أثناء زيارة رئيس وزراء العراق نوري المالكي لواشنطن انتقد السيد الصدر الزيارة وأسبابها وتوقيتها وعلى ضوء ذلك اصدر مكتب رئيس الوزراء العراقي بيانا يرد فيه على انتقادات السيد الصدر، وكتبت في هذه الزاوية في حينه ان الرئيس الامريكي سيدعم نوري المالكي في تجديد ولاية ثالثة، وان تداعيات الزيارة على الحياة السياسية في العراق يجب ان تقرأ من خلال موقف السيد الصدر من تلك الزيارة. قد تختلف مع السيد مقتدى الصدر في قضايا ليست كثيرة ولكنها قليلة، وتتفق معه بالمواقف الكبيرة مثل انتمائه الوطني العراقي وكذلك انتماءه لهويته العروبية، فالسيد مرجع ديني له مكانته الشرعية في الوسط الشيعي وهذا اعتبار في ثقافة المرجعيات ورثه من انتسابه لبيت الصدر، الا ان الظروف السياسية في العراق جعلته يستثمر نسبه العائلي في الحياة السياسية، وقد تمكن من تسجيل حضور مؤثر في هذا الاتجاه سواء في مقاومته للاحتلال الامريكي او المشاركة المباشرة في العملية السياسية عن طريق ترشيح ممثلين له في البرلمان. اعتبارات السيد مقتدى العائلية والوطنية والعربية جعلته لا يتناغم دائما مع التدخلات الايرانية في العراق ولن تستطيع بعض الطروحات الطائفية ان تجعل منه خصما للطائفة السنية، فهو منذ البداية حدد خصومته مع البعثيين والامريكان، وأخرج اهل السنة من دائرة خصوماته واعتبرهم شركاء اصليين له في الانتماء الوطني، وهذا يجعل منه رجل مبدأ وليس بائعا او مشتري مصالح، مثل هذه المبادئ او البضاعة تعد ثقيلة في حركتها في مسارات السياسة في العراق التي تعتمد على احياء النعرات الطائفية والاكراهات الوطنية والاقصاء. فالسيد مقتدى وجد انه في ميدان السياسة العراقي خاصة في الآونة الاخيرة - على الرغم من حضوره البارز- يدور في حلقات مفرغة وكل قواه السياسية معطلة وحتى ممثلوه في البرلمان والحكومة اتجهوا لخياراتهم ومصالحهم الشخصية وابتعدوا عن موقفه المبدئي "وحدة العراق وانتماؤه العربي" وهنا افضت قوته السياسية الى الفراغ وعدم التأثير، وهذا مكان مزعج ولا يليق برجل انتماء ومبادئ، قد يكون هذا السبب وجيها في اعتزاله الحياة السياسية، ولكنه دفعه للانتقال من فراغ الى فراغ فالاعتزال في هذه المرحلة يعد خسارة للمتناغمين مع طرحه الوطني، فالدكتور اياد علاوي دعا السيد مقتدى للعدول عن موقفه من اجل الشعب العراقي ووحدته، فالدكتور علاوي عندما يقدم هذه الدعوة بهذه الظروف يعرف جيدا قوة تأثير السيد في الحياة السياسية، كما يعرف ايضا ان غيابه سيكون مكسبا لخصوم عروبة العراق ووحدته وخاصة رئيس الوزراء الحالي الذي يطمح لولاية ثالثة، فدولة مثل ظروف العراق اليوم تحتاج كثيرا لرجال الدين الوطنيين الذين يحترمون انتماءهم الوطني والقومي، وهذا الشيء اتضح في موقف السيد الصدر عندما أيد مطالب أهل الانبار ودان التدخل العسكري في انهاء تظاهرات أهالي الانبار، فبغياب السيد الصدر عن الحياة السياسية سوف تزيد مساحات الفراغ الوطني التي سوف يملأها اصحاب الدعوات الصفوية الذين لا هدف لهم سوى تأكيد تبعية العراق لإيران.