أطلقت هيئة الإعلام المرئي والمسموع شركة لقياس نسب المشاهدة التلفزيونية في المملكة في محاولة منها لإعادة الشفافية والتوازن والمصداقية لقطاع الإعلان التلفزيوني وهو قطاع يشوبه نوع من الغموض وعدم الشفافية وانعدام العدالة في توزيع الحصص الإعلانية على القنوات لأن المعلن والمشاهد بعيدان تماماً عن الأرقام الحقيقية لنسب المشاهدة للقنوات الفضائية، وهذا ما منح قناة واحدة أو قناتين السيطرة الكاملة على الإعلانات وما تبع ذلك من ظلم لقنوات أخرى قد تكون أعلى مشاهدة. المملكة وما تعيشه من تنمية إعلامية متنوعة، تعتبر سوقاً واعداً لشركات الإعلان، وما يجري حالياً لا يتناسب مع حجم ما ينفق من شركات الإعلان على السوق السعودي بما يملكه من تفوق سواء من الناحية الجغرافية أو كثافة سكانية وهذا كله ناتج عن عدم وجود شركات استقصاء دقيقة وذات مصداقية لقياس نسب المشاهدة المبنية على أسس مبتكرة ومتطورة، لذا كان لابد من إيجاد عملة تداول واحدة بين القنوات ومن خلال قياس موحد لنسب المشاهدة يستند على معلومات أكثر دقة من خلال دراسات سوق متطورة ومعدات مراقبة إلكترونية لا تسمح بأي تلاعب بالأرقام. من يقوم بهذه المهمة في الوقت الحالي شركتان تعتمدان على بياناتهما على الاتصالات الهاتفية العشوائية التي لا تعبّر بدقة عن آداء المشهد الإعلامي، هذا على افتراض أن الأرقام فعلاً صحيحة وأن الاستبيانات قد تم إجراؤها بالفعل، فهذه الطريقة تعتمد على ذاكرة المشاهد فقط ولا تلتقط جميع عاداته وتفتقر لجودة المراجعة النهائية وتصدر بيانات شهرية بعيدة عن الشفافية، والدليل على عدم دقتها أن هناك قنوات يتابعها الجمهور السعودي بكثافة، والكل يعرفها، وتكاد تكون من بين القنوات الأكثر مشاهدة، لكنها -مع ذلك- لا تظهر أبداً في قوائم هاتين الشركتين وكأن استبياناتهما تجري في واقع غير الواقع السعودي الذي نعيشه جميعاً. لذا فإن إطلاق شركة القياس السعودية يعتبر حدثاً نوعياً سيعيد التوازن إلى السوق الإعلامية، وسيحفظ الحقوق لجميع القنوات، ولعل في دخول التلفزيون السعودي شريكاً للقنوات الفضائية في عضوية الشركة الحديثة، فرصة لإعادته إلى موقعه الطبيعي ولإنصافه من الظلم الذي تعرض له في الدراسات السابقة، والتي أبعدته عن أعين شركات الإعلان كنتيجة حتمية لنتائج دراسات غير دقيقة وغير عادلة في الوقت الذي يشهد فيه التلفزيون حراكاً وتطوراً وإنتاجاً وتأثيراً. إن إنشاء تكتل فضائي تلفزيوني بداية حقيقية لإعادة توازن سوق الإعلان في المملكة ومنهجية حديثة ومتطورة لدراسات دقيقة لقياس نسب المشاهدة.