أسفرت الأزمة الأوكرانية عن سقوط قتيلين آخرين خلال الليل في خاركيف، أحد معاقل الموالين لروسيا شرق البلاد الذي يشهد توترا بين قوميين أوكرانيين وانصار لموسكو عشية استفتاء اليوم الاحد حول إلحاق إقليم شبه جزيرة القرم بروسيا، وهو الاستفتاء الذي يثير غضب الغرب. وحذر البيت الأبيض من أن الولاياتالمتحدة مستعدة للرد سريعا في حال إجراء الاستفتاء. وفي موسكو، وللمرة الاولى منذ سيطرة قوات روسية على القرم اواخر شباط/فبراير، نزل الروس بأعداد كثيفة الى الشارع للاحتجاج على سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اوكرانيا. وانتقد عشرات آلاف المتظاهرين "احتلال" القرم خلال تظاهرة حاشدة غير متوقعة في وسط موسكو. وزاد فشل لقاء الفرصة الاخيرة الذي انعقد الجمعة في لندن بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري، في تقليص الامل في ان تتوصل كييف الى الحيلولة دون انفصال القرم وتعاظم الحركات الانفصالية الموالية للروس في المناطق المجاورة بينما تقوم القوات الروسية في الاثناء بالانتشار لاجراء مناورات عند حدود اوكرانيا. وحذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعد محادثات استغرقت ست ساعات مع نظيره الروسي سيرجي لافروف في لندن، الجمعة، من "رد أقوى" إذا صعدت روسيا التوترات في شرق أوكرانيا. وقال "كنت صريحا مع وزير الخارجية لافروف بأن الرئيس (أوباما) أوضح أنها ستكون هناك تبعات إذا لم تجد روسيا سبيلا لتغيير المسار". وفي سيمفيروبول، عاصمة القرم، صب "رئيس الوزراء" سيرغي اكسيونوف الزيت على النار بدعوته الناطقين باللغة الروسية الى الاقتداء به وتنظيم استفتاءات للمطالبة بالحاقهم بروسيا. وسجلت روسيا نقطة في مواجهتها مع واشنطن، باعلانها الجمعة انها اعترضت الكترونيا طائرة اميركية بدون طيار أقلعت من قاعدة في اوكرانيا، على علو مرتفع فوق القرم وقطع اتصالاتها مع قاعدتها وسيطرة الميليشيات الموالية للروس عليها بعد هبوطها في شبه الجزيرة. لكن الانظار تركز خصوصا على خاركيف، اكبر مركز صناعي في شرق البلاد، بعد مقتل شخصين، هما ناشط مؤيد للروس وأحد المارة، ليل الجمعة السبت في تبادل اطلاق النار بين قوميين متطرفين وناشطين موالين للروس. وحاول انصار موسكو عندئذ دخول مبنى كانت تتواجد فيه مجموعة من الاشخاص يشتبه انهم اطلقوا النار. هذا وقد اطلق الاشخاص الموجودون في المبنى النار، كما ذكرت الشرطة التي لم توضح ما اذا كان الموالون للروس قد عمدوا الى الرد. واصيب خمسة اشخاص احدهم شرطي بجروح خطرة، كما اضاف المصدر في الشرطة. وكان المبنى الذي تعرض للهجوم يؤوي العناصر المحليين لمجموعة متطرفة هي انصار اوكرانيا المتفرعة من حركة اليمين المتطرف برافي سكتور التي تتصدر الحواجز في كييف. واستسلم ثلاثون من عناصر المجموعة لقوات الامن بعد ساعات من الحصار، وتم اخلاء سبيل الرهائن الثلاث الذين خطفوا خلال الليل وبينهم شرطي. وفي البرلمان، اتهم الرئيس الاوكراني بالوكالة اولسكندر تورتشينوف روسيا و"شبكتها من عملاء الكرملين بتنظيم وتمويل استفزازات تؤدي الى جرائم منذ فترة طويلة". وكانت موسكو علقت على اطلاق النار بدعوة كييف الى اعلان المجموعات القومية خارجة على القانون. ويأتي هذا الحادث بعد مقتل متظاهر موال لكييف الخميس في دونيتسك اثر طعنه خلال صدامات مع ناشطين موالين للروس. وتظاهر الموالون للروس السبت في معاقلهم في شرق اوكرانيا ما ينذر بمواجهات جديدة مع القوميين عشية الاستفتاء حول الحاق القرم بروسيا. وفي الخارج يعتزم الغربيون القيام بعدة مبادرات دعم لاوكرانيا بعد فشلهم في تغيير استراتيجية فلاديمير بوتين الذي قال جون كيري انه سيحدد موقفه من اوكرانيا بعد الاستفتاء. من جانب آخر، اعلن رئيس الوزراء الاوكراني ارسيني ياتسينيوك ان التوقيع على الشق السياسي من اتفاق الشراكة بين بلاده والاتحاد الاوروبي سيتم في 21 اذار/مارس المقبل، وذلك في شريط فيديو بثته السبت قنوات التلفزيون في كييف. وقال ياتسينيوك الذي عاد الجمعة من جولة قادته الى الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الاوروبية "اجريت محادثات مع رئيس المجلس الاوروبي هرمان فان رومبوي" و"اتفقنا على التوقيع على الشق السياسي من اتفاق الشراكة بين اوكرانيا والاتحاد الاوروبي خلال قمة في 21 اذار/مارس"، مؤكدا ان التوقيع على الجانب الاقتصادي سيتم "لاحقا". وقد رفض الرئيس الاوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش التوقيع على الجانب الاقتصادي من ذلك الاتفاق نهاية تشرين الثاني/نوفمبر ما أثار حركة احتجاج ادت الى الاطاحة به. وكان انصار التقارب مع روسيا آنذاك يتوقعون ان يخلق الشق الاقتصادي صعوبات كبيرة للصناعة الاوكرانية المرتبطة بشكل وثيق بالاقتصاد الروسي. من جانبه يزور نائب الرئيس الاميركي جو بايدن مطلع الاسبوع المقبل بولندا وليتوانيا لاجراء مشاروات مع وارسو ودول البلطيق. واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان "الوقت حان" كي يتخذ الاتحاد الاوروبي عقوبات صارمة بحق روسيا. وتقول مصادر اوروبية ان الاتحاد الاوروبي يدرس فرض عقوبات على عدد "محدود" لكنه "مهم سياسيا" من الشخصيات التي تعتبر مسؤولة عن التدخل الروسي في اوكرانيا. ويبلغ عدد هذه الشخصيات الثلاثين. وفي حين يرى العديد من الاوكرانيين ان روسيا لن تتوقف عند حدود القرم وأن آلاف الجنود الروس المحتشدين على الجانب الآخر من الحدود ليسوا هناك للقيام بتدريبات عسكرية فقط، اعلن سيرغي لافروف ان بلاده "لا تنوي ولا يمكنها ان تخطط لاجتياح جنوب شرق اوكرانيا". ووصف الرئيس الاوكراني بالوكالة "الوضع بأنه بالغ الخطورة". وقال "اننا نواجه تهديدات باجتياح الاراضي الاوكرانية".