يدرك الجميع أن العلاقات الاجتماعية، ليست كما ينبغي، إذ أصبحت أكثر تباعداً، فلا تكاد تجد في الحي جيراناً يعرفون أسماء جيرانهم الملاصقين لهم، والفجوة في ازدياد للأسف الشديد، قد لا ندرك معنى هذا التباعد في الوقت الحالي، ولكن كلما تقدم بنا الوقت وكبرنا فلا شك سنلمس أهمية ردم هذه الفجوة، فالكل في مقتبل العمر يلهو بشؤون حياته وهذا حق مشروع، لكن..! أن لا تعرف حتى أسماء جيرانك فتلك معضلة لابد لها من حل، عندما تحدث أي مشكلة لا قدرالله فأقرب من تستنجد به هو الجار، فكيف سيكون وضعك وأنت لا تعرفه ولسنوات وأنت تقطن بجانبه؟! لقد أفرزت علينا الحضارة بمشاغلها سلوكيات شكلتنا هي ولم نشكلها، وأضحينا نتبعها ونسير خلفها، لا أعتقد أن أحداً منا يمكن أن يستغني عن جاره، لكن بعضهم يتوقع ويعتقد أنه لا يحتاج إليه ولن يحتاج، وأن المشاكل التي تقع بين الأطفال هي التي تجعله يستسلم لتك الأوهام، ويرفض تطوير العلاقة، ويقبل فقط بالسلام عندما يمر على جاره وهو أمام بابه، فأحياناً هناك مناسبات حزينة أو أفراح فلا يدري عنها، وهذا هو الخلل في العلاقة. وفي خبر مفرح نشر مؤخراً في الصفحة الأخيرة من هذه الجريدة أن وزارة الشؤون الاجتماعية شرعت في العمل على تعزيز الترابط الاجتماعي بين الجيران داخل الأحياء السكنية، لتحقيق التعارف الاجتماعي بين سكان الحي الواحد، وتعزيز الترابط الاجتماعي بين الجيران في ظل الطفرة التنموية والتوسع العمراني السريع الذي تشهده مختلف المدن في المملكة لا سيما المدن الكبرى كالرياض التي أفرزت ظواهر اجتماعية كثيرة وانعكست سلباً في التباعد بين سكان الأحياء وعدم معرفة كل منهم الآخر. وأبان الخبر أن إدارة البرامج التنموية بالإدارة العامة لتنمية المجتمع بالوزارة تسعى من هذه المبادرة التي بدأ تطبيقها فعلياً في عدد من الأحياء بمناطق مختلفة إلى إيجاد محاضن اجتماعية في الأحياء وتنظيم ديوانيات بالأحياء للرجال والنساء، وحفلات معايدة وتكريم الطلاب والطالبات المتميزين في كل حي إضافة إلى إقامة نواد اجتماعية للشباب والشابات وتقديم محاضرات عامة ونشرات توعوية داخل الأحياء لتعزيز التعارف والترابط بين سكان الحي. وعمّدت الشؤون الاجتماعية مراكز الأحياء ومراكز التنمية الاجتماعية في المدن الرئيسية ولجان التنمية الأهلية لتنفيذ هذه المبادرة التي أطلقت عليها اسم (جاري) والتي تأتي ضمن عدة مبادرات أطلقتها وكالة التنمية الاجتماعية مؤخراً، في مساع منها لإنشاء وتجهيز (30) ديوانية حي سنوياً إضافة إلى إنشاء (30) نادياً اجتماعياً للهوايات إلى جانب عقد ورش عمل لابتكار المزيد من برامج التواصل الاجتماعي بين الجيران والتعريف بالمبادرة وأهدافها. هذه المبادرة الرائعة كم كنا بحاجة إليها فهي بالفعل ستكون ذات أثر اجتماعي رائع في تقوية الروابط وتعزيز التواصل الاجتماعي المنشود، ومثل تلك البرامج يجب أن تتابع إعلامياً، وتنشر برامجها في مختلف وسائل الإعلام، لأن مجتمعنا عُرف بطيبته، فقط يحتاج الى من يأخذ بيده لتنفيذ مثل تلك المبادرات الرائعة.