من خلال الانفتاح التجاري والاقتصادي في المجتمع السعودي، واحتدام المنافسة في اقتحام أسواق العمل بشتى المجالات، ظهرت آلية جديدة تتمثل بانخراط المرأة السعودية بشكل أوسع في مجال الصناعة اليدوية الخفيفة وإنتاج الأكلات الشعبية وأعمال المشغولات التراثية، لتظهر المرأة عبرها بصورة أعمق وأشمل بعد أن كانت أعمالاً يستتر كثير من النساء في منازلهن بحجة الخجل و "العيب". ولعل مهرجان الكليجا بات أحد أهم النوافذ التسويقية التي يمكن للنساء الحرفيات والمحترفات إبراز إبداعاتهن وقدراتهن في تشكيل منظومة تجارية واقتصادية بل ويشكلن عوامل رئيسة لإبقاء الموروث الشعبي بأشكاله وأنواعه كما هو دور الرجل في ذلك. إعداد الكليجا أمام الزوار واستطاع مهرجان الكليجا أن يجذب المتسوقين والمتذوقين للتراث الشعبي العريق، من خلال المأكولات الشعبية القديمة التي سطرتها أنامل الأسر المنتجة والتي تستقطب العديد من المتسوقين من داخل منطقة القصيم وخارجها، حيث تعد الكليجا أهم تلك المأكولات الشعبية وأكثرها شهرة، بالإضافة إلى المأكولات الشعبية الأخرى كالحنيني والقرصان والجريش والسليق والمرقوق والمراصيع والمعمول وغيرها من المأكولات، التي أبدعت بإعدادها وتحضيرها الأسر المنتجة، وكل ذلك يترجم إبداع ومثالية الأسر المنتجة بمنطقة القصيم. حيث أكدت أم محمد البالغة من العمر 65 عاماً أنها استطاعت أن تحول هوايتها في صنع الكليجا إلى مصدر دخل مجز لها ولعائلتها، إذ جعلت من ثقافة العيب التي قد تعيق الكثير من الأسر المنتجة إلى مصدر افتخار تتباهى فيها في مجتمعها، ولفتت النظر أنها حققت من مبيعات الكليجا خلال عام ما يقارب 250 ألف ريال، كفل لها العيش برغد دون الحاجة إلى مصادر دخل أخرى، وبينت أم محمد أن عددا من الشركات المختصة بالأكلات الشعبية أبرمت معها صفقات لتسويق منتجاتها، مشيرة إلى أن مشاركتها في مهرجان الكليجا حقق لها دخلا ماديا مجزيا ورسم لها آفاقا واسعة نحو تسويق منتجاتها الشعبية. إعداد وبيع مباشر»تصوير بدر الفريدي» وأوضحت جوهرة الراشد "جامعية" والتي تميزت وأبدعت في صناعة الحلويات بأنواعها، إذ أطلقت على جانب محلها في مهرجان الكليجا اسم (تشيز كيك) والتي اعتبرته وسيلة جذب للمتسوقين لمثل هذه المأكولات من الحلوى، مبينة أنها تجد الدعم والمساندة من عائلتها مما جعلها تحقق نجاحات عدة مادياً ومعنوياً، آملة أن تترجم هذه الهواية إلى إبرام صفقات مع احدى الشركات المختصة بهذا المنتج، كما أشادت بالقائمين على مهرجان الكليجا في صقل موهبتها وتهيئة الأجواء المناسبة لعرض منتجاتها من خلاله. بدورها ألمحت احدى المتسوقات "أم فهد" أن إقامة مثل هذه المهرجانات التي تهتم بالتراث الشعبي له دور كبير وفاعل في الحفاظ على تراثنا المحلي العريق، مبينة أن الموروث الثقافي للشعوب ليس فقط في الآثار القديمة، أو الفلكلور الشعبي وغيرها، بل إن العادات الغذائية للشعوب كالأكلات الشعبية أسهمت إسهاماً كبيراً في الحفاظ عليها بل وتطويرها، وقالت بكل عفوية (لولا الله ثم مهرجان الكليجا لما شاهدنا الكليجا والحنيني والقرصان والجريش والسليق والمرقوق والمراصيع وغيرها من الأكلات الشعبية القديمة).