عرفت الحضارات السابقة «الحمّام» على أنه مرفق ضروري لا تخلو منه المدن الكبرى التي اعتاد الناس ارتيادها لأغراض الطهارة والنظافة والتدليك والوقاية من الأمراض، بل جعلت منها بعض الحضارات محلاً للاستشفاء والعلاج؛ حتى أن بعض الأطباء عمد إلى تأليف الكتب والرسائل العلمية والدوائية عنها وعن شروط ارتيادها واستخدامها وضرورة عدم خلط المستحمين بعضهم ببعض، أو تكرار استخدام أدواتهم حتى لا تنتشر بينهم العدوى. ولأن تعاليم الدين الإسلامي والرسالة المحمدية تأمر بالنظافة ولزوم الطهارة، لا سيما عند أداء العبادات انطلاقاً من قوله تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)، فقد حرص المسلمون الأوائل على نشر «الحمّامات» العامة عبر قنوات المياه النقية الصافية التي تلحق بالمساجد والجوامع التي تمتلئ بها المدن، واشترط العلماء لدخول «الحمّامات» الرجالية والنسائية شروطاً وآداباً تحفظ لمرتاديها خصوصيتهم وكرامتهم، وهذه «الحمّامات» بطبيعتها تختلف عما نسميه الآن «دورات المياه» التي كانت تسمى آنذاك (الكنيف) أو (الخلاء)؛ لبعدها عن العمار وأماكن السكن، بل أنها «حمّامات» مخصص للاستحمام والاسترخاء والتدليك، وهي لاشك جزء من تاريخنا العربي والإسلامي. شبّ حريق في أحد حمّامات مصر وخرج بعضهم عرياناً.. و«اللي اختشوا ماتوا» «الحمّام» الروماني كان «الحمّام» الروماني -أبان الحضارة الرومانية- جزء من مقومات الحياة المدنية، لا سيما وقد عمد الرومان إلى إنشاء «الحمّامات» العامة والخاصة بمبان فخمة، فيها غرف متوسطة الحرارة تسمى «تيبيدار يوم»، وغرف ذات برك وأحواض للماء البارد تسمى «فريجيداريوم»، أما «الحمّامات» ذات المساحات الواسعة فتحوي غرفاً خاصة لتبديل الملابس تسمى «أبوديتيريوم»، ناهيك عن غرف الرياضة والقراءة ومراكز العلاج الخاصة بالأثرياء والنخب، ويجمع الآثاريون على أن احافير «الحمّامات» الرومانية ظلت باقية إلى قيام الحضارة الاسلامية، بل إن جزءاً ليس بالقليل ظلّ باقياً إلى هذا الوقت. وسائل بدائية في الحمامات قديماً بعكس استخدام التقنية في أجهزة التدليك اليوم «الحمّام» العباسي «الحمّام» بتشديد الميم الوسطى مكان الاغتسال يقولون استحم أي اغتسل بالحميم، والاستحمام بالماء الساخن هو الأصل، ثم عُمم اللفظ على الاغتسال عموماً وبأي ماء، قال ابن سيدة: «الحمّام» والحميم والحميمة جميعاً الماء الحار، وقال سيبويه: «الاستحمام بالماء الحار وهو الاغتسال بأي ماء كان». وظهرت «الحمّامات» في العصر الإسلامي أبان العصر الأموي، ولكن بشكل لا نستطيع من خلاله أن نجزم بانتشارها أو قبول المجتمع لها، حيث ورثها المسلمون من الحضارات السابقة، إلاّ أن المؤرخين والأدباء يجمعوا على أن الأزدهار الحقيقي للحمّامات العامة والخاصة جاء مع استقرار الدولة العباسية التي شهدت قفزات رائدة في العلوم الطبيعية والفنية، ماساهم في ازدهار الفنون العمرانية والهندسية، خاصة عند تخطيط المدن الحديثة؛ كمدينة (بغداد) التي بناها «المنصور»، ومدينة (سامراء) التي بناها «المعتصم بالله» و(المتوكلية) التي تقع في اطراف سامراء وبناها الخليفة العباسي العاشر «المتوكل على الله»، وكل هذه المدن أشرف على بنائها نخبة من مهندسي ذلك الزمان الذين لم