحضور المباريات عوامل عدة أسهمت في زيادة الحضور الجماهيري هذا الموسم، أبرزها ارتفاع حدة المنافسة بين قطبي الرياض التقليديين الهلال والنصر، إذ بلغت الإثارة ذروتها مع اقتراب الحسم قبل أن يتمكن النصر من حسم الأمور بشكل شبه مؤكد حتى قبل مباراته أمس (الجمعة) أمام الشباب، فضلاً عن عوامل أخرى أهمها احتدام الصراع على مراكز الدفء بين الفرق، والإثارة الإعلامية والصراعات الجماهيرية، وازدياد أخطاء الحكام التي حرمت فرقاً من حقوق مكتسبة ومنحتها لأخرى، ما أفرز ارتباكاً وتأزماً واضحين في مواقف ومواقع الفرق في سلم الترتيب. أرفقت رابطة دوري المحترفين مع الخبر تصريحاً لرئيسها محمد النويصر الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس اتحاد الكرة، إذ أكد النويصر على أن ارتفاع نسبة الحضور الجماهيري أتى مع ارتفاع مستوى الخدمات المقدمة للجماهير في الملاعب، مشيداً بالخدمات والفعاليات التي يقدمها الراعي الرسمي للدوري ( عبد اللطيف جميل ) للجماهير ويأتي في مقدمتها مشروع البائع الرياضي للخدمات الغذائية الذي بدأ قبل فترة في الرياضوجدة ومكة المكرمة وبريدة على أن يشمل باقي ملاعب المملكة قريباً". سلطان السيف لايمكن أن يختلف أحد مع النويصر على أن الراعي الرسمي (عبداللطيف جميل) يقدم خدمات مميزة يسعى من خلالها لإظهار مباريات الدوري بطريقة تدل على تطور كرة القدم في السعودية، فضلاً عن أن الشركة الراعية التي تقدم حزمة من الملايين سنوياً تقيم احتفالات وعروض وفعاليات مصاحبة للعديد من المباريات الجماهيرية التي تحظى بنصيب وافر من التغطية الإعلامية، لكن مالا يمكن فهمه من حديث النويصر، هو إشارته لارتفاع مستوى الخدمات المقدمة للجماهير في الملاعب، فعن أي خدمات يتحدث المسؤول الخلوق؟ عن أمور لايراها سواه، وهل يتحدث عن مشروع البوابات الإلكترونية التي تسهل عملية دخول الجماهير وتضمن لهم مقاعد في الأماكن التي يختارونها، وهل يتحدث النويصر والرابطة عن الخدمات المميزة والمعاملة التي تحترم المشجع حين يدخل الملعب، وهل يعلم أن المشجع يتعرض لعملية تفتيش دقيقة لاتحترم حقوقه وكأنه يمر من نقطة تفتيش في أحد المطارات. لا أحد يعلم عن الجديد في مشروعات تطوير بيئة الملاعب والتي لا تتجاوز كونها جعجعة بلا طحن، فملاعبنا ظلت على وضعها كما هي، مع بعض التحسينات البسيطة التي فرضها اتحاد اللعبة الآسيوي، مثل تركيب الكراسي وبعض التنظيمات التي لاتمس صميم احتياجات المشجعين، الذين لو وجدوا مايدفعهم للحضور والتواجد في مباريات كرة القدم لرأينا أرقاما تزيد عن هذا الرقم ضعفاً أو ضعفين. يوم الثلاثاء الماضي كتب زميلنا فياض الشمري موضاعاً روى فيه تجربته في حضور مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز (البريمير ليج) ووضعها في ميزان المقارنة مع تجارب المشجعين السعوديين الذين يزورون الملاعب السعودية من أجل دعم فرقهم وتشجيعها، ومن خلاله يكتشف القارئ الموقع الذي تقف فيه احترافيتنا مقارنة باحترافية الآخرين، ونحن هنا لانطالب بمستوى الخدمات المقدمة هناك، ولكن مايريده المشجع هو تأمين أبسط مقومات الاحترافية وحسن التعامل والخدمات التي ينتظرها المشجع، وهي أبرز مايمكن أن يكون عاملاً على رفع مستوى الحضور الجماهيري في الدوري الذي حتى وإن اعتبرته رابطة دوري المحترفين إنجازاً، فإنه لايمكن أن يكون كذلك ونحن نشاهد عدد الحضور في مباريات عدة لا يصل إلى حاجز ال100 مشجع ويزيد بنسب قليلة جداً في العديد من المباريات. كل ماينتظره المشجع العادي هو أن يصل إلى ملعب المباراة وهو يعرف أين موقعه ويعرف أنه سيُعامل بطريقة جيدة تحترم آدميته على الأقل، وأنه سيجد الخدمات الجيدة التي يحتاجها والمرافق النظيفة التي تعبر عن احترام للمشجع، وتجعله لا يندم على دفع مبلغ تذكرة المباراة، وحينها ستجد رابطة دوري المحترفين أن الأرقام المتعلقة بالحضور الجماهيري ستتضاعف، وسيكون بمقدور الرابطة الحديث بفخر عن ارتفاع مستوى الخدمات. مايقدم ويحدث بالملاعب السعودية على الرغم من التصريحات والوعود نعتبره منفراً للمشجع، فلا خدمات مميزة تحفزه على الحضور، وبنية تحتية تتوفر فيها الخدمات الاخرى كترقيم المقاعد ووجود بوابات الكترونية، وتنظيمات مريحة، كل ما هنالك استمرار العشوائية وترك العمل يمضي الى التطوير والابتكار مجاراة للدول المتقدمة التي تضع في اعتبارها وذهنها الحفاظ على قيمة المشجع واهمية حضوره للمباريات، فهو الرافد الاساسي في دعم الاندية من خلال شراء التذاكر، ثم لا ننسى ان الفوضى القائمة في الملاعب السعودية من اهم الوسائل الطاردة للرعاة سواء للأندية أو الذين يرغبون في رعاية بعض المناسبات والاتحادات الرياضية والمنتخبات، والمضحكك هي تلك الوعود قبل خمسة اعوام تقريبا عندما أكد المسؤولون انه خلال فترة قصيرة ستحضر التجارب في الدوريات المتقدمة في الملاعب السعودية وبالتالي القضاء على مظاهر الفوضى والعمل التقليدي الذي مازلنا نشاهده بل انه بين عام وآخر يتراجع الى الاسوأ وهناك شركات وجهات معينة فضلت الانسحاب من بعض الرعايات بحجة غياب التنظيم وحفظ الحقوق (مالك وما عليك)! ليت المسؤول يعود الى الوراء يعرج على (جوجل) حتى يستعيد تصريحاته ويطلع عليها وبالتالي يعرف ان مايعد به مجرد كلام (ليس عليه جمرك)، يفترض ان تكون الوعود مقرونة بالعمل والانتاجية والاتقان مرافقين للتصريحات، لأن يستغفلون المشجعين والاعلام بكلام تتناقله وسائل الاعلام فترة قصيرة ثم يختفي عندما يترقب الجميع نتائجه، حتى الآن الرياضة السعودية لم تحظ بالعمل الذي يواكب الامكانات المتاحة والموارد المالية، يوقعون العقود ولكنهم لا يعلنون قيمتها على الرغم من انها كبيرة، وفي ذلك شفافية مطلقة ومعرفة لكل صغيرة وكبيرة بحجة ان الطرف المقابل يرفض هذا الشيء على الرغم من ان الشركات الكبرى تعلن قيمة عقودها وقوائمها المالية، وهذا يضع علامات استفهام عدة لا نعلم متى تتم الاجابة عليها؟!