الحديث عن العمل الخيري ذو حساسية خاصة، سواء من عامة الناس أو حتى من الإعلاميين لكثرة مانتج عن بعض الأعمال الخيرية ووصمها بالإرهاب في عدد من دول العالم الأخر البعيدة عن الإسلام! وظل العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة غير قادر على تبديل ثقافة أي مجتمع تجاه العمل الخيري وخروجه من دائرة الشك لمواجهة الحياة إضافة إلى غياب الدور الإعلامي العربي في تغيير تلك الثقافة. وبعيدا عن التوهمات والتصورات أذكر حقيقة هامة، وهي أن التبرع في الإسلام من الأعمال الجليلة الفاضلة الحسنة التي حثنا ديننا عليها والتي تضيف لحسنات المسلم جبالاً من الخيرات، ولا يستطيع كائن من كان أن يوقف هذه الخيرية بترهات وإدعاءات أن العمل الخيري هو وقود الإرهاب. وهناك نماذج مضيئة لا ينكر دورها القاصي والداني. من هذه الجهات الخيرية الكبيرة جمعية أسرة في مدينة بريدة بمنطقة القصيم التي أنشأت للزواج والرعاية الأسرية ليكون لها دور ريادي في مجال العمل الخيري وبالفعل فقد تحقق لها ذلك لما رأيته من إنجازات مذهلة للجمعية بمنطقة القصيم واقترحت على المدير العام للجمعية الدكتور محمد بن عبدالله السيف توسيع نشاطات الجمعية لتتواجد في مناطق المملكة المختلفة. ولمن لا يعرف فهذه الجمعية الخيرية المتميزة بعطائاتها رئيسها الفخري هو صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم وأعضاء مجلس إدارتها من المشايخ الفضلاء الذين يتميزون بالبال الطويل في شتى مجالات التكافل والتراحم والتعاطف والتواد وهى دون شك من قيم الإسلام الراسخة. ومن هذا المنطلق قامت جمعية أسرة ببريده لتكوين إحدى الركائز المساهمة لمساعدة المجتمع والوقوف معه في تكوين أسرة مستقرة وناجحة بأمانها الأسري والاجتماعي والوطني بما تقدمه من أنشطة وخدمات متخصصة وفق معاير جودة عالية لتيسير الزواج والرعاية الأسرية من خلال نظام وأساليب عمل فائقة الجودة وعناصر بشرية مؤهلة ومبادئ وأسس تنظيمية وإدارية تلتزم، بالموضوعية والشفافية وفق القيم الشرعية والأهداف الوطنية. ما أذهلني بالفعل إنجازات جمعية أسرة خلال الأعوام المنصرمة من خلال برامج ومشاريع طموحة تتوافق مع توقعات الفئات المستفيدة من خدمات الجمعية وتلبي طموحات الداعمين لأنشطتها وبرامجها منذ تأسيسها عام 1429ه، وتكوينها قاعدة أساسية لها من خلال أعضاء الجمعية العمومية وطموحها بمشاركة كل الفاعلين والمهتمين بالشأن الأسري لتتكامل الأفكار والرؤى وفق احتياجات المجتمع. وما سعدت به أيضاً من تعدد أنشطة وبرامج الجمعية كتوعية فئات المجتمع تربوياً واجتماعياً والحد من ظاهرة العنف الأسري وإصلاح ذات البين وحل المشكلات الأسرية وتوعية الشباب والفتيات بأهمية الزواج وترشيد نفقاته من خلال دورات وبرامج ومراكز تدريبية والتوفيق بين راغبي الزواج وحماية الأطفال من الاغتراب والعزلة النفسية والاجتماعية. وتنمية مهارات الإبداع والتفكير الابتكاري لدى الأطفال. إضافة إلي ما استوقفني في أعمال الجمعية وهو إقامة دورات تدريبية للرجال في المجالات الاقتصادية والاستثمارية لتنمية دخل الأسرة وتحسين مستواها الاقتصادي والاستثماري وتحسين أساليب الدعم المالي والمادي للجمعية. أما ما أثار حفيظتي واستغرابي هو عدم تواصل الجهات الإعلامية والثقافية مع الجمعية إلا بالندرة والقليل القليل، وهو ماعطل ظهور الإنجازات بالوجه المشرق وعدم ظهور رجال الإعلام للمنتديات والمؤتمرات الخاصة بشؤون الأسرة وعدم اهتمامهم بالإرشاد الأسري والمشاركة بوضع الحلول لمشاكل الأسرة التي تؤثر على جيل المستقبل صغار السن من الأطفال. الحقيقة المرة أن كل منجز وطني بحاجة للتعبير عنه ليكون القدوة في مجتمعنا السعودي النبيل ولا يكون هذا التعبير إلا بالإعلام ولاشي غير الإعلام فمتى نفيق يا وسائل الإعلام لانطلاق مثل هذه الجمعيات؟! إن السؤال الأكبر والأبرز: متى تصبح جمعياتنا الخيرية ذات تنافسية عالمية؟