يغفلوا المرافق الأساسية لإقامة المدن؛ كبناء الجوامع والدوائر الحكومية وقصور الضيافة وقصر الخليفة، ناهيك عن بيوت الجند و»الحمّامات» التي غالباً ما تُشيد قرب الجوامع الكبيرة ويراعى في بنائها ضرورة قربها لمصبات المياه، حيث تصلها مياه النهر بسهولة ويسر، وإلى ذلك يشير العلامة «محمد بن الحسن الحيمي» في قوله: المصر في صحة التجميع مشترط فاسمع حقيقة ما يحويه تفصيلا وال، وقاض، طبيب، جامع، وكذا سوق، ونهر، وحمّام كما قيلا عمليات التنقيب في الدرعية القديمة كشفت عن «حمّام كبير» بحي طريف وأطلاله ماثلة اليوم أمام الزوار كانت «الحمّامات» العباسية التي شيدت في القرنين الثاني والثالث وما تلاهما من القرون، آية من آيات الحسن والفن المعماري، وقد وصفها «ابن بطوطة» في زمن متأخر من القرن الثامن الهجري، فقال: «وحمّامات بغداد كثيرة وهي من أبدع الحمّامات، وأكثرها مطلية بالقار مسطحة به، فيخيّل لرائيه أنه رخام أسود»، مضيفاً: «وفي كل حمّام منها خلوات كثيرة كل خلوة منها مفروشة بالقار مطلي نصف حائطها مما يلي الأرض به، والنصف الأعلى مطلي بالجص الأبيض الناصع، فالضدان بها مجتمعان، متقابل حسنهما وفي داخل كل خلوة حوض من الرخام فيه أنبوبان أحدهما يجري بالماء الحار والآخر بالماء البارد؛ فيدخل الإنسان الخلوة منها منفرداً لا يشاركه أحد إلاّ إن أراد ذلك، وفي زاوية كل خلوة أيضاً حوض آخر للاغتسال فيه أيضاً أنبوبان يجريان بالحار والبارد وكل داخل يعطى ثلاثاً من الفوط إحداهما يتزر بها عند دخوله والأخرى يتزر بها عند خروجه، وأخرى ينشف بها الماء عن جسده، ولم أر هذا الإتقان كله في مدينة سوى بغداد». حضارات متوارثة كانت حمّامات الشام وبلاد المغرب العربي في ذلك الزمان تقارع حمّامات بغداد، لا سيما حمّامات الأندلس التي جمعت الحسن من أطرافه والجمال في أوصافه باشتمالها على النوافير والبرك الفريدة في حسنها وجمالها، والتي سطّر فيها الشعراء أفضل قصائدهم وأجمل أشعارهم وأخبارهم، حتى بدت حمّامات ذلك الزمان مجالس أنس النخبة والوزراء ودواوين العامة والشعراء، وبها تبدأ المساجلات، وفي ساحاتها وباحاتها تُعقد الآماسي والمناظرات، حتى لقد كانت حمّامات الزاهرة والزهراء وغرناطة والحمراء محط اعتبار المؤرخين والأدباء، بل عجيبة من عجائب العمران والبناء. تضم قديماً «الحمّامي، المزيّن، المدلك، الناطور، الطيّاب» واليوم أجهزة «البخار» و«الساونا» وخدمات تجهيز «العرسان» وقد اهتم الآثاريون، لا سيما الأوروبيون منهم بدراسة أثر هذه «الحمّامات» وآثارها، وتتبعوا منقولها وأخبارها، خصوصاً مدينة الزاهرة التي غابت عن عيون الناظرين وأقلام الباحثين منذ أن أصبحت خراباً يباباً تعيث بساحتها الكلاب، وينوح على أطلالها البوم والغراب في زمن «الشواتي» و»الصوائف» أبان حكم الطوائف. وازدهرت «حمّامات» الشام ومصر في العهود المتقدمة من زمن الأيوبين والمماليك ومن تلاهم من العثمانيين والبشوات، كما عرفت الشام في العهدين السلجوقي والزنكي ازدهاراً حضارياً تمثّل في بناء المدن والمرافق العامة، وقد فاخر الشاعر «ابن نباتة المصري» بحمّامات مصر على «حمّامات» الشام، فقال: أحواض حمّام الشام ألا اسمعي لي كلمتين لا تذكري أحواض مصر فأنت دون القلتين فعارضه «عزالدين الموصلي» ممازحاً بقوله: إليك حياض حمامات مصر ولا تتكثري عندي يمين حياض الشام أحلى منك ماءً وأطهر وهي دون القلتين «اللي اختشوا ماتوا»..! ومن المعلوم أن مصر التي عرفت «الحمّامات» العامة والخاصة منذ عصر الفراعنة، والشام التي عرفتها في زمن الرومان والأغريق؛ كانتا علماً بارزاً من أعلام الحضارة الإسلامية حين وصول الحملات الصليبية إلى بلاد المسلمين، وعليه نقل الصليبيون «الحمّامات» إلى أوروبا، وتعجبوا حينذاك من الصابون الذي كان منتشراً في البلاد الإسلامية، بل كان النشاط التجاري المتمثّل في صناعة الصابون في الشام والمغرب العربي إحدى أكثر الأنشطة التجارية رواجاً، وكانت مصانعها تصدّر للشرق الهندي والغرب الأوروبي عبر السواحل والموانئ، وذكر «ابن عبدالظاهر» أن عدد حمامات القاهرة سنة (645ه) تقرب من ثمانين حماماً. العلاج المفضّل في حالات الفالج «الشلل النصفي» ونزلات البرد والتواء العضلات والأعصاب وأمراض «الروماتيزيوم» وقال عبداللطيف البغدادي عن «حمّامات» القاهرة في نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع الهجري: «لم أر أفضل أو أجمل بناءً من حمّامات القاهرة، أرصفة من الرخام الملون، الأسقف مزينة برسوم بديعة، والجدران مقسمة ببلاطات بيضاء، وحين يدخل المرء أحد هذه «الحمّامات» يتمنى ألاّ يبرحها أبداً». وقد وصفها الرحالة والمؤرخون ووصفوا بناءها والأدوات التي استخدمت في تشييدها وزخرفتا؛ فصوروا لنا العجب العجاب؛ مما يثير الدهشة ويخلب الألباب، ولا ينسى المؤرخون قصة اشتعال النار في إحدى هذه «الحمّامات» ما دعا الناس الذين بداخله أن ينقسموا بين من هرب عرياناً ومن بقي داخل «الحمّام» خجلاً من الخروج أمام الناس حتى ادركت المنية كافة هؤلاء الذين ظلوا داخل غرف وأقبية «الحمّام»، ولسان حال من هرب ظل يردد أن من العجز أن تموت «عريانا»، إلاّ أنهم حينها لم يسلموا من لسان عامة الناس الذين راحوا يرددون وصف ما شاهدوه بقولهم «اللي اختشوا ماتوا» وراح هذا الوصف مثلاً سائراً بين عامة أهل مصر إلى يومنا هذا. الأدب العربي حفلت كتب الأدب والشعر العربي بفرائد وملح أدبية ونوادر تحكي قصص الشعراء والكتّاب والأدباء مع «الحمّام»، وما واجهوه فيه من حرور بخاره، وحميم مائه المغلي، حتى أن أحدهم قال يصف حاله مع ذلك «الحمّام» الذي قلب لون جلده من البياض إلى السمرة، وهو يقول: إن حمّامنا الذي نحن فيه هو في حاجة الى «الحمّام» فدخلنا ونحن أبناء سام وخرجنا ونحن أبناء حام بل وصف أحدهم حمام دخله وتفاجأ حينها بانقطاع الماء عنه وكثرة البعوض فيه، وهو مادعاه أن يعوض ماء «الحمّام» بوابل مدامعه التي ذرفها من جراء بكائه على حظه العاثر؛ حين قال: وحمّام عدمنا الماء فيه وأبكانا به لدغ الهوام فلولا الدمع لم يبتل جسمي ولولا الشمس لم تدفأ عظامي وجدنا فيه شيخا لوذعيا كبير السن محني السنام فقلنا هل رأيت الماء فيه فقال نعم ولكن في المنام أما «أبي محمد البطليوسي» فشبه ما يلاقيه مرتادو «الحمّامات» من لهيب الماء الحار وصقيع الماء البارد بحال العاشق المدنف بقوله: أرى «الحمّام» موعظة وذكرى لكل فتى أريب ذي ذكاء يذكرنا عذاب ذوي المعاصي وأحيانا نعيم الأتقياء شقا هجر يشوب نعيم وصل وحر النار في برد