مدخل لمرشد البذال: ما نيب بالمجلس طفوقٍ وهذار ولا نيب من يأخذ كثير اللغى طور من لا نشدني ما سمع منّي أخبار وليا نشدني راح راغب ومسرور عندي وعند الناس في كل محضار السالفه بين الرجاجيل بالدور كانت المجالس في الزمن الماضي، ذلك الزمن الجميل تُعد المدرسة الأولى التي يتعلّم فيها الرّجال الخصال الطيّبة، والصفات الحميدة، والعادات النبيلة، فكانت مجالس الطيّبين هي التي تربّي، وتعلّم، ويستفاد منها في كل الأحوال، ولا أحد ينكرها دورها الرئيسي في المجتمع.. فكانت المجالس مدارس، وتزخر بالرجال الطيبين الذين يودون الخير للقريب والبعيد. والمجلس الطيّب يهتم رجاله بحضور الأبناء، وتوجيههم نحو الطريق الصحيح، ويحذرونهم من صفات الهوان والانحراف.. فهو يصقل الأبناء في شتى المجالات النبيلة من كرم وطيب وحُبَّ للخير وغيره من مجالات الصلاح والفائدة، ومما يميز مجالس الزمن الجميل الترحيب بالمسايير، والباب المفتوح، وسرد القصص المفيدة، والأحداث التاريخية العظيمة، والأشعار الحكيمة.. وقد وصف ذلك المشهد الرائع الذي كنّا نعيشه في الماضي خلف قليل الحارثي بقوله: البدو.. دايم نجرهم ينقرونه ويجلب صداه العالم اللي يمرون البدو.. باب البيت ما يقفلونه الباب فاتح والمسايير يلفون والمجلس يلتقي فيه أفراد الأسرة، والضيوف، والجيران، فكل إنسان له مجلس في منزله، على اختلاف قدراتهم وعاداتهم.. ومجالس الزمن الجميل قائمة على مبادئ الطيب والناموس، وحُبَّ الخير، ومساعدة كل محتاج، ودائماً يجهزون شبّة النّار، والقهوة، والنجر الذي يُعد في ذلك الوقت نداء المسايير، ويجذب عابري الطريق، فكانت مجالس الماضي ترحّب بالضيوف، والمسايير، وكل من يعشق مجالس الرجال الكريمين والحكيمين الذين تُرحّب قلوبهم بضيوفهم، وتسبق أفعالهم كلامهم.. كما يقول تركي بن حميد: النجر دق.. وجاذبٍ كل مرار ما لفّه الملفوف من دون جاره في ربعةٍ ما هيب تحجب عن الجار لامن خطو اللاش ما شبّ ناره ومن يتهاون في مجالس الرجال، ويترك العنان لنفسه يتحدث كما يشاء، ويسكت كما يشاء.. فإن هذا الأمر يدل على ضعف نفسه، وعدم الثقة بها، ويكثر خطؤه، ويقل احترامه، كما أن المجالس التي يكثر بها لعبة ورقة البالوت التي يتم لعبها في بعض المجالس تقلل من شأنها، وتكثر بها الخلافات والعداوات والمشاحنات وفي هذا الاتجاه يقول عبدالله بن شايق العاطفي القحطاني: أنا ما تكلم لين أشوف الرجال سكوت على شان كلٍ ينتبه لي ويوحيني ولا أوصّف إلا وصف شيٍ عليه ثبوت من العاقل اللي كني أشوفه بعيني ولاني بأحب أسمر على طقة البيلوت ولاقلت قوموا خلوا الدور ياتيني ولاهمّني صن أربع ميه مع كبوت ولا قمت أفل سراي في جنب خمسيني