أكد رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان أن الأحداث المتلاحقة في الوطن العربي وما يمر به من أزمات في مجالات عدة خاصة في مجال الأمن القومي العربي أصبحت تحتم مراجعة ما صدر من اتفاقيات وقرارات والاستمرار في إصلاح منظومة العمل العربي وتنقية الأجواء العربية وتدعيم الوفاق العربي. وقال الجروان في كلمته أمس الثلاثاء أمام الجلسة الأولى لدور الانعقاد العادي السنوي الثاني 2013 -2014 من الفصل التشريعي الأول للبرلمان العربي بمقر الجامعة العربية إن ما أصدرته الجامعة من قرارات وتوصيات سابقة بحاجة إلى مواءمة بما يتوافق مع الأحداث العربية المتلاحقة والأخذ بالاعتبار الوضع الحالي بالوطن العربي وأهمية مواجهة القوى السياسية التي تسعى إلى تفتيت الأمة العربية وإنشاء دويلات جديدة. نتابع الوضع السوري باهتمام ونأمل التوصل لحل يجنب المنطقة ويلات الحرب ودعا الجروان إلى تفعيل دور البرلمان العربي باعتباره صوت الشعب للمطالبة على الصعيدين العربي والدولي وبإلحاح على إخلاء الشرقِ الأوسط بأكمله من أسلحة الدمار الشامل والضغط على إسرائيل للانضمام إلى اتفاقية نزع أسلحة الدمار الشامل. وأكد الجروان التزام البرلمان العربي بتكريس الديمقراطية وتعزيز مشاركةِ المرأة والشباب في العمل البرلماني واختيار أفضل السبل لإقامة حوار مع المواطنين في مختلف المؤسسات، مؤيدا اعتذار المملكة عن قبول عضويتها بمجلس الأمن وذلك لازدواج المعايير الحالية التي تحول دون أداءِ واجباته وتحمل مسؤوليته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين. عمرو موسى: التحديات التي تواجهها المنطقة تتطلب توحداً عربياً كاملاً وشدد على دور البرلمان في تعميق علاقاتِ التعاونِ بين البرلمانِ العربي والبرلمان الإفريقي لتعميق العلاقات والمصالح والأهداف المشتركة الإفريقية العربية، مشيرا إلى أنه على الصعيد الدولي سعى البرلمان مع عدد من المسؤولين الأوروبيين للتعريف بالبرلمان العربي وأهدافه. وقال الجروان إننا دعاة سلام وإن المتغيرات التي يشهدها عالمنا العربي الآن بحاجة إلى تفهم عميق من المجتمع الأوروبي دون أن يتأثر بالإعلام الموجه لقضايا معينة. عمرو موسى ونبه الجروان إلى أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المحورية، مؤكدا إدانة البرلمان العربي لسياسات إسرائيل التعسفية وضربها عرض الحائط لكل المواثيق الدولية بشأن الاستيطان التي تتنافى تماما مع مبادئ السلام وتعتبر تعديا صارخا على الأراضي العربية الفلسطينية وفرض سياسة الأمر الواقع في ظل تخاذل دولي عن درءِ هذه الانتهاكات. كما عبر عن استنكار البرلمان العربي ما ينوي القيام به رئيس جمهوريةِ التشيك بشأن نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، داعيا العرب جميعا إلى تكثيف الاتصالاتِ مع كافةِ المنظمات الدولية لوقف تلك السياسات من ترهيب الشعب الفلسطيني وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية. وعلى الصعيد السوري، قال الجروان إن البرلمان باهتمام بالغ كل ما يحدث بسوريا وقد طالب مرارا وتكرارا الوقف الفوري لإطلاق النار، ودعا المجتمع الدولي لإيجاد آليات لوقف حمامات دم الشعب العربي السوري بكلِ مكوناته. ودعا العالم كله إلى دعمِ احتياجاتِ اللاجئين السوريين في فترة الشتاء والوصول إلى حلٍ دائمٍ يجنبُ الشعبَ السوري والمنطقة ويلاتِ الاقتتال وعدمِ الاستقرار، كما أدانَ البرلمانُ العربي الاعتداءات الإرهابية وعملياتِ التهجير التي يتعرضُ لها الشعبُ العراقي وسقوط عددٍ كبيرٍ من الضحايا الأبرياء في المدنِ العراقية يوميا، مشيرا إلى أن البرلمان يقف إلى جانب الشعبِ العراقي في مواجهة قوى التطرفِ والإرهابِ الأعمى بجميع أشكاله. وعبر الجروان عن إدانة البرلمان كافةَ صورِ الإرهابِ والتطرف، الذي لا وطنَ له ولا دين، ويستهدفُ الأمنَ والاستقرار في بعض دولنا العربية. وقال الجروان "إننا ندعم أيضا التكاتفَ والتكاملَ العربيين، للشعب المصري من دعم سياسي ومادي والذي ظهر جليا وعلى سبيل المثال لا الحصر ما قامت به المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت وباقي الدول العربية لتتجاوزِ مصر المرحلةِ الحاليةِ ولإجهاض كافة المحاولاتِ الراميةِ للنيل من أمنها واستقرارها، حيث إن مصر قلبُ الأمة العربيةِ النابض. ومن جانبه، أكد رئيس لجنة الخمسين لإعداد الدستور المصري عمرو موسى في كلمته أهمية دور البرلمان العربي من اجل العمل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية في الوطن العربي خاصة في هذه المرحلة التي تشهد تغييرات جذرية واضطراب وتوتر في المنطقة. وحذر موسى من تردي الأوضاع في سوريا بشكل خاص موضحا أن الاضطراب العربي أدى إلى أن يأخذ الآخرون زمام المبادرة لحل المعضلة السورية، وقال "لست ادري هل ستكون الاطروحات فيما يخص الأزمة السورية فاعلة وليست مجرد شغل للوقت بعيدا عن جوهر الأزمة!