الهواء إذا ما أرضه التهبت بنار تبادر سمكه هطلا بماء كصدر الصب جاش بما يلاقي فلج الطرف منه بالبكاء كأن له حبيبا بان عنه فبان وخانه حسن العزاء آداب وشروط ويقول الشاعر «فضل الرقاشي» وهو معاصر للخليفة «هارون الرشيد» (145-193): إن «الحمّام يهتك الأستار، ويذهب بالوقار، ويؤلف بين الأقذار»، كما قنن بعضهم دخول «الحمّام» للرجال واشترط لدخوله عشرة شروط، منها ستر العورة، وأن يحفظ الرجل بصره في حمّام الرجال وكذا المرأة في حمّام النساء، كما عليه أن يدخل بنية التداوي والتطهر وذلك بأجر معلوم أو عادة معتادة كي لا يختلف مع صاحبه على الأجر، كما عليه أن يصب الماء قدر حاجته وأن لا يمكن الدلاء من المحظور من جسده، وأن يتذكر بحرارته نار جهنم، وقد قال «ابن نباتة المصري» في ذم حمّام دخله مع صديقه: دعاني صديق لحمامه فأوقعني في العذاب الأليم كلام يزيد وماء يقل فبئس الصديق وبئس الحميم وقال «ابن أبي الأصبع» في ذم موظف «الحمّام» الذي كاد يكسر ذراعيه: إن أمسك اليد مني كاد يكسرها أو سرح الشعر من فوديٍّ آذاني وليس يمسك إمساكاً بمعرفة ولا يسرح تسريحاً بإحسانِ ويحكي «الحيمي الكوكباني» أن أحد موظفي «الحمّام» دلّك رجلاً طويلاً فلما فرغ من رأسه وكتفيه استأذنه قائلاً: «خاطرك يا سيدي أريد السفر إلى قدميك». أما العاشق الوامق فقال: رب حمام تلظى كتلظي كل وامق ثم أجرى عبارات ومعها بالوجد ناطق ففدا منه ومني عاشق في جوف عاشق ومما كتب وألف عن «الحمّامات» وأدب الاستحمام ما خطته يد «ابن عماد الأفقهسي» في رسالته التي سماها (القول التمام في آداب دخول إلى الحمّام)، وكذا رسالة «الحافظ عبدالحي الكتاني» التي ما زالت مخطوطة بعنوان (الإلمام بآداب الحمّام)، و(تأنيس أرباب الاستحمام بما قيل من الأشعار في الحمّام) ل»محمد بن إبراهيم الخضرمي»، وكذلك ما دونه «أبو جعفر أحمد بن إبراهيم» المعروف ب»ابن الجزار» برسالته المعنونة ب»مقالة في «الحمّامات» أما كتاب اليماني «أحمد بن محمد الحيمي الكوكباني» (حدائق النمام في الكلام على ما يتعلق بالحمّام)؛ فهو كتاب طريف يعد من نوادر الكتب وقد ختمه بقصيدة طويلة من شعره ضمنها الواجبات والسنن التي يجب على من يدخل «الحمّام» أن يلتزم بها ومطلعها: صاح إن كنت تطلب الإنعاما فاكهاً فيه فالزم «الحمّام» الكادر الوظيفي وتتعدد أعمال القائمين على «الحمّامات» بتعدد وظائف «الحمّام» نفسه؛ فهناك (صاحب الحمّام) وهو مديره المشرف على كافة مرافقه والعاملين به، واطلق عليه «بديع الزمان الهمذاني» في إحدى مقاماته اسم «الحمّامي»، كما أن هناك (المزيّن) وهو الحلاق الذي يجري أحياناً عمليات التختين للذكور، ويصفه «الهمذاني» بأنه «حديد الموسى، نظيف الثياب، قليل الفضول»، و(المدلك) ويطلقون عليه «القيم»، وعمله كما وصفه «الهمذاني» في مقامته، قائلاً: «ودخل آخر فجعل يدلكني دلكاً يكد العظام، ويغمزني غمزاً يهد الوصال»، ثم علّق قائلاً: «كان من المفترض أن يغض طرفه ويخشن كفه ويتعهد أرض الحمّام بالكنس ويتردد لغسل الخاص والعام»، أما (الناطور) فهو الحارس وموظف الاستقبال في زماننا هذا، وعنده تُودع الأمانات والملابس والحاجات، ومن شروط الحصول على هذه الوظيفة حسن الكلام وسلامة الهندام والبشاشة في عين الزبائن، ناهيك