ليس من المألوف أن يكون اسم شخص عنوانا لمقال، وشخصنة القضايا هي واحدة من أبرز وأسوأ عللنا، لكن لماذا نقبل تلك الشخصنة عندما يتصل الأمر بالنقد أو القدح أو الذم، ولا نقبلها عندما تكون غير ذلك؟ وزارة التجارة ظلت وإلى وقت قريب في ذهني وكأنها اسم لمتجر يبيع بضاعة لا يحتاجها كل الناس، فهي حاضرة فعلا لكن حضورها ما كان يعني لي كمواطن الشيء الكثير، وأذهب إلى ما هو أبعد لأقول: وما كنت لأذرف عليها الدموع لو لم أجدها في قائمة الوزارات لأنها كانت تعمل بالنسبة لي (كمواطن أيضا) في منطقة محايدة، فالأسواق تشتغل وتشتعل كما يروق لها دون أن تسجل الوزارة إزاءها أي موقف يوحي بوجودها كمرجعية نظامية وإدارية. الدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة الحالي لا أعرفه وأنا على يقين أنه لا يعرفني، وليس عنده لي أي مصلحة سوى حقي كمواطن بأسواق تعرف ما لها وما عليها، جاء الرجل إلى الوزارة وخلال فترة وجيزة تحركت الوزارة، وأعلنت عن وجودها. بدأ بأزمة السجل التجاري في العاصمة فخلع (بشته) وذهب إلى إدارة السجل ليكتشف أن علة التأخير كانت ترتبط بمسائل تافهة، كعطل بعض الأجهزة والطابعات وما إلى ذلك. الرجل لم يشكل لجنة ولم يطلب تقريرا، فكان أن حُلّت الأزمة في يوم واحد. قاد عددا من الحملات كتثبيت الأسعار على السلع، وحملة " خذ الباقي "، وغيرها. أتاح رقما خاصا ليتصدى المواطن أي مواطن بالحرف والصورة لأي مخالفة تجارية، وليلعب كل مواطن دوره في مراقبة الأسواق. الطريف أنني وإلى ما قبل بضعة أيام كنتُ أفكر في كتابة مقال لأطالب فيه التجارة بالمزيد من الرقابة على الوكالات، كل الوكالات من وكالات السيارات إلى وكالات البرادات وأجهزة التكييف وغيرها، وإلزامها بضرورة تأمين قطع الغيار للمستهلك كجزء أصيل من خدمات ما بعد البيع، لأفاجأ بلقاء معاليه مطلع هذا الأسبوع مع وكالتين للسيارات للغرض ذاته، ما دفعني لاستبدال الفكرة بفكرة شخصنة الثناء أسوة بشخصنة النقد المشاعة، وليكون اسمه هو رأس المقال، وإن كانت هذه الشخصنة لا تلغي دور العاملين معه في الوزارة، وممن تفاعلوا مع مشروعه، فهو بالتأكيد لن يستطيع أن يعمل بمفرده، ليكون لهم حظهم من التقدير الذي يستحقونه. مسألة (لا شكر على واجب) ما عادت سارية المفعول في هذا الزمن الذي تتزايد فيه أعداد المتقاعسين عن أداء واجبهم، الأمر الذي يجعل الشكر على الواجب المكافأة الأدبية والمعنوية المطلوبة منا كمواطنين وبإلحاح لكل من نستشعر إخلاصه وتفانيه في واجباته، ليس لدعمه فقط، وإنما حتى من أجل صناعة القدوة والنموذج الذي يحظى باحترام الناس، فشكرا لمعالي الدكتور على كل مساعيه الطيبة، وبانتظار المزيد منه لتصحيح وتصويب أوضاع أسواقنا التي لا تزال تحتاج إلى الكثير لحماية المستهلك، وإنقاذها من الجشع وداء التستر وغيرها من الأوجاع المزمنة.