لم تعد إدارات الأندية تشعر بالثقة في استمرار نجومها عقب انتهاء عقودهم كما أنها باتت تؤمن بأن موافقة اللاعب على تجديد عقده لن يكون أمراً سهلاً كما كان الحال في السابق، فما حدث في الوسط الرياضي السعودي خلال العامين الأخيرين أصبح مقلقاً للأندية ومُسيريها وجماهيرها، وساهمت مواد ولوائح لجنة الاحتراف الجديدة في الاتحاد السعودي لكرة القدم في ذلك إذ أعطت اللاعبين حرية أكبر في اتخاذ قرار الاستمرار والتجديد من عدمه وبات صوت اللاعب هو الأعلى بينما أصبح النادي الحلقة الاضعف. لاعبون «سوبر ستارز» رحلوا للمنافسين.. وتخوف اتحادي أهلاوي الاحتراف في الكرة السعودية تطور بشكل كبير فيما يخص عقود اللاعبين وإيمانهم بأن كرة القدم هي مصدر رزق لهم، فاللاعب لم يعد يعترف بالولاء للنادي الذي بدأ فيه مسيرته وأبرزه للجماهير وأصبح شعاره "التوقيع لمن يدفع أكثر" وهو الشعار الذي رفع قيمة عقود اللاعبين السعوديين خصوصاً في ظل المنافسة الكبيرة بين إدارات الأندية لاسيما تلك التي بينها منافسة داخل وخارج الملعب كالهلال والاتحاد، والشباب والأهلي، والهلال والنصر، والاتحاد والهلال، ويُعتبر اللاعب هو المستفيد الأول من صراعات إدارات الأندية وبالتحديد الجماهيرية منها كونه يستغل ذلك باستعمال جماهير ناديه كورقة ضغط على الإدارة لرفع قيمة عقده الجديد أو حتى اللجوء لجماهير النادي المنافس لفتح خطف المفاوضات معه للضغط على ناديه من جهة أو تقديم عرض مغر له من جهة أخرى. المشجع الاتحادي لم يتوقع أن يرى لاعب وسطه ونجمه وقائده محمد نور يرتدي شعار النصر والحال ذاته ينطبق على المهاجم نايف هزازي الذي انتقل للشباب، الهلاليون كذلك لم يكن في حسبانهم أن يشاهدوا لاعب الوسط أحمد الفريدي بشعار الاتحاد ولا المدافع أسامة هوساوي بشعار الأهلي، جماهير الشباب آخر ما كانوا يفكرون فيه أن يلعب ضدهم مهاجمهم الهداف ناصر الشمراني بعد أن وقع للهلال، الأهلاوي لم يتوقع أن ينتقل المدافع حسين عبدالغني وزميله لاعب الوسط عبدالرحيم جيزاوي للنصر، لاعب وسط الاتفاق يحيى الشهري رفض البقاء في ناديه ورحل للنصر، المهاجم عيسى المحياني تنقل بين أندية الوحدة والهلال والأهلي واستقر أخيراً في الشباب، والآن تضع جماهير الاتحاد والأهلي أيديها على قلوبها خوفاً من رحيل نجمي الوسط سعود كريري وتيسير الجاسم بعد دخولهما فترة الستة أشهر التي تُجيز لهما التوقيع لأي ناد آخر دون الرجوع لإدارتيهما. الجيزاوي الأسماء التي ذُكرت أعلاه ليست إلا أمثلة على نظرة اللاعبين الجديدة لكرة القدم وهي أنه لا يفكر سوى في تأمين مستقبله وذلك حق مشروع له لاسيما وأنه شاهد مصير عدد ممن سبقوه من اللاعبين الذين ضحوا من أجل أنديتهم وانتهى بهم الحال خلف القضبان في السجون بسبب الديون، ولعل نجم الاتحاد محمد نور أحد اللاعبين المخضرمين الذين ضحوا كثيراً من أجل ناديه الذي أبرزه في الوسط الرياضي فكانت مكافأته هي الجحود من الإدارة الاتحادية لكنه رفض أن يظل آسيراً لنكران الاتحاديين وفضّل أن يسير في الاتجاه الآخر بالانتقال لناد آخر والاستفادة من ذلك مادياً والرد على الاتحاديين بأنه قادر على العطاء ولم ينته مثلما زعموا. كثير من إدارات الأندية واكبت رغبات اللاعبين ورضخت لها إذ أصبحت لا تمانع في انتقال نجم الفريق الأول إلى ناد آخر طالما أنه لا يريد التجديد أو بالغ في مطالباته المالية، والأمثلة على ذلك كثيرة وهو ما ساهم في تغير نظرة الجماهير للاعبين إذ آمنوا بأن زمن ولائهم للشعار انتهى، وبدأت الجماهير الرياضية تتقبل مشاهدة نجم فريقها الأول وهو يرتدي شعار الفريق المنافس بخلاف الحال الذي كانت عليه في فترة زمنية سابقة فمن سابع المستحيلات في ذلك الوقت إقناع مشجع بأن انتقال نجم فريقه للمنافس أمر طبيعي في ظل تطبيق الاحتراف، لكنه في الفترة الحالية أضحى يقتنع بنفسه بل نجد مشجعين كُثرا يدافعون عن اللاعبين وقراراتهم بالانتقال بهدف تأمين مستقبلهم. الفريدي الرياضيون السعوديون طالبوا اللاعبين غير مرة بتطبيق الاحتراف بحذافيره وألا يقتصر ذلك على حقوقهم فقط فمثلما لهم حقوق فإن عليهم واجبات لابد أن يلتزموا بها، فليس من المعقول أن يردد اللاعب بعد انتقاله "نحن في زمن الاحتراف" في المقابل تجده يسهر ويتغيب عن التدريبات ولا يلتزم بعقود النادي الإعلانية مع الشركات أو غيرها من المخالفات، تمسك اللاعبين بحقوقهم خصوصاً المالية منها جعل الجماهير تطالب إدارات الأندية بأن تضرب بيد من حديد عند ارتكاب اللاعب لأي مخالفة بخلاف الأعوام الماضية الذي وجد فيها تعاطفاً من الجماهير التي كانت تمارس الضغط أحياناً على الإدارة من خلال وقوفها في صف اللاعب. العقود الاحترافية العالية ونظرة اللاعبين الجديدة لكرة القدم سيريح إدارات الأندية من التكفل بإقامة مهرجانات الاعتزال، ويبدو أن الجماهير السعودية لن ترى في ملاعبنا مهرجان اعتزال بعد اليوم باستثناء ما وعد به لاعب وسط محمد الشلهوب من الهلاليين كونه ضحى كثيراً ولا يزال من أجل ناديه، ففي السابق كان اللاعب يكرم على ولائه وتضحياته بمهرجان اعتزال يليق به وبتاريخه لكنه اليوم لن يجد ذلك كونه مُنح حقه من التقدير بملايين الريالات التي تسلمها سواء بطلبه وإصراره أو بمبادرة من إدارة النادي.