عود لحديث سابق نقول: بان إشكاليات مكاتب الاستقدام أخذت في التزايد والتراكم كيفاً وكمًا حتى أصبحت قضية شائكة ذات جوانب اجتماعية واقتصادية وأمنية تثير الاهتمام وتفرض نفسها على دائرة البحث والنقاش كإشكالية جدلية بين أطراف عدة، وبالرغم من ذلك لم تحظ بالاهتمام المطلوب من قبل وزارة العمل!! وبالطبع قد يكون للمشكلات مسبباتها ودوافعها، ويأتي في مقدمتها إهمال بعض، مكاتب الاستقدام الأهلية، وعدم قيامها بواجباتها ومسؤولياتها، الأمر الذي جعلها تستقدم عمالة هزيلة ومتردية"، لدرجة أن قيل ان المملكة أصحبت أكبر مركز تدريب في العالم والسبب يعود إلى أن بعض المكاتب يتم ادارتها بطريقة التستر وأخرى أناطت عملية الإدارة والاختيار إلى وافدين اعتادوا على المماطلة وعدم المصداقية. إلى جانب أن بعض أصحاب تلك المكاتب استعانوا خارجيا بجهات وسماسرة لهم خبرة في التحايل والالتفاف على الأنظمة، الأمر الذي أدى إلى جلب تلك العمالة السيئة، لتكون بحق غصة في حلق المجتمع والمواطنين الذين ليس لديهم خيار بعد طول الانتظار والمماطلة سوى الرضوخ للأمر الواقع وتكبد عناء التدريب والتهذيب خلال فترة التجريب والمحددة ب "90 يوماً". ثم بعد ذلك مرحلة الاستعداد لاستقبال صدمة الهروب!! وليس هذا فحسب بل من المؤلم أيضاً هو ممارسة بعض الوافدين في مكاتب الاستقدام الأهلية تحريض العمالة المنزلية على الهرب بعد انقضاء مدة التجربة ليرسخوا صورة سلبية عن المجتمع السعودي وتحديدا فيما يتعلق بسوء المعاملة بهدف التنصل من المسؤولية وقلب الطاولة لصالح المكتب والعمالة لتكون الأسطوانة المشروخة والحجة التي دائما ً تتكرر هي: "رفض العمل نتيجة سوء المعاملة"!! تلك الحقائق المتراكمة منذ سنوات عدة تدفعنا لطرح عدد من الأسئلة نرجو أن تجد التفاعل والاستجابة من وزارة العمل: أولاً: مكاتب الاستقدام من المهن الإدارية ومن شروط الترخيص لها السعودة وتواجد صاحب المكتب ولكن على أرض الواقع أصحاب المكاتب غير متواجدين ويتهربون من مواجهة العملاء لذلك يصعب الوصول اليهم أو الاتصال بهم واذا تكرموا بالرد على الاتصال في الغالب يكون من "طرف خشمهم" وكأن المواطن يستجدي منهم الخدمة والالتزام؟! السؤال أين دور وزارة العمل في هذا الصدد وهل تقوم فعلا بجولات تفتيشية متكررة؟ ثانياً: لماذا الازدواجية في التعامل بين نشاط الاستقدام والنشاطات الأخرى بمعنى أن وزارة العمل صارمة مع الجميع وفي الوقت نفسه متهاونة في تطبيق العقوبات الرادعة على المكاتب المخالفة في نشاط الاستقدام وخير دليل هو أننا لا نكاد نقرأ ولا نسمع عن مكتب استقدام تم إغلاقه..!!. يلاحظ أن لوائح الاستقدام الجديدة حفظت حقوق مكاتب الاستقدام والعمالة وتجاهلت حقوق المواطن إلى جانب أنها اقتصرت في سن العقوبة المالية على المكتب المخالف في المرة الاولى 1000ريال فقط وتصل إلى 5000 ريال في حال تكرارها! السؤال متى نسمع عن معاقبة واغلاق مكاتب الاستقدام المخالفة والتشهير بهم في وسائل الإعلام؟. ثالثاً: للحد من ظاهرة الهروب التي ينتج عنها مشاكل اقتصادية واجتماعية وامنية ومن باب العدل والانصاف وتحقيقا لمصلحة جميع الاطراف لماذا لا تكون مدة العقد المحددة ب(سنتين) ملزمة للطرفين؛ طالب الاستقدام وكذلك العمالة المنزلية؟ رابعاً: لماذا انحصر الاستقدام طوال السنوات الماضية من دول معينة، خصوصاً اندونيسيا والفليبين اللتين قويت شوكتهما، لدرجة أن بعض المسؤولين في تلك الدول ومن سنوات عدة يؤكدون بأن السعودية لا تستطيع الاستغناء عن عمالتهما في جميع الظروف والأحوال، بل وحتى السفير الاثيوبي الذي وصف الخادمة الاثيوبية بأنها مصدر البركة في المنازل السعودية نافيا العنف والجرائم البشعة المرتكبة من قبلهن!! وقفة: لا بد لنا من القول أن هناك عدداً من مكاتب الاستقدام تضطلع بمسؤولية مشتركة مع المواطن، وتجتهد في الإلتزام بالدقة والمصداقية في حسن الاختيار للعمالة المدربة والمؤهلة، من هنا فهي تحظى بالسمعة الطيبة والمكانة العالية!! أخيراً: هل يعقل أن تسن وزارة العمل العديد من القرارات الصارمة من أجل سعودة نشاطات حرفية من الصعب توطينها وفي النقيض تماماً تتجاهل مكاتب الاستقدام الأهلية التي تقع تحت مسؤولياتها. ومن هنا نقول سماسرة وتجار فيز.. ماذا بعد يا وزارة العمل؟!