المتابع لأحاديث الأمين العام لحزب الله الاستفزازية والاستعلائية يجد أن فيها حضورا طاغيا لشخصيته، وقدرة على اختلاق التبريرات الواهية وفق سياق يخدم رسالته السياسية بغض النظر عن مصداقيتها او اخلاقيتها وبالتالي تصل لقناعة بانه لا يمكن بأي حال من الأحوال ان ينسلخ هذا الزعيم الهلامي والحاكم الأوحد في لبنان من مصطلحاته وأيديولوجيته المعهودة. صفوة القول إصرار حزب الله بالبقاء في سورية يعني غلقاً لأي انفراجة سياسية تجاه تشكيل الحكومة فلبنان لا يعني شئياً لحزب الله بدليل تهكم نصرالله على الحقائب الوزارية واستخفافه بعقول الناس ولعل المثير للاستغراب انه هو الذي يعرقل التسوية السياسية في لبنان وهو الذي يضع شروطا تعجيزية وقد شاهدناه يتبجح بالسلم الأهلي ويدعي الوصاية ويتهكم بتشكيل الحكومة ويرفض الخروج من سورية مؤكدا بأنهم باقون طالما ان الأسباب قائمة ثم يتهم كعادته السعودية بأنها وراء كل ذلك التعقيد في المشهد السياسي، ومنتقدا قوى 14 اذار بالتبعية للسعودية. تهجم حسن نصرالله على السعودية ليس بجديد ولكنه يعكس حالة افلاس وقلق من المستقبل، مع ان السيد يعلم تماما ان اتفاق الرؤية بين هذا الطرف وذاك لا يعني تبعية بقدر ما يعني تقاطع مصالح، اما حالته هو فالحقيقة وبتجرد واضح انها تعكس معنى الانصياع والرضوخ والتبعية وبامتياز كونه منفذا لسياسات وقرارات القادة الإيرانيين. والمسألة هنا ليست اتهامات بل هناك ادلة قاطعة على وجود نفس طائفي بغيض واستخدام كافة الوسائل من اجل بقاء نظام الأسد، فاستقرار لبنان وسيادته لا تعني شيئا لحسن نصرالله مقابل رضا وقبول مرشده خامنئي. ما نقوله هنا ليس حديثا عابرا بل سبق ان أكد من قبل افتخاره بولاية الفقيه وانه جندي للمرشد. ولذلك حسن نصرالله يعلم قيمة ودور السعودية وأنها الدولة الوحيدة التي تقف ضد الطموحات الإيرانية التوسعية وبالتالي فهو يغتنم كل المناسبات لمهاجمتها والتقليل من دورها وتشويه مواقفها ولذا فهذا تصعيد مفتعل وتطاول شخصي رخيص تجاه السعودية ودول الخليج، يهدف من ورائه إلى التأثير على الدور السعودي داخل لبنان ومحاولة إضعافه وخلق فجوة في التواصل السعودي - اللبناني لحساب المحور السوري - الايراني. رغم انه موقن بأن السعودية دورها مبدئي وانقاذي فكانت على الدوام الى جانب لبنان ماديا ومعنويا، ودعمت جميع اللبنانيين من خلال إعمار لبنان وتحقيق المصالحة السياسية بدون تفرقة او تمييز، وحاولت تجنيبه الانجرار الى حرب أهلية، ورغم انها تعرضت إلى حملة شعواء والى افتراءات من البعض واولهم حزب الله إلا انها عادة ما تتجاوز هذه الإساءات بالتعقل والحلم والترفع، فبقيت على مسافة واحدة من الجميع، لأن هدفها الأسمى هو ان ترى لبنان مستقلا آمنا ذا سيادة. وهو ما يدفع البعض للتساؤل حول قدرة اللبنانيين في التمسك بالحوار ومحاولة الوصول إلى لغة توفيقية إزاء الملفات المطروحة للبحث في ظل تشدد حزب الله، فالوضع بلا شك هو متأزّم، والأجواء مليئة بالاحتقان، وفي دولة كلبنان ورغم أن اتفاق الطائف سبق ان طالب بإلغاء الطائفية السياسية، إلا أنها بدت ومنذ استقلاله كإشكالية بنيوية عضوية في تركيبته السياسية ما جعله ساحة مفتوحة للتجاذبات الدولية والإقليمية. ولذا من الواضح أن المشهد السياسي اللبناني لا يستند إلى أرضية صلبة وإن بدا هكذا في أحيان عديدة نتيجة التسويات والتوافقات، إلا أن الثابت فيه هو تغير موازين القوى في الساحة اللبنانية والتي تؤثر في عملية الاصطفاف السياسي ناهيك من تداخلها مع الأجندة الخارجية المؤثرة في اللعبة. ما يجري اليوم في لبنان من حزب الله من فرض وصايته بالقوة، يكرس أمرا واقعا جديدا. كان حسن نصرالله قبل أيام يشعر بالثقة وقد ظهر علنا في الساحة امام مؤيديه ولم يعتد على ذلك الا إن كان القلق من إسرائيل قد تلاشى الان، لاسيما وقد بدا وكأنه منتش بالتقارب الأميركي - الإيراني، والذي سينعكس بدرجة من الدرجات على وضع حزبه الذي يواجه استحقاق محكمة اغتيال الحريري التي هي الان بيد المجتمع الدولي. إن الحقائق تقول ان ما يصنعه في لبنان هو انقلاب على الشرعية والدستور والقانون وتنفيذ أجندة إيران على حساب الوطن اللبناني ناهيك عن تماديه في افعاله بالمشاركة في قتل الشعب السوري ما يجعل القانون الدولي يصنفه كمجرم حرب عابر للحدود لأنه ذهب مقاتلا لشعب اعزل بمليشيات مرتزقة. ولذا تجد في الداخل اللبناني ان حزب الله كان وما زال يمعن في ممارساته ضد ترسيخ السلم الاهلي بدليل رفضه مناقشة ملف السلاح والاستراتيجية الدفاعية. وضرب اتفاق بعبدا عرض الحائط الذي ينص على "سياسة النأي بالنفس" ما يدلل انه أصلا لا يعترف بشرعية الدولة ومرجعيتها في ظل خنوعه المستميت لأوامر طهران وهنا تكمن المشكلة وهذا ما دفع المعارضة السورية للتأكيد بأن مشاركة الحزب في المعارك داخل سورية ليست سوى "إعلان حرب على الشعب السوري، مع ان الكثير من المتابعين يعتقدون ان قتال الحزب مع النظام السوري دليل على محاولاته للاستفادة من واقع سياسي جديد بسقوط الاسد للاستيلاء على أراض جديدة. صفوة القول إصرار حزب الله بالبقاء في سورية يعني غلقاً لأي انفراجة سياسية تجاه تشكيل الحكومة فلبنان لا يعني شئياً لحزب الله بدليل تهكم نصرالله على الحقائب الوزارية واستخفافه بعقول الناس وذلك برفضه مقايضتها بالدفاع عن نظام الأسد وترديده للقصة الهزيلة المكشوفة المسماة بالمقاومة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية..