إلى أفكرت بالدنيا تكدر لي الصافي تعذر زماني ما حصل صاحبٍ صافي افيض عليه اسرار ما التج بالحشا ترى كل وادي له مفيضٍ ومطافي من عاش ماله من حياته منادم تجرهم عمى رأيه على جال ميهافي ولاتبدي اسرارك لمن لايودك ترى كثر نصاحك يدورون الاشرافي تخير من اجناسك صديقٍ توده وثيقٍ غميق لمبهم العلم عرافي يتحمل لزلاتك ويبصرك ما خفى لقلبك دربيلٍ للابعاد كشافي راغم على الخل القديم ولو سها واصرم إلى بان الجفا لك والاجنافي ترى ذهاب الذهن عشرك لحمق يجور طغى جهله على حلمك الوافي وترى عذل من لا يرعوي لك جهاله كوصف من ينفخ بكيرٍ وهو طافي ومن اغتنى بأرياه عن شور ناصح يندم ويكشف له إلى شاف ما عافي ومن رام صعبات المباني برأيه يروم به أشيا ما ينوله بالاسيافي ومن خاطب الجاهل فهو مثل من كشف وجهه وقابل شعف عاصوف الاصيافي ومن لبس تاج الكبر ما صان عرضه ولو مطر جوده على الناس هتافي من شال حمل الزوم كاد احتماله ولا حمل الله عاجزٍ حمل الاسرافي ومن طاول اطول منه ما استر ساعه يجاهد جنود وينقسم رأيه انصافي ومن جت له الدنيا قبول كمت له حيلٍ مغاويرٍ وهجنٍ له اردافي ومن رامها عشقان واغرى بحبها سوف يرى منها تناكير واعيافي وتكلفك بأمرٍ ما يعناك جهاله وتبريك عما كان يلزمك له قافي ولا تسلك الا مسلك الدين والهدى ولا تنزل الا في علا روس الاشرافي ولا تصافي كود حيدٍ صميدع غيورٍ على الصاحب نصوحٍ وميلافي ولا تلوم النفس في جاري القضا مالك عن المقسوم يالعبد من لافي وباشر هل المعروف منك بتواضع وهل الشر باشرهم بشرٍ وتستافي وترى اللئيم ان لان له منك جانب توطاك ويورا انه يخيف ويخافي فالعوشزه لو هي على النيل ما اثمرت إلا بقو الشوك والغصن غريافي وكم بخيلٍ فرش الناس ماله وهو منه محرومٍ على نفسه اتلافي كوصف ابرةٍ عريانة دب دهرها وهي تكسي المخلوق من قمش الاصنافي فالمال له حقٍ حلاته مع الفتى يضرب به المجرم ويبذله للصافي وكم جاهلٍ صول على غيره البلا يجرم بفعله آمنٍ غافلٍ غافي ودمار العما بدار ذلٍ مقامك ولو تربة ارضه تنبت اللولو الصافي والعز لو في رأس حزمٍ تنوله لكنك في جناتها مرغدٍ غافي ومشيك على حد الصراط متحسر على متن قعرٍ في لظى ماله أطرافي أشوى ولا تقصد لئيمٍ لحاجه لو هي بكفه حال دونه جبل قافي وترى الطبع عضوٍ ما يزول ولو نزل زحل منزل المريخ ما افتر بعسافي ولا توري الريبه الى رمت همه ترجف به الصافي وتفرح به الجافي الى رمت أمرٍ فاكتم السر وألتزم قو العزا والحزم والعزم لك رافي صحيب العيا والعجز ما ادرك مرامه يفوته وهو يذرا على رأسه السافي ولا تتبع رأي السفيه من الملا غضوبٍ على أدنى الدون للخل نكافي وجلوسك مع أهل الفهم مما يفيدك ومع الدبش يطبع ران قلبك عمىٍ خافي ولا تكترب لامرٍ تقدم همومه ترى صعب الاشيا ما اعترض لك بالاصدافي بين افترار الليل والصبح كم حدث يسرٍ بعد عسرٍ والايام زلافي فلا اشتد حبل وسار سوٍ ترى الفرج قريبٍ بألم نشرح دليله وهو كافي وأبرم دواليبك بالأسباب ربما اتوافق مفتاحٍ للارزاق وتكافي بعزمٍ فراي العزم كم فك مشكل ونجم فلا تدري الشهر هافي أو وافي وتزمل عقول أهل التجاريب واجتنب عمى الرأي مرعابٍ مع الخوف رجافي وأنا عن معاني كل ما قلت عاجز سراجٍ لغيري محرقٍ روحي انصافي ركنت نفسي للهوى يوم لي به مرامٍ وشفي فيه مياس الاعطافي