"اعقلها وتوكل".. لا يمكن أن ينطبق مفهوم هذا الحديث مع ما نراه من إصرار المخطوبين على إتمام الزواج رغم نتائج الفحص غير المتطابقة، حيث تتوقف تلك النتائج على إشعار المفحوصين وليس إلزامهم بعدم الزواج، وهناك فرق بين إعلان النتيجة وترك خيار الزواج، وبين إعلان النتيجة والمنع من الزواج؛ خوفاً على المخطوبين وأبنائهم من الأمراض الوراثية والانتقالية والجينية، وبما يحقق زواجاً صحياً وإنجاب أطفال أصحاء، وكذلك المساعدة في بناء مستقبل أسري يسوده الاستقرار. نحتاج إلى قرار يمنع إتمام أي زواج يُثبت الفحص الطبي عدم مطابقته.. أنقذوا الأبناء من الأمراض ومع إصرار المخطوبين على إتمام الزواج رغم سلبية النتائج؛ فإن الهدف من سن قانون الفحص وترك حرية الاختيار غير مجدٍ، وهنا يبرز السؤال: ما هي رؤية أفراد المجتمع والمختصين حول عدم إلزام المفحوصين بعدم الارتباط عند عدم توافق النتائج؟ ويُكابر الكثير من الشباب والشابات بإتمام الارتباط رغم علمهم بالنتيجة التي لا تُؤيد الزواج، متجاهلين المخاطر التي من الممكن أن تقضي على سعادتهم مُبكراً، خاصة مع ولادة ابن مصاب بمرض خطير، وهو ما يجعلهم يعيشون الألم، وربما "عضَّ" بعضهم أصابع الندم طول العمر، خاصةً عندما يرى ابنه الصغير في حالة يُرثى لها، وهنا لابد من وجود قرارات حازمة وملزمة تكفل سلامة وسعادة الأسرة والمجتمع، وتمنع إتمام أي زواج يُثبت الفحص الطبي عدم مناسبته. الفحوصات مؤشر على احتمالية انتقال الأمراض وراثياً بين الأبناء نتائج خطيرة وقال "أحمد المزروع" -موظف-: إن إلزام المقبلين على الزواج بعدم إتمام الزواج سيقلل الضغط على المؤسسات الصحية وبنوك الدم، وسيتجنبون المشكلات الاجتماعية والنفسية لهم ولأطفالهم مستقبلاً، مضيفاً أنه بالاقناع لا بالإكراه سنجنبهما "ويلات" كثيرة، مبيناً أنه من الخطأ أن نفحص ثم نترك الخيار للمفحوصين لكن النظرة الشرعية تسبق الفحص، ذاكراً أن ذلك سبباً لتعلق المخطوبين ببعضهما، وهذا ما يجعل أحد الطرفين أو كليهما يقبل بالارتباط، مما يُعد أنانية، حيث انهما لم يفتحا باباً للتفكير بالأبناء وبالمستقبل، أو أنهما يندفعان نحو الارتباط وقد أغمضا أعينهما. هناك فرق بين إعلان النتيجة وترك خيار الزواج وبين إعلان النتيجة والمنع من الزواج وأوضح "أبو خلف" -متسبب- أنه لو عادت به الأيام لما كان لزواجه أن يتم، فقد عانى ما الله به عليم من أحزان وكدر، ومازال ينظر لإابنه وهو يئن من الألم على سريره وهو مكتوف اليدين، متمنياً لو أُقر نظام الفحص قبل الزواج منذ زمن بعيد، ناصحاً المقبلين على الزواج بالتروي والتأني، فمغبة الاقدام على الزواج لمن لا تتطابق نتائجهم جداً خطيرة وتقتل الوالدين في اليوم الواحد مائة مرة، ذاكراً أنه ذاق ذلك الشعور، فولادة طفل مصاب لا يمكن شفاؤه سيقلب حياة والديه إلى جحيم وسيخيم عليها البؤس. سامي الذياب متابعة علاج وأكدت "جواهر الحامد" -طالبة- على أن الأسرة التي يكون لديها مريض أو حامل للمرض تعاني صعوبات كثيرة وتوترا، فهي تشقى في طريقة العلاج، إضافةً إلى الضغط النفسي الذي يشعر به الوالدان باستمرار، فقد يصل الحال بمريضهم إلى استئصال طحاله وأيضاً زراعة نخاع العظم من خلال عمليات كان من الممكن تفاديها، مبينةً أن أصعب الأمور حين يكون المريض طفلاً لا ذنب له، بسبب الاصرار على إتمام الزواج رغم الدراية بالفحص وبالأمراض التي يمكن حدوثها، ولا يعلم هذا الابن أن والديه ارتكبوا بحقه خطأ عظيماً. خالد المنصور وتساءل "ريان العبدالرحمن": ما العمل اذا كان الشاب يحب خطيبته وظهرت النتيجة غير متوافقة؟، مبيناً أنه من المهم الإلمام بتبعات الزواج حتى لا يجد اللوم بأنه لم يفقه بمخاطر الزواج، وإن اقتنعت خطيبته بالارتباط فيعقدان القرآن، وعلى طريقة: "يا تصيب يا تخيب" -حسب قوله-. عناد وتحدّ وطالبت "سلمى الرثيع" -معلمة- أصحاب الشأن بعدم التهاون في ترك الحبل على الغارب للمقبلين على الزواج، والتعامل بجدية مع المتهاونين في النتائج ممن ضربوا باستقرارهم الاجتماعي والنفسي عرض الحائط، فارتبطا ولم يأبها بالعواقب الوخيمة، متسائلةً: طالما أن الفحص يجرى من أجل الكشف عن وجود بعض أمراض الدم الوراثية وبعض الأمراض المعدية واحتمالية نقل هذه الأمراض للطرف الآخر، فلمَ لا نسعى إلى تحقيق الهدف من الفحص وبمعناه العميق والحقيقي؟، مبينةً أن كل ما يفعله المختصون هو الفحص وتقديم النصح والمشورة وهذه بلاشك محاولات لتجنب المآسي ينجح معظمها في ظل الوعي، ويرسب البقية عندما يسيطر الجهل أو العناد والتحدي، فقد فهم البعض الغرض من الفحص بمعناه وتجاهله آخرون. ورأى "أحمد العبدالله" -طالب- أن الشاب اذا كان يعرف تماماً ما سيواجهه من مشكلات في حال عدم تطابق الفحوصات ومن ثم اختار أن يرتبط بخطيبته وقرر الزواج وكذلك الزوجة رضيت بهذا الارتباط وهي تدرك نتيجة عدم التطابق في المستقبل فعلى بركة الله، خاصةً إذا تعلق قلبه بخطيبته، فأعتقد أن معه العذر والحق في الارتباط. عذاب ضمير ويؤمن "سلطان العبدالله" -خريج جامعي ينوي اكمال نصف دينه قريباً- بأهمية الفحص والتعامل مع النتائج بعقلانية، مضيفاً أنه سيبحث عن زوجة أخرى في حال لا سمح الله لم تتطابق نتائج فحصه مع زوجته المستقبلية، فلن يُخاطر أو يُغامر بحياة أطفال أبرياء ذنبهم الاستعجال والنظر للمستقبل والحياة بنظرة ضيقة ومحدودة، رافضاً الشعور بعذاب الضمير ووصف احساسه بأنه ورث المرض والشقاء لأبنائه لا سمح الله بأنه كالقاتل وأن الأبناء بمعاناتهم وآلامهم يقتصون منه كل لحظة. وتمنت "هديل المشيقح" -موظفة- تطبيق النظام بحزم وعدم السماح للمقبلين على الزواج بالتهور وإتمام عقد القرآن، ففي حالة عدم تطابق نتائج الفحص مع الاصرار على الارتباط فسيغرق كل منهما بالندم ولكن بعد فوات الأوان، وسيتمنيان أن الزواج لم يتم وذلك عند ولادة أطفال مصابين أو حاملين للأمراض، مضيفةً أن الوقوف ساعات أمام عيادات الأطباء، وبكاء الطفل وأنينه عند غرز الإبر وأثناء تلقي العلاج لهي لحظات يتمنى الأب والأم معها لو لم يتم هذا الزواج، مُشددةً على أهمية أخذ النصح والمشورة من أهلها. جهود كبيرة وتمنى "سامي الذياب" -أخصائي مختبر بمستشفى الملك خالد بالمجمعة- إلزام المخطوبين بعدم الارتباط في حال