قبل تنفيذ أي مشروع، أو توفير أي متطلبات يتم في الغالب إجراء الدراسات اللازمة وتحديد آليات التنفيذ، ومن المسؤول عنها. في كثير من الحالات نجد أن هناك تعثراً أو تأخراً مما يعني وجود خلل ما في إجراءات العمل أو أحدها، وبالبحث والتدقيق تظهر أمامنا عوائق بشرية حيث إن من أُسند إليه الأمر تأخر وماطل في التنفيذ، وبالتالي توقفت الأمور. في سير العمل في القطاعات الحكومية وغيرها نجد عبارة (لإكمال اللازم) ظاهرة في نماذج الإحالات التي يوقعها المسؤول. هذه العبارة تعني في مفهومها (الإنجاز)، ولكن عندما يتحول الأمر من مسؤول إلى آخر تتوقف العجلة ويتأخر الإنجاز، وقد ينتهي الموعد بلا شيء لأن هناك من ترسخ في ذهنه أن لا يباشر ما هو مطلوب منه إلا بإلحاح، ومطالبة تلو الأخرى، وفي النهاية يستجيب. مثل هذا التعامل يعني في النهاية التأخير وإضاعة الوقت والمزيد من الروتينية في أداء العمل. في الطرف الآخر هناك عينات من المسؤولين لا يؤخرون عمل اليوم إلى الغد ونجدهم يستجيبون ويتابعون دون كلل أو ملل ودون الحاجة إلى التذكير أو التأنيب. نحن نعيش مرحلة نمو وتطور في بلادنا فدعونا ننفض عنا غبار التكاسل والتواكل وننجز الأمور في وقتها، ويتحمل كل فرد منا مسؤولية ما أسند إليه من عمل. إنها ثقافة (الإنجاز) التي علينا أن نتبناها في كل ما نقول ونفعل. في أحد لقاءاتي به، قدم الدكتور عبدالعزيز التويجري رئيس المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الاسيسكو) نموذجاً مثالياً لوعي المسؤول وسرعة الإنجاز، فبعد أن طُلب منه بعض المعلومات الخاصة بمؤتمر وزراء الثقافة في الدول الإسلامية، الذي سيعقد قريباً في المدينةالمنورة، اتصل من مكان جلوسه بالمختصين في مقر المنظمة في المغرب ووجه بسرعة موافاة الجهة الطالبة بكل ما تحتاجه من معلومات. إنجاز كثير من المتطلبات قد يحتاج منا فقط إلى عبارة (لا مانع) أو (لاتخاذ ما ترونه)، ولكن هذه العبارات تظل حبيسة في أذهاننا وبعيدة عن متناول أقلامنا إلى أن يأتي من يبحث عنها ويُلح في طلبها، وتتكرر المطالبات وتدخل عبارات تعقيبية على نحو (إلحاقاً لما سبق لكم). الأنظمة والتجهيزات الإلكترونية الحديثة فيها الكثير من ميزات وخصائص المتابعة وحريّ بنا أن نزيد من استخدامها ونوسع دائرة انتشارها، وهي كفيلة بأن تجعل المسؤول على معرفة تامة بسير التعاملات داخل دائرته باليوم والساعة، وفي حالة التأخر عن الإنجاز في الوقت المحدد يبدأ المؤشر يعطي تنبيهاته بلون ملفت للنظر. ما نبذله من وقت وجهد في المتابعة والتعقيب من الأولى أن نسخره في خدمة وتحقيق أهداف أخرى نحن بحاجة ماسة إليها، وعلينا أن نزرع في أجيالنا ثقافة الإنجاز وتبني مفهوم عبارة طالما رددناها وهي (لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد).