استخدام الحيلة كوسيلة للترويج لأي سلعة أو فكرة أو للوصول إلى أهداف مُعينة أمر معروف وشائع، وأود في السطور التالية الإشارة لحيلة يلجأ إليها بعض الشعراء للترويج لأشعارهم تتشابه إلى حد كبير مع الحيلة التي يستخدمها العديد من المؤلفين قبل انطلاق معرض الكتاب حين يعمدون قبل وأثناء المعرض لإطلاق شائعات تقول بمنع مؤلفاتهم الهزيلة، وهم على يقين بأن مثل هذه الشائعات ستكون طُعماً ناجحاً لاصطياد أكبر عدد مُمكن من القراء الذين لا يستطيعون مقاومة إغراء عبارات "المنع". إلى زمنٍ قريب، وتحديدًا مرحلة ما قبل الصحافة الشعرية وجمع أشعار الشعراء القدماء في دواوين ومجاميع، كان من الطبيعي أن يحدث الخطأ في نسبة بعض القصائد إلى غير مبدعيها، وأن تتداخل القصائد التي تتشابه في بحورها وقوافيها في أذهان الرواة الذين ينقلونها إلى الناس، لاسيما وأن بعض الرواة كان على استعداد تام لتعويض ألفاظ القصيدة الغائبة عن ذاكرته بألفاظ جديدة، أو نسبة قصيدة الشاعر المغمور حين تعجز الذاكرة عن استحضار اسمه إلى شاعر مشهور من نفس قبيلته، أمّا اليوم وبعد اختفاء تلك الأمور فقد برزت حيلة جديدة تتمثل في قيام الشاعر المغمور بنسبة قصيدته - أو الإيعاز بنسبتها - إلى شاعر مشهور لكي تحظى بانتشار أوسع بين الناس في خطوة أولى، وليوهم الآخرين فيما بعد - أي عند تصحيح نسبتها إليه - بأن أسلوبه في كتابة الشعر يُشابه أسلوب الشعراء الكبار..! وقد لاحظت كغيري من المتابعين بروز هذه الظاهرة بشكل واضح مؤخراً، وأن الشاعر الكبير سعد بن جدلان هو أحد أكثر من تُنسب إليهم قصائد ليست من إبداعهم لاستدراج المتلقي للقراءة، وأحد الشعراء الذين عبروا عن هذه الظاهرة شعراً رفعان العرجاني الذي يقول: لا تحسبون الشعر مثل الجريدة ما ينخدع متذوقينه بعنوان بأسبابكم ما عاد نقرا القصيدة اللي بدايتها "جديد ابن جدلان" إذن فاسم الشاعر المبدع والشهير ابن جدلان (أو غيره) كالمانشيت الصحفي اللافت والقادر على جذب انتباه القارئ وإرغامه على قراءة المادة الصحفية بغض النظر عن قيمتها، لذا لا يُستغرب أن تُستغل أسماء الشعراء المشاهير لترويج البضاعة الشعرية الرديئة أو المتواضعة. أخيراً يقول نجم الأسلمي: لا تاخذ أبياتي عسى القوم تاخذك هذي مشاعر عشتها واكتبتني لو إنها تنفعك ماني مواخذك لاشك لو تنفع وكاد نفعتني!