ارتفعت حصيلة المواجهات التي وقعت في طرابلس بعد تظاهرة سلمية للاحتجاج على وجود مسلحين في المدينة الى 32 قتيلا و391 جريحا كما اعلن مسؤول في وزارة الصحة أمس. وساد هدوء نسبي صباح أمس السبت العاصمة التي شهدت طوال الليل انفجارات واطلاق نار غزير. وسمعت رشقات متفرقة من بنادق كلاشينكوف في حي قرقور الذي كان مسرحا لاعمال عنف الجمعة. الا ان الفصيل المسلح الذي تسبب في اندلاع الصدامات، تلقى تعزيزات بالرجال والاسلحة من مدينته مصراتة التي تبعد حوالي 200 كلم عن طرابلس واستعاد السيطرة على معقله في قرقور. وتمركزت الشرطة العسكرية صباح امس على مداخل هذا الحي، محذرة سائقي السيارات من استمرار اطلاق العيارات النارية. لكن شهوداً ذكروا أن اطلاق النار هذا ليس مواجهات لكنه رصاص في الهواء يطلقه عناصر الفصائل المسلحة ابتهاجا بوصول التعزيزات. وردا على ذلك، اخرج عدد من الرجال المسلحين من فصائل اخرى لفترة قصيرة هذا الفصيل من معقله بعد مواجهات دامية واضرموا النار في جزء منه. وقال مدير مكتب الاعلام في وزارة الصحة عمار محمد عمار "ان الحصيلة الاخيرة التي اعدتها خلية التنسيق في وزارة الصحة تشير الى 32 قتيلا و391 جريحا". وكان وزير الصحة نور الدين دغمان اعلن مساء الجمعة حصيلة من 31 قتيلا و285 جريحا مضيفا ان هذا العدد مرشح للارتفاع. ولم يميز بين المتظاهرين الذين قتلوا بالرصاص والمقاتلين الذين سقطوا في المواجهات التي تلت. ودعت الحكومة الى التهدئة مناشدة "جميع الفصائل المسلحة وقف اطلاق النار كي تتمكن الحكومة من اخذ الاجراءات اللازمة لاعادة الهدوء الى العاصمة"، بحسب ما جاء في بيان تلاه وزير الثقافة حسن الامين. وقال رئيس الوزراء علي زيدان في بيان ان "التظاهرة كانت سلمية وجرى اطلاق النار عليها لدى دخولها حي قرقور". واكد السادات البدري رئيس المجلس المحلي لطرابلس ان اطلاق النار على المتظاهرين جرى من داخل مقر فصيل مصراتة. واضاف البدري محذرا "سنعلن الاضراب العام وسندخل في عصيان مدني الى ان ترحل هذه الميليشيات". وكان ائمة مساجد طرابلس دعوا في خطبة الجمعة سكان العاصمة الى التظاهر ضد الفصائل المسلحة وذلك اثر دعوة مماثلة من مفتي الديار الليبية الصادق الغرياني ومن المجلس المحلي للمدينة. واعتبرت سفيرة الولاياتالمتحدة في طرابلس ديبوراه جونز صباح امس على حسابها في تويتر ان المعارك "إهانة لذكرى شهداء" الثورة على معمر القذافي. واضافت ان "كسر دوامة العنف ليس سهلا، لكنه ضروري". وغالبا ما يتظاهر الطرابلسيون ضد وجود فصائل مسلحة في مدينتهم. وهذه الفصائل التي جاءت من مناطق اخرى، شاركت في الهجوم الواسع النطاق على العاصمة لاسقاط نظام القذافي في اغسطس 2011 لكنهم وبعد ان نجحوا في الاطاحة بالنظام لم يعودوا الى مدنهم بل ظلوا في طرابلس بعديدهم وعتادهم، في حين تعاني الحكومة الامرين في بناء قوات جيش وشرطة نظامية. ويتهم الطرابلسيون افراد هذه الفصائل المسلحة بممارسة كل انواع التجاوزات والارتكابات من عمليات تهريب وخطف وتعذيب واعتقال في مراكز سرية.. وكان المؤتمر الوطني العام، اعلى سلطة في البلاد، قرر في الصيف الماضي اخلاء العاصمة من جميع الفصائل المسلحة، ولكن قراره ظل حبرا على ورق.