اختار الرئيس بوتفليقة مدينة سكيكدة (410) كلم شرق العاصمة لتدشين الحملة الدعائية للمصالحة الوطنية والسلم، حيث سيلقي بعد غد «السبت» خطابا وصفته مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية بالهام وهذا بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال49 لمؤتمر الصومام التاريخي والذكرى الخمسين لهجوم الشمال القسنطيني 20 أغسطس 1955. وحسب نفس المصادر فان الخطاب سيتناول قضية العفو الشامل وميثاق السلم والمصالحة الوطنية، حيث سيقوم بوتفليقة بتسليط المزيد من الضوء على نقاط الظل التي آثارها خطابها الأخير الأحد الماضي، وخلّفت تباينا شديدا لدى مختلف مكوّنات الرأي العام. ونظرا لما أثاره ميثاق السلم والمصالحة من التباس وغموض في بعض أجزائه، فان بوتفليقة مضطر لتوضيح ما التبس على الكثير من الرأي العام الجزائري وكذا الأطراف السياسية، حيث سيشرح البنود الخمسة الكبرى التي تضمنها ميثاق السلم والمصالحة المعلن عنه قبل 72 ساعة، بشكل يجعله يدشن حملته الانتخابية لفائدة مشروعه الرئاسي مبكرا من هذه الولاية المشهورة بزراعة الفراولة. ولعلّ اختيار مدينة سكيكدة المعروفة تاريخيا ب «روسيكادا» كمنطلق للتبشير بمضامين مشروع السلم والمصالحة، لم يأت محض ارتجال، حيث انّها التي كانت مسرحا طوال الشهر الأخير لعديد الاعتداءات الإرهابية على غرار ما حدث بحر الأسبوع المنقضي في أعقاب اغتيال 4 حراس بلديين، أضيفوا إلى قائمة ضحايا المأساة الوطنية، وبالتالي اختارها بوتفليقة كمحطة أولى أعقبت إعلانه عن مشروع المصالحة، فضلا عن إعطاء الانطباع بأنّ مسعاه يتخذ من زاوية الألم النابض مرتكزا لبثّ أمل متألق يعد بغد جميل يزيل بغضاء الماضي ويرسم تجليات الحاضر. وفي سياق متصل، علمت «الرياض» من مصادر موثوقة أنّ الحملة الدعائية لاستفتاء السلم والمصالحة التي ستنطلق رسميا اعتبارا من 29 آب - أغسطس الجاري، سيقودها الرئيس بوتفليقة بنفسه حيث سيجوب خلال ال 18 يوما التي ستستغرقها الحملة، 15 ولاية كبرى من مجموع ال 48 ولاية، و سينشط بحسب مصادر موثوقة أزيد من 20 تجمعا يعقدها بالجهات الأربع للوطن قبيل اختتام الحملة يوم 15 سبتمبر المقبل بمهرجان جماهيري ضخم يرجّح أن تحتضنه قاعة حرشة حسان بالعاصمة. هذه الأخيرة يتردد بقوة أنّ الرئيس سيفتتح بها الحملة بإحدى المناطق التي عضّها كابوس الإرهاب وكانت شاهدا على جراح المأساة الوطنية، على غرار براقي وبني مسوس وغيرهما، في وقت قالت مصادر أخرى إنّ جولات الرئيس المكوكية عبر ولايات الوطن، ستكون بالتزامن مشفوعة بتجمعات مماثلة لأحزاب التحالف الرئاسي (جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم)، وكذا عموم الشخصيات التاريخية التي يتقدمها الرئيس الأسبق أحمد بن بلة الذي تولى قبل أشهر طويلة رعاية مشروع السلم والمصالحة الوطنية. إلى هذا أكد احمد بن عائشة أمير منطقة الغرب في الجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا أن خطاب الرئيس بوتفليقة «حمل الكثير من الرسائل والإشارات التي توحي بأن الأمر ليس كما يتصوره البعض من إمكانية علاج الأزمة بوصفة سحرية». وواصل بن عائشة مؤكدا أن الإجراءات التي أعلن عنها في مشروع الميثاق من أجل السلم والمصالحة كفيلة بدفع عجلة السلم والاستقرار نحو المصالحة الوطنية المنشودة خاصة وأنها جاءت مجسدة لمخرج مشرف ومقبول للذين لازالوا في الجبال،مضيفا بان المصالحة الوطنية أشواط ومراحل لا يمكن تجاوزها في الواقع. وأوضح بن عائشة أن الميثاق من أجل السلم والمصالحة والذي سوف يستشار فيه الشعب الجزائري نهاية الشهر المقبل هو بمثابة آخر شوط قبل المصالحة الوطنية الشاملة التي يعتزم الرئيس بوتفليقة بلوغ مداها في المستقبل العاجل، داعيا كل القوى الوطنية من أحزاب سياسية وشخصيات وطنية وعلماء ومفكرين ودعاة إلى الإسهام في عملية إقناع المسلحين الذين لازالوا في الجبال للانخراط بقوة في مسعى رئيس الجمهورية والتفاعل إيجابيا مع اليد التي يمدها الشعب الجزائري لهم من أجل حقن الدماء و إشاعة ثقافة السلم وقبول الآخر والتعايش مهما اختلفت الرؤى والأفكار، ثم بعد ذلك، يقول بن عائشة، استخلاص الدروس البليغة مما حدث في الفتنة التي ألمت بالجزائر. وأكد بن عائشة أن قيادات الجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا ستشارك في تنشيط العديد من المهرجانات الدعائية لفائدة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية و التي ستعقد عبر مختلف ارجاء الجزائر قبل موعد الاستفتاء المقرر يوم 29 سبتمبر المقبل.