لمترجم الأدب نجوميةٌ في الثقافة العربية؛ كيف إذا كان هذا المترجم هو صالح علماني؛ المترجمُ الفلسطيني الذي ارتبط اسمه بترجمات روائع نتاجات كبار كتاب الرواية اللاتينية من ماركيز وايزابيل اللندي إلى ماريو برغاس يوسا والكثير من الترجمات التي اجتازت المائة كتاب. هذه النجومية التي لمسها بلا شك صالح علماني وهو يلتقي جمهور الأدب في السعودية، هي نفسها التي دفعت المستشرقة الألمانية يوليا كلاوس المتواجدة في الدمام لأن تقول لعلماني على هامش أمسيته في جمعية الثقافة والفنون، مساء الثلاثاء: "بأنك تحظى بشهرة كمترجم لا توجد حتى في أوروبا، فنحن في اوروبا نقرأ ماركيز وأدب أمريكا الجنوبية ولكن لا نعرف المترجم". ليجيبها صالح علماني بشيء من الزهو "نحن العرب نكرم المترجم وقد نلت أخيراً وسام الثقافة والعلوم والفنون من الرئيس الفلسطيني ونحن في الثقافة العربية ننشر اسم المترجم على الغلاف وهذا لا يحدث دائما في اللغات الأوروبية". هذا كان من هوامش ليلة (حوار حول الترجمة) التي أدارها المترجم الدكتور مبارك الخالدي وشهدت جملة من الأسئلة حول تجربة صالح علماني المترجم البارع الذي انقطع عن دراسة الطب في اسبانيا نهاية الستينيات ليتحول لترجمة الأدب من اللغة الأسبانية بعد ترجمة أول رواية كانت (ليس للكولونيل من يكاتبه) لماركيز والتي حظيت بحفاوة صحافية من صحيفتي النهار والأخبار الأمر الذي شجعه لأن يستمر في الترجمة التي يعتقد بأنها مهنة و"لكن تتطلب قدراً ما من الإبداع". قضية حقوق المؤلف لم تغب عن أسئلة الحضور، حيث تحدث علماني بوضوح: "الناشر هو من يتحمل مسؤولية الترجمة"، مبيناً أنه لطالما تدخل لعمل وساطات مع كتّاب رواية من أمريكا اللاتينية، ليقنعهم بأهمية النشر للغة العربية، بعد التنازل عن حقوقهم، ونجح الأمر مع البعض لكنه ليس دائما، مشيراً إلى أنه عندما بدأ الترجمة بداية السبعينات، لم تكن مسألة الحقوق الفكرية للترجمة مطروحة بشكل جدي في الدول نفسها، ولم تطرح بشكل جدي قبل أواخر السبعينات وبداية الثمانينات". أما عن العقد الأخير، فيشير المترجم صالح علماني إلى أنه عمل مع ناشر كان يعلن في الصحافة أن ترجمات داره، تجري بحقوق موقعة مع المؤلفين، إلى أن تبين أن الأمر ليس صحيحاً، عندما زار الروائي البوريفي ماريو برغاس يوسا دمشق، ورأى كتبه مترجمة دون علمه، ما دفع زوجته بأن تطالب صالح علماني بالحقوق، ليحيلها لدار النشر. ولكن بعد كل هذه الترجمات للغة العربية من الروايات المكتوبة بالإسبانية، كيف لمس وعاين صالح علماني تأثير هذه الترجمات على نتاجات الروائيين العرب؟، يجيب مترجم (امتداح الخالة)، على سؤالنا، قائلاً: "منذ بدأت ترجمة الروايات إلى العربية وبدا واضحاً تأثير جيل الروائيين الشباب بهذا الأدب، إنه شيء ملموس لدى أي قارئ، والروائيون أنفسهم يقرون بهذا الأمر، فروايات أمريكا اللاتينية أثرت كثيرا على الروائيين العرب وطورت من أدواتهم والتقنيات المستخدمة في روايات أمريكا اللاتينية أكثر تعقيداً من البساطة التي كانت شائعة في الرواية العربية". ورداً على سؤال للجمهور، حول ملاحظة استخدام تراكيب أسلوبية شعرية في ترجمة رواية (ذاكرة غانياتي الحزينات) لغابرييل ماريكز، فأيهما أجمل النص الاصلي أم الترجمة؟ يجيب علماني: "النص الأصلي دائما أجمل من الترجمة بكثير.. قد يقول كاتب ان المترجم الذي ترجم عمله قد جعله أجمل من النص الأصلي، فهذا الكاتب يكون مجاملاً جداً". وعن تعدد الترجمات للنص الواحد، فيعلق، أخيراً: "الأعمال العظيمة تستحق أكثر من ترجمة".