لن تجد مصنفا واحداً يضم كل الفنون الشعبية السعودية ويقوم بشرحها مفصلة مثلما تجده في موسوعة "الفلكلورات والأهازيج السعودية" لمؤلفيه خبير الفنون الشعبية الموسيقار العميد طارق عبدالحكيم - رحمه الله- والكاتب والمؤرخ الفني المعروف الأستاذ إسماعيل بن عيسى حسناوي والذي جاء في قرابة (600) صفحة ضمت الفنون الشعبية للمنطقة الشمالية والمنطقة الشرقية والمنطقة الوسطى والمنطقة الغربية والمنطقة الجنوبية ومزوداً بعدد كبير من صور هذه الفنون وكيفية رقصاتها والكلمات الغنائية المصحوبة في أدائها وهو في مجمله عمل شاق وجهد جبار وتقص دقيق يبرز ما قام به المؤلفان لاسيما معده إسماعيل حسناوي الذي وقف على كثير من هذه الفنون والبحث والتأكد من كل الفلكلورات التي حواها الكتاب وطعمها بالصور وشرح كثيرا من الآلات الفنية والموسيقية التي كانت تستعمل في هذه الفلكلورات وفي يقيني أن هذه الموسوعة تسد ثغرة مهمة في تاريخ الفنون الشعبية في المملكة، ناهيك أنها إضافة باذخة في المكتبة في الموسيقية. يقول الكاتب الفني الأستاذ هشام عرب في معرض مقدمته لهذه الموسوعة: لقد آثر الزميل والباحث والمؤرخ الفني إسماعيل حسناوي أن يجمع كل هذه الإبداعات في هذه الموسوعة الشعبية التي تعبر عن موروث قارة بأكملها مترامية الأطراف من حيث المساحة والتنوع الثقافي والجغرافي والاجتماعي، فهي دون شك ترصد كل هذا التنوع الذي تزخر به مناطق المملكة وفق ماصنفه المؤلف والرمز القدير والعلم الفني الشهير الموسيقار طارق عبدالحكيم - رحمه الله- الذي يعتبر موسوعة فنية وثقافية في حد ذاته. أما المؤرخ الفني الحسناوي فيذكر في مقدمته: شرعت في ديمومة العمل الجاد واستعنت بالله وبدأت في الجمع والبحث والتنقيب والمراجعة وتكملت المواضيع وإعادة صياغتها وترتيبها لعدم الازدواجية والخلط في المواضيع للتأكد من الرقصات والألعاب الشعبية لكل منطقة على حدة لاكتمال الفائدة المرجوة التي يشملها هذاالسفر الوثائقي للفنون الشعبية السعودية. والكتاب في مجمله يستلهم عبق الماضي الفني العريق من مورثات ومأثورات شعبية حافظت عليها الأجيال السابقة من خلال الرقصات والعرضات بحركاتها المتنوعة التي قد تصاحبها البنادق أو السيوف أو العصيّ وما صاحبها من أنواع متعدة من الطبول والمزامير التي تضفي روحاً فنية فتتسرب إلى الإنسان موسيقى عذبة تجعله يتفاعل معها ويردد الأهازيج والكلمات المتناغمة فيبدأ الرقص بمهارة فنية عالية على أنغام هذه الايقاعات فتغمر نفسه مشاعر الفرحة وتكسو أحاسيسه ترنم وتفاعل مبهج مع أصوات المرددين والمنشدين إضافة إلى إيقاع الطبول أو نفخ المزامير أو أصوات الصنوج، وهذه المأثورات الشعبية تشكل جزءا هاماً من جوانب الحضارة الإنسانية عند كافة الشعوب لاسيما حينما تكون لهذه الشعوب اهتمام ورصد لتلك الفنون، وقد كان للتنوع الجغرافي في المملكة أثره في تنوع مصادر الفنون الشعبية من منطقة إلى أخرى فامتازت كل منطقة بجملة من الفنون التي تختلف عن بقية المناطق الأخرى ففي المنطقة الوسطى نجد أبرز ما امتازت به من الفنون رقصة العرضة النجدية والسامري والهجيني والدوسري وغيرها من الفنون والرقصات بينما نجد المنطقة الشمالية تضم من الفنون رقصة الدحة والمسحوب والربابة والهجيني والناجوز، وتبرز في المنطقة الجنوبية عدد من الرقصات منها ما يلعب في سراتها وأخرى يلعب في تهامتها ومن أشهر هذه الألعاب: العرضة الجنوبية والمعشي والزحفة ورقصة السيف وخطوة عسير والقزوعي والدمة والقلطة والمسحباني والرزف والزيفة والزامل. في حين تضم المنطقة الشرقية عدداً كبيراً من الرقصات مثل: الليوة والبحري والعاشوري والزهيري والحدادي والطنبورة والفريسة والغوص والخماري والحصاد، أما المنطقة الغربية فقد حوت العديد من الفنون والرقصات أمثال: المزمار والصهبة والخبيتي والرديح والمجرور والسمسمية والعجل والزير والحدري والزار والمجالسي. وإلى جانب هذه الفنون والرقصات التي ضمها الكتاب فقد خص المؤلفان فصلاً كاملاً عن الإيقاعات الشعبية بنوتها الموسيقية، وكذلك فصلاً آخر حوى أنواعاً متعددة من الإيقاعات وأشكالها المتعددة من طبول ودفوف وعلب ودربكات ونقارات ومزاهر ومراويس وطيران وكذلك الصنوج والخشخاشات والمزامير. تبقى هذه الموسوعة مرجعاً هاما لكل الفنون الشعبية في السعودية ومصدراً ثرياً يستقي منه الباحثون والمشتغلون بالتراث الفني كل الأهازيج والإيقاعات التي عرفتها مناطق المملكة منذ عقود طويلة.