أحد أهم المذيعين السعوديين الذين وضعوا بصمة مميزة في سماء الإعلام المرئي فخلال مسيرته التي تجاوزت الثلاثة عقود قدم نفسه بشكل مغاير ليثبت علو كعبه التلفزيوني متصدياً للعديد من البرامج والنشرات الإخبارية. المذيع المخضرم حامد الغامدي الاسم الذي يتذكره المشاهدون جيداً بموهبته وثقافته التي جعلته أهم من قدم برامج المسابقات التلفزيونية في المملكة والخليج، ويشهد له بذلك نجاح برنامجه الشهير "سباق المشاهدين" لأكثر من عشر سنوات محققاً حضوراً منقطع النظير وحاصداً العديد من الجوائز إلى جانب تقدير وثناء المتابعين. عن هذا البرنامج وعن مشواره التلفزيوني ورأيه في مستوى المذيعين الحاليين؛ كان هذا الحوار: * بعد التقاعد أين هو الإعلامي حامد الغامدي؟. -الإعلام مهنة وصاحب المهنة لا يتقاعد، قد أكون تقاعدت إدارياً ووظيفياً لكن عملياً سأبقى مستمراً في ممارسة متاعب هذه المهنة. * هل باستطاعتك مواصلة الركض التلفزيوني كما كنت في السابق؟. -الركض يتطلب لياقة عالية تلاشت مع سنوات العمر لكنني أواصل مشواري بخطى متأنية. * وهل ستواصلك عملك في الإعداد والتقديم؟. -نعم.. وأيضاً في مجال الإنتاج الإعلامي الذي يستهويني. * طوال مسيرة أكثر من 30 عاماً في ميدان التلفزيون ما الذي اكتسبته؟. -اكتسبت مزيداً من العلوم والمعرفة بحكم طبيعة عملنا التي تتطلب البحث عن المعلومة واكتساب التجارب والخبرات. وكذلك اكتسبت فرصة الالتقاء بشخصيات عالمية وعربية وسعودية لطالما كانت أمانينا وطموحاتنا أن نلتقي بهم وجهاً لوجه، إضافة إلى ذلك محبة الجمهور التي زرعها الزمن بيننا وهذا هو المكسب الأكبر. * ألا يزعجك أن يرتبط اسمك باسم برنامج المسابقات الشهير "سباق المشاهدين"؟. -بالعكس يسعدني أن يتذكرني المشاهدون من خلال هذا البرنامج لكنني في الوقت نفسه سأكون أكثر سعادة إذا تذكروا أيضاً برامجي الأخرى مثل "مسرح المسابقات" و"سباق مع الساعة" و"مشوار الثلاثاء" التي استمرت لسنوات عديدة. لكن "سباق المشاهدين" يبقى البرنامج الأكثر شهرة لاستمراره 15 عاماً بالإضافة إلى ظروف إنتاجه التي ساعدت على نجاحه وشهرته. أحمد بدير هدد برفع قضية على البرنامج.. ولا أنسى هذا الموقف لجميل سمّان! * لماذا جعلت نفسك أسيراً لهذا البرنامج؟. -ليس غريباً أن يستمر برنامج تلفزيوني لسنوات طويلة، هناك برامج عالمية عمرها عشرات السنوات بعضها يزيد على 60 عاماً وتبقى سمة خاصة للقناة التي تنتجها، لذلك أنا أؤيد استمرار أي برنامج يحقق نجاحات متتالية. و"سباق المشاهدين" ولله الحمد كان يحقق المركز الأول على المستوى العربي لسنوات عدة في كثير من الاستفتاءات. * ألم تكن هناك ضغوط من قبل المسؤولين في التلفزيون لتجديد البرنامج والبدء بفكرة أخرى مختلفة؟. -كان هناك انقسام: البعض كان يؤيد استمرار البرنامج لسنوات مع تجديده كل عام. وهناك من كان يرى أن البرنامج وصل إلى قمة نجاحه وتوهجه ويفضل أن يتوقف. * هل سترجع الحياة لبرنامج "سباق المشاهدين" من جديد أم أنه سيبقى فقط في الذاكرة؟ -لا أدري.. لديّ عرضان من قناتين تلفزيونيتين وما زلت متردداً في اتخاذ القرار. * ما أبرز الذكريات الحاضرة في ذهنك لهذا البرنامج؟. -هناك قصة طريفة للفنان المصري المعروف أحمد بدير الذي كان متواجداً برفقة الفنان السوري دريد لحام في إحدى الحلقات الأخيرة من البرنامج التي تتجاوز مدتها الساعتين وكان "بدير" يعاني من مرض السكري فيصعب عليه البقاء لمدة طويلة في الأستوديو وبعد مرور نصف الحلقة شاهدته منزعجاً وكان يشير إليّ للإستئذان بالخروج ومن ثم العودة فأعطيته الإشارة وطلبت منه السرعة في العودة لكي لا يلاحظ المشاهدون ذلك وأثناء قيامه وعودته إلى الخلف سقط خلف الديكور مما سبب له جرحاً عميقاً في الساق وحاولت