كتبتُ قبل عامٍ مضى ومنذ أن بدأ ما سُمّي ب"الربيع العربي" ومُحذّرة أن القاعدة تتحرك في الشقوق والجيوب المهملة، هذه هي طريقة القاعدة، ولكن الغريب أن الربيع العربي لم يُنْهِ القاعدة بل سيمنحها قوة إضافية لأن الشباب الذين شاركوا في عمليات دول الثورات العربية سيكونون جاهزين قتالياً، وناقمين على الأنظمة والدول التي لا يرون أنها تناصر جماعاتهم حتى وإن كانت دولهم وهنا مكمن الخطورة! هذا ما يعني أن الإرهاب الذي كافحناه وحاربناه معتقدين أننا قد أخرجناه من الباب سيعود من النافذة! في المشهد اليمني السياسي لطالما اليمن قد شهد عشرات العمليات التفجيرية والانتحارية الإرهابية التي سقط ضحيتها مئات الضحايا والأبرياء وتبنّتها القاعدة لكن يجيء حادث تفجير مستشفى ومجمع وزارة الدفاع اليمنية في توقيته ودلالته ورمزيته وتبني القاعدة الهجوم الذي ذكر المصدر أن غالبيتهم سعوديون يحتم علينا قراءة مشهد تاريخ القاعدة بعد الثورات من جديد. في رصدٍ سابق ذكرت أنّ تنظيم القاعدة مَرَّ تقريباً بأربع ولادات. الولادة الأولى في 1988 في أفغانستان، والولادة الثانية حين نشطت وصار لها عمل حقيقي خطر على السفارات الأميركية عبر تفجير نيروبي ودار السلام في 1998، والولادة الثالثة في 11 سبتمبر، أما الولادة الرابعة فقد تحدثتُ عنها من قبل لكنها ولدت حقيقيةً في 11 سبتمبر 2012 وتحديداً باغتيال السفير الأميركي في ليبيا. وكان الخبر الصاعقة لواشنطن أنها ظنّت أن ليبيا ستكون حليفةً مطلقةً لها بعد الدعم الاستراتيجي لقوات الناتو من أجل القضاء على نظام القذافي. كانت تدرك أن هناك بعض الإسلاميين في النظام الليبي الانتقالي، لكنها ظنّت أنهم من الإسلاميين المعتدلين. وهذه مشكلة في فهم الولاياتالمتحدة للجماعات الإسلامية وللإسلاميين عموماً، تصالحت معهم وكان الثمن تفجير السفارة واغتيال مأساوي للسفير! في المقابل فإن القاعدة وحلفاءها من جماعات في المشهد السوري صحيحٌ أنّ القاعدة في العراق وفي سورية هي صنيعة النظام السوري، ولكن القاعدة خَفَّ وهجها في سنة 2010 تحديداً لكنها أصبحت الآن في وجه المشهد وفي سيادة الحركات الإسلامية؛ والقضية الفكرية الأكبر أن القاعدة لا تزال تستخدم منطق أنها هي الإسلام وغيرها الكفر، وأن الحرب عليها هي حرب ضد الإسلام والمسلمين! الحالة السورية ومأساة الشعب السوري مؤسفة وتحتاج إلى وقفات وحلول دولية حقيقية وصحيحٌ أنّ هناك مساعي الدبلوماسية السعودية إلا أنّ المواقف الدولية وخذلان مجلس الأمن لا تزال مثار امتعاض للذين يدركون جرائم النظام وممارساته. ولكن دعونا نتساءل في مقابلة بين مشاهد دول الثورات العربية وفي الحالة السورية تحديداً متجاوزين السؤال القديم: من وراء تحالف جبهة النصرة وداعش.. القاعدة! هل سنتمنى في سورية عراقاً أو يمناً جديداً؟ بالتأكيد نتمنى إنقاذ الشعب السوري من بطش نظامه وتخليصه من آلة الدم التي حصدت ما حصدت من أرواح الأبرياء ولكن ومن الواضح أن الثورة السورية محل خوف كثيرين حتى وإن كانت القاعدة موجودة في سورية قبل الثورة وكان النظام يدعمها وأطلقها بقوة في العراق بوجه الأميركيين، وكان يوفر مراكز التدريب والتسلح على الحدود. ولكن الثورة ليست هي سبب وجود القاعدة في سورية وإنما النظام السوري الذي هو سببها وباتت تشكّل قوة صنعها النظام بنفسه ومدافعاً شرساً وبشدة لبقائه.