يعد "أعلام الحجاز" مصدراً مهماً موثوقاً به وبمؤلفه محمد علي مغربي ، الذي خط فيه معلومات وذكريات ذات أهمية أدبية وثقافية واجتماعية ، حيث تبرز أمامنا آراء وأفكار عن مجتمع الحجاز وبيئته وناسه وآثاره الحافلة بتلك الصور الإنسانية والاجتماعية والشعبية وعلى هذا الضوء المعنوي والنور الفكري سطر المغربي معلومات عن شخصيات تربو على الستين شخصية لم يألوا جهداً في الكتابة عن حياتهم وأعمالهم وآدابهم وثقافتهم إلى آخر ما هنالك من المهن والأعمال والمواهب الثقافية والأدبية . وقد وضح المؤلف المغربي مقاصد عمله هذا مثل رصد المعالم التي سار عليها هؤلاء الأعلام في حياتهم العلمية والعملية ، كما أن من مقاصده احتواء الذكريات الخاصة بهم كمعلومات وأسس ومبادئ وعمل ومن ثم رصد المغربي أولئك الأعلام الذين عاشوا وتوفوا في القرن الرابع عشر الهجري كرجال ارتبطت أسبابه بأسبابهم وعرفهم من قريب بل عايشهم وجهاً لوجه ومن ميزات كتاب أعلام الحجاز احتواؤه لأهم ما يتصف به هؤلاء الأعلام من علم وعمل وأدب ودين وإنسانية اجتماعية عامة ، ولم يشأ المغربي أن يصنف كتابه أعلام الحجاز في باب التاريخ بل إنه صنفهم في باب الذكريات ،وهو تواضع أدبي من المؤلف رحمه الله وإلا فالذي طرحه في كتابه يعد ذخيرة تاريخية وسيرة حافلة بالعمل والإنتاج أدبياً وعملياً في أربعة أجزاء كل جزء منها يحتوي على ثلاثمائة وخمسين صفحة على وجه التقريب يقول المغربي : ( إن أعلام الحجاز الذين يستحقون أن يترجم لهم أكثر من أن يحيط بهم كتاب، وإني باذل الجهد في جمع كلما يتيسر لي من أخبارهم والاطلاع على ما تركوا من آثار وتقديمه للقارئ بالأسلوب الذي اتبعه في هذا الكتاب وفي الكتاب الأول الذي سبقه ، متوخياً الصدق في الرواية ، والبعد عن المطاعن مظهراً للحسنات ، عملاً بالحديث الشريف " اذكروا محاسن موتاكم " متجاوزا عن النقص الذي لا يخلو منه إنسان ) . المقدمة 2/3 وبالنسبة للمصادر والمراجع التي رجع إليها صاحب أعلام الحجاز كثيرة وعديدة سواء أكان منها الكتب والمؤلفات وكذلك الصحف والمجلات ، مثل تاريخ مكة لأحمد السباعي وتاريخ موسوعة مدينة جدة لعبد القدوس الأنصاري وملخص كتاب أحمد محمد الحضراوي عن كل من مدينة الطائف ومدينة جدة وكتاب إفادة الأنام بأخبار البلد الحرام ، وكتاب خلاصة الكلام بأمراء البلد الحرام للسيد أحمد زيني دحلان ، وكتاب الأعلام لخير الدين الزركلي وتاريخ عمارة المسجد الحرام للشيخ حسين عبدالله باسلامة والتاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم لمحمد طاهر الكردي . وكتاب أعلام الحجاز بهذا المستوى من العلم والمعلومات والأدب والآداب يعد مصدراً ومرجعاً بعينه يعود ويرجع إليه كل من أراد أن يتحدث عن الحجاز الذي يحوي مكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدةوالطائف وينبع إلى آخر ما هنالك من المدن الزاهرة والبلدات الطيبة أو عن أعلامه ورجاله أو عن تاريخه المديد سجلاً وتاريخاً وسيرة . وقد كتب الكثير عن الحجاز بالذات عن المدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة قديماً وحديثاً ، أما المغربي فقد استوفى نصيبه كنصيب الأسد نظراً لحياته العلمية والعملية والأدبية والاجتماعية فكان جديراً بذلك أن يكتب عن أدب الحجاز وأعلامه وتاريخه ومجتمعه وبالفعل قدم المغربي ما لديه من الأعمال والعلوم والآداب ، مثل ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز وأعلام الحجاز الذي نحن بصدده أضف إلى ذلك السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وولده الحسن وكتاب " تاريخ الدولة الأموية " . هذا المسلسل التاريخي الإسلامي في عربية وأدب محمد علي مغربي يدل على ما كان عليه من المكانة والمقدرة على طرح عمل تاريخي متكامل ، وإنجاز أدبي ثقافي شامل لعله علم نافع وأداء مقبول وعمل مطلوب ، نقدمه للقراء كإشارات ورموز كيما يعود إليه حينما يود أن يقرأ صفحة تاريخية عن الحجاز الأغر قديمه وحديثه ، أو عن تراثه العريق .