مع ضيفي دريد لحام الاستمرار في الحديث حتى يعود وفعلاً عاد بدون أن يلاحظ المشاهدون ذلك. وبعد نهاية الحلقة شاهدنا آثار الجرح ولكنه طلب أن يقابل وزير الإعلام آنذاك الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي فنسقت مع مكتب معالي الوزير لتلبية رغبة ضيفنا وأثناء اللقاء وبأسلوب كوميدي ليس غريباً على أحمد بدير تفاجأ الوزير وجميع من كان حاضراً في مكتبه بأحمد بدير يقول إنه سيرفع قضية على التلفزيون "مازحاً"، فرحب به الوزير وقال له أبشر "وش يرضيك" قال أرغب بالحج: فأمر معالي الوزير باستضافته مع ضيوف الوزارة في الحج المقبل. * ماهو رأيك فيما يقدم حالياً في القنوات الفضائية من برامج مسابقات؟. -برامج المسابقات غالباً ما تكون "معربة" ولكن يتم تنفيذها بأسلوب إنتاجي هزيل ليتلاءم مع الفكرة الأساسية لذلك تكون النتيجة باهتة أو تائهة. لكن في الجانب الآخر هناك برامج عُرّبتْ ونجحت وهذه محدودة جداً. وهناك بعض الأفكار "الفورمات" العالمية الناجحة ولكن لا يمكن نجاحها لدينا لاختلاف البيئة ونوع الجمهور والثقافة. وعموماً برامج المسابقات من البرامج المشاهدة ولها جمهور واسع ومن كل الأعمار لكن تكاليف إنتاجها باهظة قد لا يمكن إنتاجها في قنوات حكومية أو قنوات ذات دخل محدود. * ماذا عن تجربتك في تقديم نشرات الأخبار؟ وهل كنت تفضل تقديم البرامج على النشرات؟. -نشرات الأخبار تتطلب شخصية جدية وقدرات معينة تستطيع أن تتأقلم مع كل خبر ولذلك لا يمكن لمذيع الأخبار أن يظهر بشخصيته الحقيقية التي يمكن أن نراها وهو يقدم برنامجاً منوعاً أو حوارياً. أما أنا في هذه المرحلة العملية العمرية أفضل برامج المسابقات التي اكتسبتُ من خلالها تجربة لا بأس بها تشجعني على الاستمرار فيها. * من الزميل الذي كنت تشعر بانسجام معه أثناء تقديم النشرة؟. -تربطني علاقات جيدة مع كل الزملاء وكنت أستمتع بالعمل معهم جميعاً لكن الراحل جميل سمّان (رحمه الله) كان إنساناً يثير الفرح ويجلب الابتسامة في الأستوديو وخارجه وفي إحدى المرات كنا على الهواء مباشرة نقدم النشرة الإخبارية وكان يفترض أن يقرأ (رحمه الله) "هناك سفينة بنمية في عرض البحر" لكنه أخطأ وقال "سفينة بدوية" وأنا حينها لم أتمالك نفسي من الضحك وخرجت خارج الأستوديو حتى أسترجع جو الأخبار وأعود، أما هو فكان رحمه الله يبتسم في كل الأوقات ومع كل الأخبار وكان الجمهور يتقبل منه ذلك رحمه الله. * عايشتَ عدة أجيال تلفزيونية أي هذه الأجيال كانت أدواته الإعلامية واللغوية والثقافية أفضل؟. -أنا أتفق مع كثير من الزملاء الذين يرون أن الجيل الذهبي للتلفزيون هو الجيل الذي سبقنا كماجد الشبل وغالب كامل وعبدالرحمن يغمور وبدر كريم وحسين نجار. هؤلاء تعلمنا منهم التفاني والإخلاص في العمل والقدرة على التعامل مع الأدوات الإعلامية والثقافية واللغوية على عكس ما نشاهده في أغلب نشراتنا وبرامجنا حالياً. * إذن أنت تؤكد ما يذهب إليه البعض بأن معايير اختيار المذيعين في الوقت الراهن تدنت؟. -بالتأكيد وأنا أحزن على المعايير التي يتم من خلالها اختيار المذيعين الجدد مع التأكيد على أن هناك وجوهاً جديدة وطاقات شبابية مشرفة وهم عملة نادرة نفخر بهم. * كيف ترى الخطوات التي تقوم بها هيئة الإذاعة والتلفزيون للارتقاء بالقنوات السعودية؟. -الهيئة جاءت على إرث وهم ثقيلين وجاءت في عصر ارتفع فيه سقف تطلعات المشاهدين وتعددت فيه وسائل الاتصال. لكنني متفائل بقدرات الأستاذ عبدالرحمن الهزاع صاحب الخبرة الإدارية والمهنية الممتدة لأكثر من 35 عاماً على قيادة هذه المرحلة للإذاعة والتلفزيون وخصوصاً أنه يملك صلاحيات واسعة بعد هذا التحول، وأتمنى له وللعاملين معه كل التوفيق. حامد الغامدي جميل سمّان (رحمه الله)