رغم أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الوقت الحالي أصبحت المقياس الأكثر دقة لأي اقتصاد ناجح، لأنها تمثل نسبة كبيرة من إجمالي المؤسسات العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية، إلا أن هذه المشاريع تواجه تحديات عدة أبرزها غياب دراسة الجدوى الاقتصادية وعدم القدرة على التخطيط المالي والإداري، كما أن ارتفاع درجة المخاطر المصرفية المرتبطة بتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وعدم قدرة هذه المنشآت على توفير الضمانات التقليدية اللازمة للحصول على التمويل، تعتبر هي الأخرى تحديات إضافية قد تساهم في إحجام البنوك التجارية عن توفير التمويل اللازم لبعض المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وبغرض مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة يسعى برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتوعية وتثقيف أصحاب هذه المنشآت، وتزويدهم بالشروط الواجب توافرها للحصول على التمويل بكفالة البرنامج، مثل دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، وإعداد خطة العمل والقوائم المالية المدققة وصولاً إلى كيفية طلب التمويل الموجود لدى المصارف التجارية المتعاونة مع البرنامج. وفي الوقت الذي رأى فيه المهندس أسامة المبارك رئيس برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة أن هناك مجموعة من التحديات والمعوقات التي تواجه قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة مقارنة بدول العالم المتقدم، إلا أنه أكد على أن المملكة وضمن خططها التنموية والدعم الحكومي المتواصل استطاعت تذليل الكثير من التحديات والصعوبات أمام هذه المنشآت، وذلك من خلال توفير بيئة تشريعية تساهم في دعم وتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير الأدوات التمويلية اللازمة لديمومتها بما يساهم في تحسين قدرتها التنافسية لتصبح هذه المشروعات قادرة على التصدير والمنافسة محلياً وخارجياً. وبينّ المبارك أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تواجه تحديات في الحصول على التمويل من البنوك التجارية في مختلف دول العالم، بسبب أن تلك المنشآت تحتاج للائتمان طويل الأجل الذي تفضل البنوك عدم اللجوء إليه، تخوفاً من تعرض هذه المنشآت للتعثر وعدم قدرتها على الالتزام بالسداد في المواعيد المحددة، مشيراً إلى أن برنامج كفالة لعب دوراً فاعلاً في توفير الضمانات اللازمة للبنوك لتمويل هذه النوعية من المنشآت، وذلك من خلال كفالة 80% من التمويل الممنوح للمنشأة وبحد أقصى 1.6 مليون ريال، الآمر الذى شجع البنوك المتعاونة مع البرنامج على زيادة حجم التمويل الممنوح. وعن حجم التعثر في المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي حصلت على تمويل بكفالة البرنامج، قال المبارك إن حجم التعثر في البرنامج لا يتجاوز 1%، وهي نسبة معقولة للغاية إذا ما تمت مقارنتها مع برامج الضمان الأخرى على مستوى العالم، موضحا أن هذا المستوى الضئيل جدا من التعثر، يعكس المنهجية المهنية التي يتبعها صندوق التنمية الصناعي السعودي المكلف بإدارة برنامج كفالة، والمجلس الاستشاري للبرنامج الممثل بمؤسسة النقد العربي السعودي، و6 من البنوك السعودية، إلى جانب وزارة العمل ومجالس الغرف التجارية والصناعية إضافة إلى 2 من ذوي الخبرة في مجال المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وشددّ على أن البرنامج يعتمد معايير واضحة في حالة وصول المنشأة للتعثر، وتأخرها في سداد التمويل خلال مهلة 180 يوماً، حيث يتم دراسة الحالة والوقوف على مواطن الخلل وتقديم المقترحات والاستشارات الفنية والمالية والإدارية للوصول إلى الحلول المناسبة للمنشأة، والتي منها على سبيل المثال جدولة المديونية أو أية خيارات أخرى يتم الاتفاق عليها مع العميل والبنوك. وفى الوقت الذى أكد فيه المبارك على رغبة البنوك السعودية في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلا أنه طالب بضرورة نشر الوعي بأهمية تنظيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة محاسبياً، وإيجاد كيانات مستقلة لها، بما يضمن حصولها على التمويل وفي الوقت نفسه تقليل المخاطر المترتبة على تمويلها، إلى جانب أهمية تسهيل الإجراءات الحكومية وتنظيم برامج التأهيل لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتمكينهم من الحصول على فرص الأعمال من خلال الشركات الكبرى. وأشاد بدعم وزارة المالية المتواصل وتغطية أي عجز في البرنامج قد يظهر في المستقبل، كما أن عمل البرنامج لا يقتصر على تقديم التمويل، إنما يتعداه إلى تقديم التدريب والمشورة بشأن دراسات الجدوى وخطط العمل، وإعداد القوائم المالية، من خلال التعاون مع مؤسسسة التمويل الدولية في البنك لدولي والمعهد المصرفي.