اكتشف عدم تطابق الفحص بينهما، تحقيقاً للهدف الذي من أجله طبق فحص ما قبل الزواج، مبيناً أن المملكة تبذل جهوداً كبيرة لإتمام هذا الفحص، وذلك لما يعلمه الجميع من خطورة الأمراض الوراثية على الفرد والمجتمع مثل "فقر الدم المنجلي" و"أنيميا البحر المتوسط"، والتي تسبب تكسراً في كريات الدم الحمراء، مضيفاً أنه في منطقة الخليج يحمل كل فرد من بين (20) هذه الأمراض، كما أن نسبة حاملي المرض بالخليج (5%)، وهي نسبة لا يمكن تجاهلها، ففي كل حمل للزوجة -الحاملة للمرض- من زوج حامل للمرض احتمال إصابة الجنين تصل إلى (25%)، وهي نسبة أيضاً لا يستهان بها، لافتاً إلى أن أكثر من (60%) من أطفال هذه الأسر سليمون لكنهم يحملون المرض، لذا فالمريض يحتاج للدم وبشكل دوري في كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع حسب عمره ودرجة نقص "الهيموجلوبين". آثار سلبية وشدّد "خالد المنصور" -مسؤول فحص لما قبل الزواج بمستشفى الملك خالد بالمجمعة- على ضرورة إلزام المخطوبين ممن لم يتطابق فحصاهما بعدم إتمام الزواج واقناعهما بذلك، مضيفاً أن الفحص شيء أساسي إذا أردنا مجتمعا يخلو من الأمراض المعدية والوراثية بإذن الله، لافتاً إلى أنه عندما يكون هناك إصرار على الزواج من المخطوبين على الرغم من عدم مناسبتهما للزواج من بعضهما طبياً فستكون هناك آثار سلبية عظيمة من شأنها أن تؤثر على الأسرة والمجتمع ككل، موضحاً أنه في حالة ارتباط زوجين يحملان مرض "فقر الدم المنجلي" مثلاً فسيكلف ذلك الكثير من الجهد والوقت للرعاية والعلاج، مؤكداً على أن العلاج سيكون دائماً وبصفة مستمرة للطفل، وكذلك الحاجة الماسة للدم بصفة دورية، وبالتالي سيكون هذا الطفل غير قادر على ممارسة حياته بصورة طبيعية. قرارات حازمة وأوضحت "أفراح الفايز" -طالبة في كلية الطب جامعة الملك سعود بالرياض- أن الحاصل الآن هو إعطاء المشورة الطبية حول احتمالية انتقال الأمراض للطرف الآخر والأبناء في المستقبل مع فسح المجال للزوجين لتحديد مصيرهما، ويضع الزوجان في حسبانهما أن قرار العدول عن الزواج والتراجع عنه صعب، فيقدمان على التضحية دون تروّ، مضيفةً: "نحن لا نريد تقديم الشرح والتوجيه والنصح فقط، الدور على ذوي الاختصاص أكبر من هذا بكثير"، مؤكدةً على أنه يجب أن يجتمع كل من علماء الدين والمشائخ وذوو الاختصاص، والخروج بقرارات حازمة تكفل سلامة وسعادة الأسرة والمجتمع. وأشارت إلى أنه يجب أن يضع المقبلون على الزواج في أذهانهم أنه اذا تم الارتباط فيما بينهما وكان الرجل المفحوص سليما بالكامل وخطيبته حاملة للمرض، فإن احتمال أن يكون الجنين حاملاً للمرض هي (50%) و(50%)سليم، وأنه اذا تم الزواج بين شخص حامل للمرض وآخر حامل فإن الاحتمال هو أن نسبة الأبناء الحاملين للمرض تكون (50%) مصابين بالمرض و(25%) طبيعيا، ذاكرةً أنه إذا تم الزواج بين شخص مصاب بالمرض من شخص سليم بالكامل فإن الأبناء حاملون للمرض، كما أنه بزواج المصاب بالحامل فإن احتمالية الحاملين للمرض (50%) مصابين ب"المنجلية"، أما زواج المصاب مع المصابة فإن جميع الأبناء مصابون ب"المنجلية".