عن وظائف أخرى ك(الطيّاب) لدى المغاربة، وهو المسؤول عن تعبئة الماء ومساعدتهم على الغسل والتطيب. طبيب «الحمّام» وللأطباء العرب والمسلمين وقبلهم اليونان دراسات خاصة ب»الحمّامات» وأثرها على الجسم الصحيح والمريض، لا سيما في حالات الفالج «الشلل النصفي الناتج عن تجلطات الدم»، وكذلك في نزلات البرد والتواء العضلات والأعصاب وأمراض «الروماتيزيوم». ويذكر المؤرخون قصة طريفة وقعت لمكتشف الدورة الدموية الصغرى «ابن النفيس»، حيث دخل إحدى حمامات الشام وبينما هو في حالة استرخاء تام في احواض المياه يتمتع بالبخار والماء الدافئ، والعامل يدلك جسمه برفق؛ أخذ «أبن النفيس» يجس نبضه بنفسه وكان قد قاسها قبل دخوله «الحمّام»، فلاحظ حينها أنه مع «الحمّام» المريح ترتاح الاعصاب وتقل سرعة النبض عنها في الأجواء المعتادة، فخرج بسرعة ودخل إلى خزانة الملابس فاخرج قلمه وأخذ يدون ويكتب حتى مضى وقت ليس بالقصير، ثم عاد إلى مستراحه وقد وضع كتابه المشهور «رسالة في النبض»، وقد مرّ «أبن سينا» بقصة طريفة مفادها أنه أُستدعي لعلاج شاب يئس الأطباء من حاله، ولما فحصه عرف أن ليس به داء عضوي، فأمسك بيد المريض وأخذ يعد نبضه ويحدثه حتى ذكر له اسم فتاة قيل إن هذا الشاب يعشقها، فشعر «ابن سينا» بسرعة نبضات قلبه، فقال لأهله: «إنه عاشق فزوجوه من فلانة»، فكان له ذلك فشفي بإذن الله. ساونا وحمّام بخار تذكر المراجع الآثارية أن الجزيرة العربية عرفت «الحمّامات» العامة منذ عدة قرون، بل يروى أن الصحابي الجليل «عبدالله بن عباس» -رضي الله عنه- أحرم وهو في طريقه إلى مكة من ميقات ذي الحليفة واستحم في حماماتها، كما عرفت باقي مدن الحجاز واليمن «الحمّامات» منذ زمن بعيد، إلاّ أن وجودها في بعض أقاليم الجزيرة العربية، وتحديداً المناطق الوسطى والشمالية كان أقل، حيث عاش الأهالي هناك حياة التنقل والترحال. وكشفت عمليات التنقيب التي تجرى في منطقة الدرعية القديمة عن وجود حمّام كبير في حي طريف مازالت اطلاله ماثلة أمام زوار الدرعية القديمة، وقد بُني على طراز حمامات الشام القديمة، واشتمل على عدة غرف وأقبية ومرافق توحي بأنه كان محل اهتمام الأهالي، ومحط راحة الرحّالة والمسافرين، وقد تهدم وضاعت معالمه حين دخل الباشا إلى الدرعية وهدم أسوارها ومبانيها، كما كان ثمة حمام آخر في منطقة الأحساء مرفق بجامع إبراهيم لا يزال قائماً إلى يومنا هذا. وقبل عدة عقود اقتصر ظهور «حمّامات» البخار والساونا في القصور والفنادق الراقية التي يرتادها النخب وأبناء الذوات طلباً في الاسترخاء والتزين، وفي السنوات الخمس الأخيرة انتشرت هذه «الحمّامات» كفرص استثمارية تجارية بمسمى «المساج»، وتقدم خدمات الحلاقة والتدليك والاسترخاء حتى بلغ التنافس المحموم بينها إلى أن اصبحت تقدم خدمات ما كان يخطر على بال أحدنا أن يشاهدها ويتعايش معها، كخدمات تجهيز العريس وصبغ الشعر وصنفرة الوجه والجسم وأعقاب القدمين وتشذيب شعر الرأس، وتقديم خدمات «البودي كير». واجهة الحمّام تحمل ذكريات قديمة من التدليك والتنظيف ساونا منزلي بتقنيات متقدمة من التحكم وتلطيف الجسم الاستثمار في الحمامات تحول اليوم إلى محال ل«المساج» الاسترخاء في «الجاكوزي» باستخدام أجهزة متطورة بديلاً عن اليد