، مطالبا بدور عربي واضح ومؤثر وموضوعي فيما يتعلق بالوضع في سوريا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ونبه موسى إلى التحولات والتحديات التي تواجه المنطقة في ظل الشرق الأوسط الجديد والعالم العربي الجديد والذي يتطلب توحدا عربيا وليس تعميق الفرقة، مطالبا بضرورة أن تكون موضوعات الشرق الأوسط الجديد و تشكيل العالم العربي الجديد والأمن الإقليمي مطروحة بقوة على طاولة النقاش حيث ستشهد المنطقة العربية تشكلا جديدا خلال السنوات القلقلة المقبلة إزاء الحركات النشطة من قبل تركيا وإيران وإسرائيل وهو ما يتطلب نشاطا في المقابل من قبل النخب العربية والمراكز البحثية والبرلمان العربي لدراسة مستقبل المنطقة واحتمالات التغير وإشكاله والتعامل معه من منطلق المصالح المشتركة والتغيير الذي يجب أن يستشعرها المواطنون. وشدد موسى على أن غياب مصر أحدث اضطرابا كبيرا في الحياة العربية، وبالتالي كانت عودتها ضرورية لاستعادة التوازن والاتزان وقد أصبحت الفرصة سانحة لذلك اليوم خاصة بعد الهزة الكبرى التي قام بها الشعب المصري في حركة لم تكن متوقعة أن تسقط نظاما بعد عام واحد ليس لأنه كان نظاما اخوانيا بل لأنه كان نظاما فاشلا لم يستطع إدارة شؤون البلاد في وقت كانت تواجه فيه أزمات كثيرة، ولم يكن على قدر المسؤولية، وبالتالي كانت مصر على المحك بسبب عدم كفاءة الحكم. ولفت الى أهمية الدفع قدما بتنفيذ خارطة الطريق، موضحا أن لجنة الخمسين لتي يرأسها أوشكت على الانتهاء من الدستور المصري. ومن جانبه أكد نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير احمد بن حلي أهمية الدورة الجديدة للبرلمان العربي والتي ترسخ لدوره في منظومة العمل العربي المشترك. وشدد على أن الجامعة العربية تعول على مساهمة البرلمان بعد أن دخل في مرحلته الجديدة – كبرلمان دائم- في تعميق وتوسيع آفاق ومسار العمل العربي المشترك بما يمثله من شخصيات وقامات وبعد شعبي يتكامل ويتناغم مع العمل الرسمي باعتباره يعبر عن مشكلات العالم العربي واتجاهاته. وأعرب بن حلي عن أمله في ادوار ومهام جديدة للبرلمان العربي فيما يتعلق بتوحيد التشريعات لتسريع وتيرة التنمية والتكامل الاقتصادي والدور المنوط القيام به فيما يتصل بمجريات الأوضاع والتحولات التي يشهدها العالم العربي والتي وضعت النظام العربي الجماعي والذي تمثله الجامعة العربية ومنظماتها أمام تحديات جمة تتطلب التكيف معها والانتصار لمطالب المواطن العربي وحقه في التطوير والأصلح واحترام حقوقه ومطالبه في التغيير ووضع الوطن العربي على خارطة التحول ضمن مصاف الدول الناهضة والواعدة. كما طالب بن حلي البرلمان العربي بالمساهمة في نزع فتيل الأزمات والنزاعات من خلال تشكيل لجا حكماء وبعثات تقصي الحقائق والدبلوماسية الشعبية التي يمثلها البرلمان العربي للمساهمة في حل المشكلات التي تواجهها المنطقة. ودعا البرلمان إلى إقامة شبكة علاقات مع البرلمانات الأجنبية لخلق البيئة المناسبة لشرح وجهة النظر في مختلف القضايا بالمحافل الدولية خاصة القضية الفلسطينيةوالقدس بحيث يسهم البرلمان في التوصل إلى حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية وردع إسرائيل وانتهاكاتها في الأراضي العربية المحتلة، والإسهام مع نظرائه في التوصل إلى رؤى لتطوير العلاقات الدولية بما يحقق مصالح الجميع. ويناقش البرلمان العديد من القضايا العربية أبرزها متابعة مستجدات الشأن السياسي العربي الراهن والأمن القومي العربي والعمل العربي المشترك وحماية الأمن القومي العربي والقضايا السياسية العربية ذات الأولوية وتأتى في مقدمتها القضية الفلسطينية. كما سيتم دراسة موضوع إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط والإعداد والتحضير لعقد جلسة استماع بحضور رئيس مجلس وزراء الخارجية العرب والأمين العام لجامعة الدول العربية وعدد من القيادات الفلسطينية لمتابعة تنفيذ قرارات القمة العربية في مجال الأمن القومي والشؤون السياسية العربية، وتنفيذ توصيات البرلمان العربي في مجال الأمن القومي والشؤون السياسية العربية وما يخص فلسطين والأراضي العربية المحتلة إلى جانب إقرار إعلان البرلمان العربي حول الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي ومناقشة إقرار مشروع نظام مجموعات التعاون والصداقة البرلمانية من بين المواضيع المدرجة في جدول الأعمال.