خدمت القلم والطرس للشوق اصخر اعساف شرفات القوافي على القافي قطفت زهرات الهوى يوم لي هوى هجرت الكرى ما اذكر بها ليلةٍ غافي وصدرنا فلا يغني الفتى ذكر ما مضى إلى عاد عن طرق الهوى معطيٍ قافي فإلى فرغت نفس الغريم من الهوى فلا ينفع المسنين تذكير الاريافي كما البدر يطغى في بروجه الى انتهى يكشف ويصبح صافيٍ يوم الانصافي صلاتي وتسليمي على شافع الورى دعا الملك القدوس والروس كشافي الشاعر: هو محمد بن عبد الله بن محمد القاضي من أهل عنيزة ولد سنة 1224ه من أشهر شعراء نجد، توفي رحمه الله عام 1285ه. دراسة النص: يرد النص في كثير من المصادر والمجاميع الشعرية ومن ذلك مخطوط الربيعي الذي اعتمدت عليه، وقد نال هذا النص المترع بالحكمة شهرة واسعة وجرى تداوله على ألسن الرواة، وقد تأثر به بعض كبار الشعراء وانقسموا في تأثرهم بالنص إلى نوعين تأثر جائز وهم الذين حفظوا حقوق القاضي وأشاروا لذلك في نصوصهم وهذا شائع بين الشعراء يأتي إعجابا بنص الشاعر، وهناك من أعاد صياغة بعض الأبيات ولم يشر للقاضي وهذا تحايل غير جائز وسنتناول ذلك بشيء من التفصيل في الجزء الثاني من المقال بمشيئة الله، وبالنظر في نص الشاعر محمد القاضي الذي بين يدينا نجد أنه يلخص تجربة حياته في أنه ليس هناك صديق صاف لا يشوب إخلاصه شيء ومع ذلك فالصديق لابد منه ليفضي له بما يجتال في داخله ومن ليس له صديق ناصح سيقع في سوء رأيه، ولكنه يحذره من أن يظهر جميع أسراره لكل ناصح فاغلبهم يتقرب للاطلاع فقط على ما يخفى من أسرار وأخطاء يتصيدونها عليه، لذا يجب أن ينتقي من جنسه صديقاً يحبه ويثق فيه ويكون مميزاً بأنه بعيد الغور في حفظه السر ذو علم ومعرفة بمشاكل الحياة، يتحمل أخطاء وهفوات الأصدقاء ودائما يرشد للصواب، وليحرص قدر الاستطاعة في التمسك بالصديق القديم ولو حصل منه خطأ وإن ظهر تعمده وإصراره على الصدود والظلم فليقطع علاقته به، ويحذر من معاشرة الأحمق فهي تذهب العقل وسيطغى جهله على حلمه، وأن لا يتمادى في نصح من لا يستمع للنصيحة فلا جدوى من ذلك، وكل من استغنى برأيه عن الناصحين سيندم ولاشك، كما يؤكد أن الرأي يدرك به مالا يدرك بالسيف، وأن يترفع عن مخاطبة الجاهل مشبها مجادلة الجاهل بالرياح الحارة المؤذية، وينهى عن الكبر الذي يجعل عرض صاحبه عرضة للناس ولو كان كريماً معهم سخياً بعطائه كالمطر، وأن من ينظر لمن هم أعلى منه فلن يجد ساعة سرور وسيشغله ذلك ويبقى مشتتاً لا يدرك شيء، وأن من أقبلت عليه الدنيا فلا يغتر بها فهي تخفي له من فجائعها ومصائبها الكثير، ومن يطلب الدنيا عاشقاً لها فستتنكر له وتدبر عنه، وكذلك من الجهل تطفل المرء على أمر لا يعنيه ومثل ذلك تخليه عن أمر يعنيه، وعليه أن يتمسك بالدين ويتبع الهدي النبوي وأن يرفع نفسه عما يعيبها وأن ينزلها منازل الرفعة والشرف، وان لا يصاحب إلا الرجل الصلب في مواقفه والشجاع الذي فيه حمية وغيره على أصدقائه ويتعامل معهم برفق ولين جانب، وان يتواضع في تعامله مع أهل الفضل ويكون صلفاً قوياً مع أهل الشر ليأخذ حقه وافياً، فلين الجانب مع الرجل اللئيم مدعاة أن يهينك ويتصور نفسه أنه ذو قوة وهيبة، فشجرة العوشز الشوكية وإن كانت عروقها تتغذى على مياه نهر النيل فلن يتغير ثمرها بل سيقوى شوكها وإن كان غصنها لينا أخضر متمايلاً.( يتبع)