تمثل تجربة شيرين، بعد عقد زمني من انطلاقتها 2002 حالة من حالات الغناء العربي في الألفية الثالثة، وتمثل خطاباً من بين خطابات غنائية. هذه دراسة عنها وهي الحلقة الرابعة. تدرجت تجربة شيرين في درجات الإفصاح في محطات متوالية رسخت من تلقي تجربتها التفاعل معها وتتابع تحويل المادة الواقعية مادة ثقافية بامتياز. تمثل "جرح تاني" (2003) تعاقداً مباشراً مع الجمهور كأنما تمنح الجمهور مادة منه وإليه. يعد موضوع الخيانة أحد المواضيع المهلوكة في الأغنية العربية، ويمكن أن نستذكر نماذج من الأرشيف الغنائي العربي "حسيبك للزمن" لأم كلثوم، و"حلفت عمري" لحسين جاسم، و"بلاش عتاب" لعبدالحليم حافظ، و"إن كنت ناسي أفكرك" لهدى سلطان، و"رسالة من امرأة" لفايزة أحمد، و"قضية حب" لوردة، و"بعد يومين" لسميرة سعيد، و"اسكت بقى" لأصالة. ويتمثل في المادة المصورة وما تجسده الفجيعة والانفعال والدفاع، وتفاصيل الخسارة والانهيار والخديعة، وهو صلب عقيدة "التمثل" وإعادة الإنتاج. إنه خطاب الصدمة. مع الأخذ بالاعتبار توظيف أسلوب التجريد بتوبيخ الذات في النص، واعتماد النغمة المألوفة في أغنيات تحاكي الذاكرة الشعبية وتعيد إنتاجها بصورتها الجماهيرية. "غلطت مره وقلت على الرخيص غالي جرحت قلبي وجرح القلوب غالي من النهار ده مافيش احزان مافيش الوان من النهار ده حب مافيش ده كمان آه الله يعوض ع الأيام وع الليالي.." وتتدرج خطابات الإفصاح في مجمل التجربة، وهو ما يتمثل في محاولة إعادة تأهيل النفس بعد الصدمة، والشعور بأن التخطي لازم لاستمرار الحياة واعتبار أن التجربة فرصة لاكتساب الإيجابي من المجهول المعادل للقدر غير المسلم به للوهلة الأولى، والنأي بالنفس عن تكرار الخطأ. وهو ما تقوله أغنية "لازم أعيش" (2005): "عايزة ألملم قلبي وأحضن نفسي وأمشي بعيد عايزة أطيب جرحي أيوه هطيب جرحي أكيد عايزة حبك يبعد عني عايزة جرحك يخرج مني"